قلم:سوسن ابراهيم عبد السيد
العلاقة الزوجية فى المسيحية هى علاقة مقدسة و ابدية ,لذلك فالنشوز عنها هو وضع غير مقبول و مرفوض كنسيا و مجتمعيا.و الاصل فى الزواج هو الارتباط المبنى على محبة كل طرف للاخر و محبة الطرفان لرب المجد الذى جمعهما بهذا الرباط المقدس.
و منذ ان صدر حكم المحكمة الادارية العليا بألزام الكنيسة باستخراج تصريح زواج ثانى للمطلق او المطلقة فقد سبقنى الكثيرون فى الكتابة فى هذا الموضوع ,موضوحون و مفسرون بما لا يدع مجالا للنقاش كل جوانب هذا الموضوع .
و لكن ما يشغل ذهن البعض الان هو وضعية الطرف المطلق اذا ما حكمت له المحكمة بالطلاق و لم ترتضى الكنيسة الاعتراف بهذا الحكم و عليه فلن تسمح له بالتصريح الثانى للزواج.البعض يرى ان هذا التشدد من جانب الكنيسة قد يدفع هؤلاء الى الوقوع فى خطية الزنا او يتحول الى ديانة اخرى .لذا كان من الضرورى تفسير معنى كلمة "الزنا"فى المسيحية و كيفية اثباته.
و الزنا يعتبر اكبر خطيئة على الاطلاق,حتى ان رب المجد شبه عبادة البشر لاله غيره بالزنا ليبين بشاعة هذا الجرم.مثال (و كان من هوان زناها أنها نجست الأرض و زنت مع الحجر و مع الشجر (ارميا 3 : 9).
و فى العلاقات البشرية ,و بعيدا عن العبادات فالزنا هو الفعل الجنسى الذى يتم بين الرجل و المرأة برضاء الطرفين خارج اطار الزواج على شرط ان يكون الاثنان متزوجان او احدهما.فى حين انهما اذا كانا فى غير رباط الزواج فتسمى هذه الحالة :سقوط فى شهوة الجسد و لا تسرى عليه احكام الزناة.
و انواع الزنا تنقسم الى اثنين:
زنا فعلى و يتم اثباته بشهادة شاهدين على الاقل ,و زنا حكمى و يندرج تحت هذا الاخير كل ما يثير شبهة حدوث فعل الزنا كمبيت الرجل او المرأة فى غير بيت الزوجية مع اشخاص اغراب و ليسوا من المحارم او مكاتبات خطية كالرسائل العاطفية .و فى عصرنا الحديث وجود رسائل على المحمول بها ما يثبت علاقة غير شرعية او ايميلات عبر الانترنت و كذلك التسجيلات الصوتية و غيرها الكثير.
المشكلة هنا تكمن فى نية الافراد السيئة التى قد تدفع باحدهم للتخلص من شريك حياته عن طريق التدليس او الصاق تهمة به من شانها ان تلوث سمعته بل و قد تجعل الطرف الجانى مجنيا عليه.
و لقد حدث بالفعل ان اراد احد الازواج التخلص من زوجته فأتفق مع مأجور على الذهاب الى شقته فى غيابه بحجة تصليح احد الاجهزة المنزلية ثم حضر فجاءة ليجد هذا الرجل متجردا من ثيابه و بناءا على التمثلية التى احبكا اتقانها ,صرخ الزوج من هول الفضيحة و تجمع الجيران ليثبت على زوجته جريمة الزنا و حرر محضرا بالقسم ثم اصطحب كل تلك الاوراق الى المجلس الاكليريكى الذى حكم له بالتطليق و اجاز له الزواج الثانى بينما اصبحت الزوجة مجرمة فى نظر المجتمع و الكنيسة دون ذنب اقترفته.نعم الكنيسة فى هذه الحالة لا عيب عليها و غير ملامة لان الواقع تفرضه الاوراق المقدمة .لكن ما اردت ان اوصله الى احبائى القراء هى رسالة ارجو تفهمها.فى كل حالات الانفصال يوجد طرفان :طرف مخطئ و طرف لم يرتكب شيئا يحاسب عليه. و بما انه -و على لسان قداسة البابا شنودة فى حديثه لجريدة الاهرام يوم الجمعة 4-6-2010 لا توجد سوى اربعة الالاف حالة من هذه الحالات -فما الذى لا يجعل الطرف المخطئ تحت الرعاية المتواصلة من الكنيسة حتى تستقيم معه الامور عن طريق الارشاد و التوجيه الروحى السليم بدلا من الالقاء به و اعتباره كالوباء او الجرثومة مما قد يدفعه الى ارتكاب ما هو اشنع و افظع فى حق نفسه و فى حق من حوله؟و قد يكون بريئا فعلا .
لقد غفر المسيح للمرأة التى امسكت فى ذات الفعل و لو كان تمسك بحرفية شريعة موسى فى ذلك الوقت لوجب عليه وهو ملك الملوك و رب الارباب ان يرجمها .و لكنه كان دائما يقول لنا:لم أت لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة.مسيحيتنا لسيت بهذا التشدد و قساوة القلب بل ان المسيح نفسه جاء من اجل الخروف الضال و ليس من اجل التسعة و تسعين الموجودين بالحظيرة.اعطانا مثل الابن الضال الذى كان يتنعم بكل ثروات ابيه و مع ذلك فضل الخروج الى العالم و انتهل من مباهجه كل ما هو سئ و قمئ و لكن عند عودته استقبله فاتحا ذراعيه و لم يتشكك فى توبته و قال :"ان السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب".و حتى لا يلتبس على البعض ما اردته قوله و يعتبره مبررا لاعطاء التصريح الثانى للزواج ,لذا فأنا اكرر اننا لا نخالف تعاليم الانجيل فيما يخص الزواج كسر مقدس و لكن كل ما اردت هو التعهد بالرعاية لكل الاطراف حتى المخطئ منهم .
الجهاد الروحى الذى يعقب اى خطية لمحاولة التخلص منها يحتاج الى ارادة الفرد و الارشاد الروحى و لا يوجد انسان سيئا بالفطرة بل ان كل فرد بداخله الجميل و القبيح ,النزعة الى الخير و النزعة الى الشر.و عندما جاء المسيح كان يريد ان الجميع يخلصون و الى معرفة الحق يقبلون .الجميع و ليس الصالح فقط.ليعطنا الله السلام و المحبة التى تضلل كل الاعيب الشيطان و تكسر فخاخه. |