بقلم : نسيم عبيد عوض
عندما جلس قداسة البابا شنودة الثالث فى 14 نوفمبر 1971 على كرس مار مرقس وجد أمامه تناقضات فى مسألة الأحوال الشخصية على النحو التالى:
1- -لائحة عام 1938
2- القانون رقم 462 الذى أصدرته حكومة الثورة لسنة 1955 والذى يقضى بإلغاء المجالس الملية ونقل إختصاصها للمحكم المدنية العادية.
3- لائحة المجلس الملى العام لسنة 1955 والذى رفضتها محكمة النقض وأصدرت حكما ان لائحة 38 هى المعترف بها أمام الحاكمفقط.
4- قرار المجمع المقدس فى 21/5/1958 بقصر الطلاق على علة الزنا فقط حسب نص ومنطوق الكتاب المقدس.
5- مذكرة قداسة البابا كيرلس السادس لوزير العدل فى 22/10/1962 والتى شرحنا محتوياتها فى المقالة السابقة.
ولذلك قام قداسة البابا شنودة الثالث وبعد أربعة أيام فقط من تنصيبه بطريركا للأقباط الأرثوذكس أى فى 18 نوفمبر 1971 بإصدار قرارين :
الأول: القرار البابوى رقم (7) والمتضمن الآتى بإختصار:
1- عملا بوصية الرب فى الأنجيل المقدس ,لا يجوز التطليق إلا لعلة الزنا, ( مت5: 32و مت19: 11 و
مر10: 11)
2- كل طلاق يحدث لغير العلة الواحدة لا تعترف به الكنيسة المقدسة وتعتبر أن الزواج – الذى حاول هذا الطلاق أن يفصمه – ما زال قائما.
" توقيع البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية"
وفى نفس القرار أوضح ماقد أرساه المجلس الأكليركى ماهو فى حكم الزنا فى 6 أحوال.
الثانى:
وفى نفس اليوم 18/11/1971 صدر القرار البابوى رقم(8) الخاص بعدم زواج المطلقات وجاء فى بنود القرار:
1- لا يجوز زواج المطلقة عملا بوصية السيد المسيح له المجد فى الأنجيل المقدس ( مت5: 32 و مت19: 9 و لو16: 18 و مر10: 12)
2- أما إذا حدث التطليق لسبب زنى الزوج فأن المرأة البريئه من حقها أن تتزوج.
3- لا يجوز لأى من رجال الكهنوت فى كنيستنا المقدسة أن يعقد زواجا لمطلقة. : توقيع قداسة البابا"
وهكذا إستمر الصراع مابين الكنيسة ومحاكم مصر حول مسائل الأحوال الشخصية , فالمحاكم تصدر قراراتها بموجب قوانين لائحة 38 والكنيسة تنقضها وتعارض فيها , فكان لابد من صدور قانون جديد للأحوال الشخصية ليقدم لوزارة العدل والتى بدورها تحيله لمجلس الشعب لأصدار القانون.
وفى 16/6/1978 إجتمع كل من رؤساء الطوائف الكاثوليك و والأنجيليين والكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مقر الأنبا رويس , وقد إتفقوا على وضع مشروع قانون للأحوال الشخصية فى إطار المبادئ التالية:
1- مراعاة مبدأ وحدة الزيجة. 2- عدم الطلاق بالارادة المنفردة. 3- احترام الشكل الدينى للزواج. 4- الإلتزام بشريعة العقد. 5- أنه لا مانع من النص بالنسبة إلى الكاثوليك على تحريم الطلاق وإجازة الإنفصال الجسدى.
وبالفعل تشكلت لجنة الصياغة من 8 من المستشارين والمحامين برآسة المستشار ألفى بقطر حبشى , وتوالت الجلسات والمناقشات حتى تم الإتفاق على مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية مكون من 146 مادة شملت الأبواب التالية:
1- فى الزواج ومايتعلق به: _ الخطبة-أركان الزواج وشروطه. – فى موانع الزواج. – فى إجراءات عقد الزواج. – فى بطلان عقد الزواج. – فى حقوق الزوجين وواجباتهما.
2- فى النفقات: - أحكام عامة. –فى النفقة مابين الزوجين. – النفقة بين الآباء والأبناء ونفقة الأقارب. –
3- فى مايجب على الولد لوالديه وما يجب له عليهما: . – فى السلطة الابوية. – فى الحضانه.
4- فى ثبوت النسب: - فى ثبوت نسب الأولاد المولودين حال قيام الزوجية. – فى ثبوت نسب الاولاد غير الشرعيين. – فى الاقرار بالنسل والأدعاء به.
5- فى إنحلال الزواج: فصل خاص فى المفارقة بين الزوجين الكاثولكيين. , مادتين عن ( فى الجهاز) , 14 مادة عن التبنى. ثم 4 مواد ( أحكام عامة)
وقد غطى هذا القانون كل ماتطلبته الطوائف المختلفة , ففى الطلاق نصت المادة 111 بالنسبة للتطليق للزواج المنعقد أمام الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية ينحل الزواج بالتطليق حسب مواد هذا القانون ولكن بالنسبة للزواج المنعقد بالكنيسة الكاثوليكية فلا ينحل إلا بالموت.( وقد توافق الرآسة الكاثوليكية على إنحلال الزواج لوجود سبب قوى يوجب إنحلاله. )
المادة 112 لا يجوز الطلاق بين المسيحيين بإرادة أحد الزوجين المنفردة ولا باتفاقهما. والمادة 113 نصت على ان يجوز لأى من الزوجين أن يطلب التطليق إذا ترك الزوج الآخر الدين المسيحى – وليس الملة- الى الألحاد أو اى مذهب لا تعترف به الكنائس المسيحية.ونصت المادة 114 على ( أنه يجوز لكل من الزوجين أن يطلب الطلاق بسبب زنى الآخر. )
نحن أمام قانون كامل للأحوال الشخصية وافقت عليه الطوائف المسيحية الثلاثة وأعتمدته وقدمته لوزير العدل فى ذلك الوقت عام 1978 , وهاهى الكنيسة المسيحية تعيش فى هذا الصراع والمشاكل القانونية لمدة 32 عاما لإهمال الدولة فى ان تخرج من أدراجها مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين وترسله لمجلس الشعب لإصداره, وقد طالعتنا الصحف يوم السبت 12/6/2010 بخبر تشكيل وزير العدل للجنة لدراسة قانون الأحوال الشخصية خلال 30 يوم وتقديمة للأعتماد , فهل يتحقق ماقاله الحكيم " أن لكل شيئ تحت السماء وقت , وعموما نحن فى إنتظار صدور هذا القانون الذى إنتظرناه 32 عاما. |