CET 00:00:00 - 14/06/2010

مساحة رأي

بقلم : عاطف نوار
عودة لسفر نشيد الأنشاد .. فكما ذكرنا فى المقال السابق .. أنه سفر شعرى رمزى ملئ بالصور البلاغية التى تجسد الحب العميق بين الله و النفس البشرية  بالإضافة إلى الكنايات الدالة على ذاك العشق الإلهى  للكنيسة المتمثلة فى عروس النشيد إلى الحد الذى تجسد من العذراء و مات من الكنيسة.. فمثلا 

1- "أنا نرجس شارون سوسنة الأودية." كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات "(نش 2: 1-2 ) فالسوسن هو نبات النرجس الذى ينمو طبيعيا دون تدخل بشر و الأودية هى أماكن حجرية و فى هذا كناية عن السيد المسيح الذى جاء بميلاد معجز دون تدخل بشرى إلى عالمنا المتحجر فى الخطية.. و القرآن يشهد بذلك فى (سورة مريم 20) "قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا".. (سورة النساء171) إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ"..

و العهد الجديد أيضا " أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا : لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف ، قبل أن يجتمعا ، وجدت حبلى من الروح القدس (مت1: 18 ) وأيضا (1تي3: 16) "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" .. والكاف هى لتشبيه عروس النشيد بالسوسنة المتواجدة بين الشوك الذى يرمز لشهوات العالم و خطاياه و حيل إبليس اللعين لذلك " حبيبي نزل الى جنته الى خمائل الطيب ليرعى في الجنات ويجمع السوسن( نش6 : 2 ).. كما أكدنا ذلك بتشبيه الكنيسة بأنها عروس المسيح التى بذل نفسه عنها فشبه معلمنا بولس حب الرجل لزوجته كحب المسيح لعروسته الكنيسة " أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة و أسلم نفسه لأجلها (اف 5 : 25) ..

2 -  "اسندوني بأقراص الزبيب أنعشوني بالتفاح فأني مريضة حباً." فهل الزبيت والتفاح يداويان جراحات الحب؟! هذه لا يمكن فهمها سوى رمزياً.. فهى تطلب التناول من السرائر المقدسة التي تفتح عينيها على حبيبها أكثر كسر انتعاش روحي. فالزبيب نحصل على الخمر منه ويشير للدم. والتفاح يشير للجسد .

إن سفر النشيد به من الألفاظ  و العبارات التى تؤكد  قدسيته و طهارته بعيدا عن المعانى الجسدية و الإيماءات الجنسية التى يفتى بها و يتخيلها شيوخ الإسلام عن جهل و سطحية..

3- .."كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين تحت ظله اشتهيت أن اجلس وثمرته حلوة لحلقي" ( نش 2: 3 ).. نلاحظ جميعا تكرار كاف التشيبه .. فالعروس أى النفس البشرية أو الكنيسة تشبه عريسها الذى هو السيد المسيح كتفاح بين شجر وعر .. و شجر الوعر له جاذبية و لكنه بدون ثمر و هنا كناية عن وجود آلهة كثيرة و لكن غير حقيقية و لكن السيد المسيح هو الإله الحقيقى

و قد أكد الحديث ذلك  ففى حديث صحيح ورد فى صحيح  مسلم" قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏والذي نفسي بيده ‏ ‏ليوشكن أن ينزل فيكم ‏ ‏ابن مريم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏‏حكما ‏ ‏مقسطا‏" و أيضا فى صحيح البخارى " عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ‏ ‏ابن مريم ‏ ‏‏حكما ‏ ‏مقسطا" .. و المُقْسِطُ : من أَسماء الله الحسنى (معجم الوسيط ) .. و أيضا من أسماء اللّه الحُسنَى ومعناه العَادِلُ (معجم المحيط).. و أيضا هو من  أَسماء اللّه تعالى الحسنى فالمُقْسِطُ هوالعادِلُ (لسان العرب) .. أى أن المسيح هو الله الديان العادل  الذى تشتهى العروس أن تجلس تحت ظله و تتمتع بثمار روحه القدوس الذى قال عنها معلمنا بولس الرسول " واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان" (غل 5: 22)..

 و هكذا أحبائى .. نرى أن السفر كله تشبيهات و كنايات عن الحب المتبادل بين الرب يسوع المسيح وخليقته المتمثلة فى عروس النشيد .. فالرب غفر لها خطية أبيها آدم و قدم نفسه ذبيحة عوضا عنها  و هى تابت إليه و تاقت للسكنى معه فى سموات مجده .. أين الجنس و إيماءته و ألفاظه التى يتشدق بها شيوخ التلفيق و السطحية ؟...

إنى أتعجب من سطحية أولئك الشيوخ .. فعند قراءة أى كتاب  فإن المعانى و التفسيرات لا تؤخذ منفردة لكل نص على حدة إنما نصوص الكتاب مجتمعة تفسر بعضها و تكشف المعنى المراد منها ... فيبدو أن أصحاب الفضيلة لم يقرأوا نشيد الأناشيد و أنهم سمعوا عنه يالمصادفة و هذا لايليق بأناس تخصصوا فى القراءة و الإضطلاع و التفسير ..

إن سفر النشيد ذاخر بعبارات قاطعة تؤكد العشق الإلهى للكنيسة بعيدة عن أية إيمات و ألفاظ جنسية .. فلا يوجد أحد  يعشق حبيبته جنسيا  و يقول لها" قد سبيت قلبي يا اختي العروس" ( 4 : 9  ).. " قد دخلت جنتي يا اختي العروس " ( 5: 1 ).. ويخاطبها قائلا "  طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بالوية"( 6 : 10 ) .. لايوجد عشيق يجيد الغزل الجنسى يقول لعشيقته " عنقك كبرج داود المبني للاسلحة.الف مجن علق عليه كلها اتراس الجبابرة".  (4: 4 ).. إنها  العروس التى قال عليها السيد المسيح   "وأنا أقول لك أيضا : أنت بطرس ، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي ، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها (مت 16 : 18)... "عنقك كبرج من عاج.عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم.انفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق " (7 : 4 ) "  انت جميلة يا حبيبتي كترصة حسنة كاورشليم مرهبة كجيش بالوية " ( 6 : 4  ) .. بهذا ترى عزيزى القارئ أن كل ما قاله شيوخ الإسلام فيما يتعلق بسفر النشيد قائم على التللفيق كمثل تلميذ فاشل يلفق مسائل الرياضيات باى وسيلة سطحية حتى يصل إلى الإجابات المكتوبة له فى آخر الكتاب .. و للنشيد بقية . 

bolapavly@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق