CET 09:57:28 - 06/06/2010

مقالات مختارة

بقلم: حازم عبدالرحمن

أهم ما أظهرته نتائج انتخابات مجلس الشوري هو أن الاحزاب السياسية في مصر أضعف مما ينبغي‏,‏ خاصة الاحزاب التي تمثل تيارات المعارضة‏,‏ ولهذا الضعف أضرار جسيمة علي الحياة السياسية‏.‏ متي يمكن أن تكون لدينا أحزاب معارضة تستطيع أن تتولي السلطة؟ فليس صحيحا أن قوة المعارضة تعني أن الحكومة ستصبح ضعيفة‏.‏

‏(1)
‏أحزاب المعارضة‏,‏ ومختلف التيارات والقوي السياسية‏,‏ والمستقلون جميعا فازوا بأربعة مقاعد فقط في الجولة الأولي لانتخابات الشوري‏,‏ في مقابل‏74‏ مقعدا للحزب الوطني‏,‏ وتجري الإعادة علي‏10‏ مقاعد يوم الثلاثاء‏8‏ يونيو‏.‏ فالوفد لم يفز بأي مقعد‏.‏ وكذلك جماعة الاخوان المسلمين المحظورة لم تفز بالرغم من أنها رشحت‏28‏ والوفد رشح‏10.‏
وعلي الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن وجود تلاعب‏,‏ ومخالفات وضغوط‏,‏ فلا جدال في واقع أن القوي السياسية المعارضة للحزب الحاكم‏,‏ ضعيفة بل إنها هشة وهزيلة فهي تكتفي بالظهور في الفضائيات‏,‏ وعلي صفحات الصحف‏,‏ وبعقد المؤتمرات والندوات ويغيب تماما العمل السياسي بين الناس بقصد تعبئتهم وراء تصور معين‏,‏ لصالح حزب معين‏,‏ والاهتمام بأن يكون في حيازة هؤلاء بطاقات اقتراع لممارسة حق التصويت لاختيار ممثلي هذه القوة أو التيار في أي مجلس نيابي يجري بشأنه انتخاب‏,‏ ولهذا وجدنا الظاهرة التالية‏:‏ فهناك ولا جدال كمية من النقاش والجدال السياسي الكبير في المجتمع‏,‏ وهو يثير ضجة مستمرة لا تهدأ طوال الأيام والليالي‏,‏ لكن في لحظة الجد‏,‏ أي ساعة الاختيار والحسم‏,‏ لم يسفر هذا كله عن أي شيء‏,‏ والحقيقة أن الفوز بالمقاعد الأربعة التي فازت بها احزاب المعارضة له أكثر من تفسير‏,‏ لكننا إذا احسنا النية‏,‏ فإنه يمكن القول انهم فازوا لا لأنهم يمثلون الاحزاب التي ينتمون إلي عضويتها‏,‏ لكن بسبب علاقاتهم الشخصية وقوتهم العائلية والعصبية والقبلية في المنطقة فضلا عن وفرتهم المالية‏.‏

‏(2)‏
المؤسف أن هزال هذه الاحزاب‏,‏ يصيب الحياة السياسية في الصميم إذ يصبح الحزب الحاكم لاعبا وحيدا في المسرح السياسي‏,‏ ولهذا فإن التشريعات والقوانين التي تصدر لا تجد معارضة مؤثرة تستطيع أن تفرض ادخال تعديلات مهمة في هذه التشريعات والقوانين‏.‏ وبسبب هذا الضعف فإن الدور الرقابي المتمثل في الاسئلة وطلبات الاحاطة والاستجوابات لا تجري ممارسته كما يجب إذ أنه ليس من المتصور أن يصر الحزب الحاكم مثلا علي كشف أمور قد تكون محرجة له أو فضح تجاوزات‏.‏ وحتي لو كان الحزب اتخذ مثل هذا الموقف‏,‏ فإن هشاشة المعارضة لا تشجعه علي المضي قدما في طريق المكاشفة‏,‏ ولا يقف الأمر عند هذا الحد‏.‏ بل إننا نجد ان بعض الاجهزة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات لا يجد المساندة الكافية له من داخل مجلس الشعب عندما يناقش مثلا قضايا حساسة مثل الحساب الختامي للميزانية‏.‏
تخيل فقط لو أن في البرلمان‏200‏ عضو معارض‏,‏ واعلنوا تأييدهم لأحد تقارير هذا الجهاز وطلبوا تحقيقا تفصيليا في الوقائع التي يتعرض لها ماذا كان يمكن ان يحدث؟ فالمسألة ليست فقط في قوة التقرير وجرأته بل في التحقيق فيها وكشف ملابساتها وفي الإجراءات التي تترتب عليها بحيث لاتتكرر‏.

‏(3)‏
هل المقصود هو مجرد الكلام؟ المفروض أن تدرك الاحزاب والقوي السياسية أن الكلام جزء من الديمقراطية‏,‏ لكنه جزء فقط وليس كل الديمقراطية إذ انه يجب أن يتحول الكلام إلي إجراءات وبرامج وسياسات تأخذ طريقها إلي التطبيق‏.‏ وهذا هو الذي يجعل حياة الناس تتحول للاحسن‏,‏ سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا‏..‏ الخ‏,‏ ولهذا السبب بالذات يذهب الناس إلي صناديق الاقتراع فالصوت يصبح أداة لتنفيذ وإقامة مشروعات تجعل الحياة أفضل‏.‏ الكلام مهم وحرية التعبير مهمة وحق الاحتجاج والتظاهر والغضب شديدة الأهمية‏.‏ والاضراب والاعتصام للمطالبة بحقوق مادية أو معنوية قضية جوهرية‏.‏
لكن الأهم أن يكون للناس بطاقات اقتراع‏,‏ فهذه هي اداة مكافحة التزوير وتزييف إرادة الناخبين‏.‏ فكلما زاد وزن المعارضة انخفضت احتمالات التلاعب بشدة‏,‏ كيف يمكن أن تزداد قوة أحزاب المعارضة؟ هل نطالب الدولة بأن تتدخل من أجل حل هذه المشكلة المستعصية؟ فنحن نعلم أن من مصلحة الحكومة والمجتمع أن تصبح أحزاب المعارضة قوية‏..‏ فقوتها تعني أن المجتمع قوي‏..‏ وهذه القوة هي التي تمكننا عندما لايعجبنا الحزب الحاكم أن نغيره بحزب آخر‏,‏ وهذه القوة هي التي تتيح إمكانية استقالة أي مسئول عندما تنكشف أي مخالفة ارتكبها‏,‏ أو إهمال أو تقصير‏..‏ المعارضة ضرورية للحكم الرشيد‏,‏ مثل الحكومة‏..‏ وإذا كانت المعارضة قوية فالحكومة تصبح قوية وليس صحيحا أبدا أن قوة المعارضة تخصم من قوة الحكومة بل إنها إضافة لها‏.‏

نقلا عن الأهرام

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع