الاتحاد المصري لحقوق الإنسان يوصي بسرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية
نداء لرئيس الجمهورية.. استعمل صلاحياتك
كتب: ريمون يوسف- خاص الأقباط متحدون
نظمت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان -أمس الأحد- مؤتمرًا صحفيًا بشأن تداعيات حكم الإدارية العليا، والقاضي بإلزام قداسة البابا "شنودة" الثالث، بالتصريح بالزواج الثاني.
تحدث في المؤتمر المستشار "نجيب جبرائيل" رئيس المنظمة، ونيافة الحبر الجليل الأنبا "مرقص" أسقف شبرا الخيمة.
وقد أكد المستشار "نجيب جبرائيل" أن احترام حرية المُعتقدات من الأمور الجوهرية، والتي أقرها الدستور المصري، وكفل ممارستها بالمساواة بين كل طوائف الشعب، كل حسب معتقده ودينه، بصرف النظر عن الجنس أو اللغة أو العِرق، وتدعم ذلك المواثيق الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ولما كان القضاء يشكل ركنًا أساسيًا من سيادة الدولة، لذا ينبغي احترام ما يصدر عنه من أحكام وقرارات، تقديرًا لهيبته، واحترامًا لأحكامه، إلا أنه في ذات الوقت، ولما كان النظام العام في الدولة، والذي قوامه الدستور، والذى يضع الأُطر العامة لما ينبغي أن تتعامل به سلطات الدولة مع الشعب، بما في ذلك السلطة القضائية، وبما لا يخرج عن الأركان الأساسية لهذا النظام، ومن بينها احترام الخصوصية العقائدية لكل ديانة، وعدم التغلغل في خصائصها، بل كفالة ممارستها وحمايتها.
إلا أن المحكمة الإدارية العليا قد فاجأتنا في التاسع والعشرين من شهر مايو الماضي، بإصدارها حكم نهائي يقضي برفض الطعن المُقام من رئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر، وهو قداسة البابا "شنودة" الثالث، على الحكم الصادر ضده بإلزامه بإعطاء تصريح زواج ثان للمطلقين، والذي كان قد صدر من محكمة القضاء الاداري، ورفضت الإدارية العليا كل دفوع ودفاع البابا في هذا الشأن.
مؤكدًا أن هذا الحكم "الخطير، وغير المسبوق" في تاريخ القضاء المصري، قد رتب تداعيات أخرى أهمها:
1- أن هذا الحكم قد تعرَّض -وبصورة غير مسبوقة- للسلطة الدينية الممنوحة لرجال الكنيسة، من صميم ما جاء بالكتاب المقدس، وهو: "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، وهو ما يُعد في رأينا اغتصابًا لحق السلطة الدينية، وإقحام القضاء نفسه رقيبًا على أعمال تدخل في صميم الأعمال الدينية في العقيدة المسيحية.
2- أن هذا الحكم أيضًا قد انتهك الدستور، وخالف أحكام الشريعة الإسلامية نفسها، إذ أن المادة الثانية من الدستور، والتي تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في مصر، قد حسمت أحكام الشريعة الإسلامية القول بترك المسيحيين أن يحكموا بما يدينون به.. "وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله"، أي أن المسيحيين يحتكمون إلى كتابهم المقدس في كل ما يتعلق بأحوالهم الشخصية وشريعتهم الخاصة، وهو: "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، وهو ما أكده أيضًا القانون رقم 462 لسنة 1955م. وإذ خالف هذا الحكم تلك القواعد، فإنه يكون قد انتهك الدستور، وخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
3- أن هذا الحكم أيضًا أوجد صراعًا بين قلة ضئيلة لها مصالح، وأغلبية ساحقة لا ترى في غير الكتاب المقدس بديلاً، بما يؤثر بالتالي على السلام الاجتماعى.
4- أن هذا الحكم حَرَك ألسنة كثيرة لتلوك رمزًا هامًا، وقيادة كنسية كبيرة مثل قداسة البابا "شنودة" الثالث، الذي يحظى باحترام كافة مسيحيي مصر ومسلميها، فرأينا أقلامًا باهتة تارة ترسل إنذارًا لتحذر البابا بحبسه في حالة الامتناع عن تنفيذ هذا الحكم، وتارة أخرى تصفه بالمتصلب، وأنه كدولة داخل دولة.
5- أن هذا الحكم قد أثار حفيظة ملايين الأقباط في الداخل والخارج، وانعكس ذلك في شكل مظاهرات وكتابات، حيث أُصيبوا في أعز ما لديهم، وهي عقيدتهم وكتابهم المقدس، وخلط بين أمورٍ مدنية وأمورٍ دينية وروحية، وأفئت على مشروعية احتكام المسيحيين إلى ديانتهم، بل حاول التفريق بين الأقباط أنفسهم حينما ورد بأسبابه ما يختلف فيه المسيحيون في الرأي، على التصريح بالزواج بسبب التطليق للزنا، والذي يجمع عليه أغلب المسيحيين.
ثم تحدث الأنبا "مرقص" أسقف شبرا الخيمة قائلاً": إن قداسة البابا أعلن يوم الأحد بالإسكندرية، ويوم الاربعاء بالقاهرة، أنه لا يوجد حكم يُلزم أبدًا إنسانًا في الكنيسة أن يخالف الكتاب المقدس، وأن يخالف الإنجيل من أجل أحكام وضعية وضعها بشر، ونحن عندنا وصايا واضحة بخصوص هذا الموضوع؛ أنه "لا طلاق إلا لعلة الزنا".
مؤكدًا أن هذا الموضوع منتهي، لأن الكنيسة منذ تأسيسها لم تخالف الكتاب المقدس، وكانت هناك مجموعة من القوانين كثير منها مخالف للكتاب المقدس، تم الطعن عليها وقت إصدارها، وقام الأنبا "مكاريوس" الثالث في 1942 برفضها، والبابا "كيرلس" السادس عام 1962 قام برفع مذكرة أخرى، وكان رئيس اللجنة وقتها الأنبا "شنودة" أسقف التعليم، والبابا "شنودة" نفسه قدم أربع مرات مشروع قانون للأحوال الشخصية، وهو مُوقَّع من جميع كنائس مصر، لأننا نؤمن بمبدأ في الكتاب المقدس يقول: "أنه ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس"، مهما كانت النتائج، والبابا "شنودة" يعلمنا أن نلتزم بالكتاب المقدس.
ومن ناحية أخرى.. الكتاب يقول: "من فم الكاهن تُطلب الشريعة"، ومَنْ يريد أن يُشرِّع قانونًا كنسيًا، فالذي يُشرِّعه المجمع المقدس المختص بالتشريع، لأن الكتاب المقدس في نصوصه واضح، ولا يقبل الاجتهاد في التفسير؛ لأننا نخضع للكتاب المقدس ولإلهنا يسوع المسيح.
وفي نهاية المؤتمر تم عرض مجموعة من التوصيات وهي:
أولاً: إنه إزاء هذا التدخل الواضح من هذا الحكم في أعمال سلطة الكنيسة الروحية، والشعب القبطي، والذي يربو تعداده على خمسة عشر مليون نسمة، وإزاء اعتبار الكنيسة من مؤسسات الدولة، والذي يرأسها قداسة البابا "شنودة" الثالث، وإزاء هذا التعرض الشديد بين ما صدر وما ينبغي تنفيذه، وهو ما يستحيل معه التنفيذ لتعارضه مع النظام الأساسي للدولة ودستور مصر وشرائعها، وبما للسيد رئيس الجمهورية من صلاحيات دستورية لإنهاء أي نزاع، وأي تدخل من سلطة على أخرى، وضرورة الاحتكام له، فإننا نرى وبحق، أن يستخدم رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية آمرًا بوقف تنفيذ هذا الحكم وقفًا نهائيًا.
ثانيًا: توصي المنظمة وتشدد بذلك، على السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب، والجهات المعنية، بسرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، والذي اجتمعت عليه جميع الطوائف المسيحية، والذى قُدِّمَ أكثر من مرة للسيد وزير العدل، وذلك منعًا لإحراج القضاء، ولعدم تكرار مثل ما حدث مستقبلاً.
ثالثًا: توصي المنظمة أنه إعمالاً للمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 46 من الدستور المصري، على ضرورة احترام الخصوصية الدينية لكافة العقائد، وعدم التدخل في شئونها، وعدم التفريق بين أهل الديانة الواحدة، والعمل على دعم السلام الاجتماعي، والوحدة الوطنية.
رابعًا: تُقدِر المنظمة وبكل احترام، موقف قداسة البابا "شنودة" الثالث، بطريرك الأقباط، لتمسكه بثوابت العقيدة، وتناشد الصحف الصفراء والأقلام الباهتة أن يرفعوا أيديهم عن رمزٍ ديني ووطني، يحظى باحترام جميع فئات الشعب، ويحترم القضاء وأحكامه.
وتعتبر المنظمة أن هذا البيان الصحفي هو وثيقة أطلق عليها المجتمعون: "وثيقة القاهرة"، وسوف تُقدَم إلى السيد رئيس الجمهورية، وإلى السيد رئيس مجلس الشعب، والسيد رئيس مجلس القضاء الأعلى.
وقد اشترك في هذا المؤتمر مجموعة من المنظمات القبطية بالخارج وهم:
1- منظمة أقباط المملكة المتحدة.
2- منظمة الصداقة المصرية الأمريكية.
3- المنظمة المصرية الكندية لحقوق الإنسان.
4- الهيئة القبطية الأسترالية.
5- منظمة شباب أقباط أستراليا.
6- هيئة أقباط النمسا.
7- المنظمة القبطية الهولندية.
8- المنظمة القبطية الفرنسية.
9- منظمة شباب أقباط فرنسا.
10- هيئة أقباط ألمانيا "كيمى".
11- منظمة أقباط الكويت. |