بقلم: شاكر فريد حسن
يواجه مجتمعنا العربي في هذه البلاد الكثير من المشاكل والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والطبقية . وهذه المشاكل في الواقع هي نتيجة مباشرة للتطور السياسي والفكري والثقافي والاجتماعي الحاصل في هذا المجتمع ، وكذلك بسبب سياسة القهر والتمييز والاضطهاد القومي التي تمارسها السلطة تجاه جماهيرنا العربية الفلسطينية الباقية في أرضها ووطنها. فقد تزايدت الانحرافات الاجتماعية واستشرت مظاهر العنف وتعاطي المخدرات، وعمت الفوضى ،وانتشر التسيب والفساد والانحلال الخلقي ، وتصاعدت عمليات قتل النساء على خلفية ما يسمى بـ \"شرف العائلة\" ،وانتهكت المؤسسات التعليمية والتربوية واعتدي على معلمي ومديري المدارس ، عدا عن تفاقم البطالة والفقر والجوع والضائقة الاقتصادية الخانقة بين الشرائح والفئات الضعيفة وبين صفوف الشباب العرب.
كما تشهد قرانا وبلداتنا العربية عودة النعرات الطائفية والعائلية والعشائرية وارتباط الفرد بالحمولة والعائلة بشكل متزمت ومتعصب ، وهذا يبدو جلياً في المعارك الانتخابية للسلطات المحلية ،ناهيك عن فقدان مجتمعنا للمناعة السياسية والاجتماعية وتفكك الاواصر والعلاقات الاجتماعية بين الناس ،إذ باتت العلاقات والصداقات قائمة ومبنية على المصلحة والمنفعة الذاتية والشخصية .وأيضاً غاب التكافل الاجتماعي والعمل الطوعي من حياتنا وابتعد ابناء مجتمعنا عن المبادئ والقيم الاخلاقية العظيمة وحب العلم والمعرفة والاغتراف من معين الثقافة . يضاف الى كل ذلك مشاكل السكن في الوسط العربي والازدحام السكاني الكثيف مما يخلق تربة خصبة للانحراف والسلوك الشاذ وغير السوي ، ويشل التطور العمراني والاجتماعي ويدفع بالشباب الى البحث عن حلول اجتماعية بعيدة عن واقع العصر والهروب نحو الايمان بالافكار الغيبية والسلفية .
لقد تغيرت أنماط الحياة الاقتصادية للعائلة العربية فأصبحت تعيش في مجتمع استهلاكي متغير وتقع تحت مؤثرات واغراءات اقتصادية واجتماعية ، في حين أصبحت المرأة شريكة في بناء الأسرة ومشاركة في العملية الانتاجية ولم يعد دورها يقتصر على انجاب الأطفال وتحضير الطعام في المطبخ. ما يعانيه الإنسان العربي الفلسطيني نابع من سياسة السلطة التي لا توفر الميزانيات للتطوير ولا للخرائط الهيكلية للقرى والمدن العربية وتقتنص من مخصصات التأمين الوطني. وازاء هذه المشاكل الاجتماعية المتفاقمة يبرز التحدي ودور المثقفين والمؤسسات والفعاليات والحركات السياسية ، التي ضعف نشاطها التثقيفي وتقلص دورها التعبوي في عملية النهوض والتنوير والتثقيف السياسي والفكري.وذلك يتطلب الأندماج والانغماس في هموم الناس وقضايا الشعب وعذابه اليومي ، والاهتمام أكثر بالمشاكل والقضايا الحادة التي نعاني منها جميعاً ، وطرحها في هيئاتنا الشعبية والتمثيلية وأمام المسؤولين في الوزارات المختلفة . علاوة على تطوير أدواتنا وأساليبنا النضالية وشن المعارك السياسية والاجتماعية والطبقية دفاعاً عن الخبز والمأوى ومن أجل توفير العمل للعاطلين عن العمل ، واحتضان الشباب وتعبئتهم سياسياً وثقافياً وزيادة وعيهم بالمحاضرات والندوات الثقافية والسياسية الهادفة وحمايتهم من الانحراف والانزلاق بدلاً من تسكعهم في الشوارع وارتياد المقاهي وتدخين النرجيلة.
|