كتبت: سحر غريب- خاص الأقباط متحدون
إذا أردت أن تعرف مدى وعي أي أمة، انزل إلى شوارعها، واسأل مواطنيها عن أهم القضايا المطروحة على الساحة، ولأنه لا صوت يعلو فوق صوت المياه، فقد نزلنا إلى الشارع، لنسأل الناس عن مدى وعيهم بما نحن بصدده، من مشكلة تخفيض حصة مصر من المياه.
بدأت بـ "عم زكي محمد" رجل سبعيني، يجلس مستكينًا، على وجهه علامات الزمن، يعمل كهربائي، ألهته لقمة العيش عن نقطة الماء، لا يشاهد التليفزيون، يعمل ليلاً ونهارًا من أجل أن يسد حاجة أطفاله، لا يهتم بالتفاصيل، يكفيه أنه يحيا.
تركت عم "محمد" بشروده ودنيته المُغلقة، واتجهت إلى "ليلى"، وهي مُعلِمة أجيال، في الأربعينات من عُمرها، والتي عرفت عن أزمة المياة من خلال صديقتها التي تتابع الأخبار، وقد أشارت "ليلى" إلي عدم انتظارها لوجود أزمة في المياه حتي تراعي ربنا في المياه التي تصل بيتها الآن.
أما "ميرفت" -ربة منزل- والتي سمعت عن المُشكلة من خلال التلفاز، فلا ترى أن لإسرائيل دخل في تلك الأزمة، ولكنها مجرد شماعة سهلة نُعلِّق عليها جميع مشاكلنا، وأصبحت حجة بايخة لا يصدقها الطفل الصغير من فرط سذاجتها.
أما عم "محمد عبد السميع"، فهو رجل أمن بسيط، في الخمسينات من عُمره، والذي لم يسمع عن المشكلة، ولا يهتم بمشاكل مصر السياسية، ولا يفضل مشاهدة برامج "التوك شو"، ويرى أن النيل هو منحة ربانية مُسلَّم بها، ولا يستطيع أي فرد أن يحرم مصر منها، (هو فيه حد يقدر يعيش من غير مية ياأستاذة؟) -هكذا أنهي كلامه-
أما "أحمد عباس"، وهو شاب في الثلاثينات من عُمره، ويعمل في مطبعة، فيرى أنه من الطبيعي أن تفقد مصر جزءًا كبيرًا من حصتها في مياه النيل، ولا حياة لمَنْ تنادي، ويشبِّه ملف المياه بملف تصدير الغاز لإسرائيل، فبعد الاعتراض الشعبي الكبير، مازال الغاز يُصدَّر لإسرائيل رغمًا عن أنف المواطنين، ورغم أزمات أنابيب البوتاجاز التي يُعاني منها المواطن المصري كثيرًا.
"بلال" في الخامسة عشر من عُمره، لا يجد مشكلة في نقص حصة مصر من المياه، أكد أن شرب العصير والمياه المعدنيه سيحل الأزمة ببساطة، مشكلته فقط في أنه سيأكل طعامه دون أن يُغسل بالمياه الجارية، وهو ما سيُعرضه للكثير من الأمراض.
أما "أماني"، في السابعة والعشرون من عُمرها، والتي تعرفت على مشكلة المياه من خلال الجرائد، تؤكد على وجود أُناس يعتقدون بأن مشكلة المياه ماهي إلا شائعة مُغرضة، الهدف منها بيع زجاجات المياه المعدنيه.
"فوزي وديع"، رجل خمسيني يعمل في مهنة النقاشة، والذي يؤكد على عدم تصديقه لجميع القضايا التي يتم إثارتها في المجتمع المصري، فالحقيقة اليوم هي أكذوبة الغد، وهو ما يجعله يشك في حقيقة أزمة المياه، ويرى أن المُبالغة في عرض المُشكلات جعلت مواطني مصر يُكذِّبون جميع الأخبار التي تصلهم.
وأكد عم "فوزي" على أن أصدق البرامج التي يصدقها في التليفزيون، هي البرامج التي تتفاعل مع الناس وتسألهم وتناقشهم في المستجدات، لأن الشعب أدرى بحاله، وهو الأقدر على عرض مشاكله.
أما "هالة"، في الخامسة عشر من عُمرها، وتعمل بوابة بإحدى العمارات، والتي تتساوى مع بقية بوابي مصر من حيث الإسراف في استخدام المياه، والتي لم تسمع عن مشكلة المياه، حيث أنها لا تهتم بمتابعة البرامج التي تناقش مشاكل مصر، لأن الدنيا من وجهة نظرها (ماتستاهلش)، والتلفاز ما هو إلا وسيلة لعرض المسلسلات والأغاني.
وكما رأينا.. فإن الشعب في وادٍ، والحكومة في وادٍ أخر، والعالم كله في وادٍ أخر، وكلٌ يغني علي ليلاه. |