بقلم: مجدي ملاك
الحملة التي تتبناها وزارة الأوقاف والخاصة بمحاربة النقاب داخل المؤسسات الرسمية للدولة هو أمر بالفعل ملفت للنظر، وجدير بالدراسة والتأمل، ويبدو أن وزارة الأوقاف والأزهر بدأت تشعر بخطورة الغزو الذي جاء إلى مصر من دول الخليج والدول المتشيعة مثل إيران فقرروا أن يعملوا على محاربة تلك الظواهر بكل قوة، ولكن السؤال الذي يدور في ذهننا الآن هل يكفي أن تحارب وزارة الأوقاف نقاب الرأس فقط؟، وهل هذا كفيل بأن يحدث ثورة حقيقية في التفكير وفي النظرة إلى الآخر وفي تطور حقيقي، أم اننا نحتاج أكثر من ذلك؟
أعتقد أن المشكلة الأساسية ليست فقط في المظهر ونقاب الرأس، فالنقاب الموضوع في عقول المصريين هو أخطر من ذلك النقاب الشكلي، ومن ثم فحسن أن تبدأ الدولة في محاربة تلك الظواهر الغريبة على مجتمعنا، ولكن يجب أن يصاحب ذلك محاربة ما تحويه العقول من انغلاق فكري يساهم في العديد من المشاكل داخل المجتمع نتيجة لذلك الإنغلاق.
الإعلام أيضاً له دور كبير في ذلك الإنغلاق، فحينما تبث الفضائيات برامج تساهم في كراهية الآخر، وعدم احترام المختلف في الثقافة أو الدين أو الرأي، فهو أمر يساعد على ذلك بشكل كبير، فما تفعله الجزيرة على سبيل المثال هو نموذج لذلك الإنغلاق، فتلك البرامج تحاول أن تصدر لنا أن الاختلاف في الرأي يعني الصوت العالي، وضرورة أن ينتصر رأي على آخر، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة، فهو أيضاً نوع من الإنغلاق الفكري الذي يصب في عقول جيل الشباب الذي يرى ويعتقد أن اتّباع نفس الأسلوب هو تقليد لنماذج كبيرة يراها في الإعلام، ولكن وبكل اسف فهي نماذج ربما تكون كبيرة من حيث الحجم، ولكن من حيث المضمون فهى أصغر من أن تعتبر.
ولا يمكن أن نُخلي مسئولية الأزهر عن ذلك الإنغلاق سواء في الشكل أو المضمون، فكل وعاظ الجوامع الذين يدعون لذلك النقاب هم تابعين لوزارة الأوقاف في الحقيقة، أي أن الوزارة تقوم في الأساس بإفساد المناخ العام ثم تحاول مرة أخرى أن تعالجه، وهي تمثيلية قديمة تلعبها المؤسسات الدينية، فالأولى بوزارة الأوقاف أن تمنع الشيء من المصدر، لا بعد أن يستحفل ويتحول إلى كارثة. |