المصري اليوم - أعد الحوار حمدى دبش |
فى عيد ميلاده الـ٧٧، احتفلت قناة «نايل سينما» بالفنان المصرى الوحيد الذى ينطبق عليه لفظ «عالمى» عمر الشريف، وأجرت معه هذا الحوار المطول الذى تحدث فيه عن تفاصيل مهمة فى حياته ونشأته وأعماله الفنية. ■ كيف تحتفل بعيد ميلادك؟ - كنت قد أخذت عهدا على نفسى وأنا صغير ألا أحتفل بعيد ميلادى بعد بلوغى ٧٥ عاماً، ولكن عندما تجاوزت تلك الفترة لم أستطع تنفيذ ذلك بل بالعكس أنتظر موعد عيد ميلادى بفارغ الصبر حتى أحتفل به مع ابنى طارق وأحفادى الذين أعتبرهم متعتى الوحيدة حاليا. ■ ما الذى منحه لك أحفادك ولم يعطه لك ابنك؟ - ابنى اعطانى الكثير ولكن كنت صغيرا ومشغولا بأشياء أخرى، وعندما يكبر الشخص فى السن لا يجد شيئا يملأ حياته العاطفية فينشغل بأحفاده خاصة شخص مثلى ليس فى حياته حاليا امرأة وغير متزوج. ■ الكثير من الفنانين لا يحبون الاحتفال بعيد ميلادهم مثل الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب.. فما شعورك لحظة الاحتفال بعيد ميلادك؟ - أنا أختلف عن غيرى فانا أحتفل كل عام بقدوم سنة جديدة فى عمرى وأسعى جاهداً لأن تكون أفضل من السابقة فيجب أن نتفاءل أكثر من ذلك، فكبر السن ليس مقلقا، والمهم الصحة، فعندما أدعو لشخص أقول له «ربنا يعطيك الصحة» فلم أقل لأحد «ربنا يطول فى عمرك» لأن العمر دون صحة حاجة صعبة جداً، وأنا بقدر الإمكان أحافظ على صحتى من خلال ممارسة رياضة المشى يومياً لمدة ٤٥ دقيقة. ■ هل كنت تحلم وأنت صغير بما وصلت إليه حالياً؟ - بالتأكيد لا، فحياتى كلها كانت غريبة، فبعد ربنا، أمى لها الفضل فيما وصلت إليه، أنا كنت أول طفل لها وأرهقتها عند ولادتى حيث كانت رأسى كبيرة وأمى كان عمرها ١٩ سنة وقتها، وأخذت عهودا على نفسها أن اكون أجمل وأذكى وأشهر رجل فى العالم. ■ كيف ذلك؟ عندما كان عمرى ١١ عاما زاد وزنى جداً بسبب طبيعة الأكل فى بيتنا، فغضبت أمى منى كثيراً وقالت لى: «أنا مش قادرة أبصلك» فهى كانت صارمة جداً وكانت تضربنى بالشبشب كثيراً عندما أغلط، ولذلك سألت عن دولة بها أسوأ أكل فى العالم فدلها أقاربى على إنجلترا، فقررت أن تسفرنى هناك لاستكمال تعليمى بها وهناك انخفض وزنى وتعلمت الإنجليزية، فضلاً عن أننى تعلمت التمثيل فى مسرح المدرسة التى درست فيها، ووقفت على خشبة مسرحها وأنا عمرى ١٣ سنة، ولولا إصرار أمى على السفر لكنت زدت فى الوزن مثل والدى وعملت معه فى تجارة الأخشاب. ■ معنى كلامك أنك مرتبط بأمك أكثر من والدك؟ - بالفعل أنا كنت أحب أمى جداً فبيتنا كان عبارة عن عصابتين أنا وأمى فرقة وأبى وأختى فرقة أخرى، وكل شىء كان مختلفا بيننا، سواء فى الأكل أو فى أى شى آخر فى الحياة، فكانت أمى مثلاً تحب لعب القمار وأبى يكرهه، فلما بلغت ١٥ سنة أعطتنى أمى فلوس وقالت لى:«روح والعب مع أصحابك»، ولما سألتها:«ليه؟»، قالت:«علشان الناس تقول الواد طالع لأمه». ■ سعدت بنشأتك فى تلك الأسرة ولكن حلمك بأن تكون أسرة مستقرة لم يتحقق؟ - لأن طبيعة عملى جعلتنى فى حالة سفر مستمر، وغير مستقر فى مكان معين وليس لدى بيت أسكن فيه، فكل إقامتى فى الفنادق وأكلى من المطاعم طوال السنة، وأعتبر ذلك هو ثمن الشهرة ومع كل ذلك أحمد الله على ما وصلت إليه حالياً، وليس مهما أن يمتلك الشخص كل شىء، فمعظم أحلامي الحمد لله تحققت وما أقدرش أندم ابدا على أى شى مضى، فالإنسان لما يكون صغير فى السن يجب أن يفكر فى المستقبل ولما يكبر سنه عليه أن ينسى الماضى وأن يستمتع بكل دقيقة يعيشها. ■ هل بالفعل حتى الآن لا تحمل تليفونا محمولا؟ - أنا عمرى ما استخدمت تليفون محمول وليس لدى تليفون منزل لأننى لا أمتلك بيتا والتليفون المحمول مزعج جداً وصوته يقلقنى وأنا أعشق حياة الهدوء، وتنقلى من مكان إلى آخر لم يجعلنى أكون أصدقاء ليتصلوا بى، كما أننى ليس لى علاقة عاطفية مع أى امرأة وابنى أنا الذى أكلمه من فترة إلى أخرى ■ دائما تقول إنك فنان محظوظ. هل ترى الحظ هو الوسيلة للنجاح فى السينما العالمية؟ - بالفعل الحظ هو الأساس فى نجاح الفنان وتأتى بعده كيفية الاستفادة من هذا الحظ فعندما عرض على فيلم «لورانس العرب» بذلت فيه أقصى جهدى ولم أتهاون فى أى مشهد منه، ولذلك حققت نجاحاً كبيرا وليس معنى ذلك أن كل أفلامى جيدة فأنا قدمت أعمالا كثيرة سيئة جداً فى أمريكا لأنه لم يهمنى جمهورهم أما فى مصر أحاول أن أتقن أعمالي حتى لا يغضب منى جمهورى المصرى. ■ «لورانس العرب» للمخرج العالمى «ديفيد لين» كيف اختارك لبطولة فيلمه؟ - دخولى إلى السينما العالمية كان بالحظ وبالتوفيق من عند ربنا فهم كانوا محتاجين لممثل ملامحه عربية فلم يجدوا، فكلف «ديفيد» مساعده بإحضار صور كل الممثلين العرب فى العالم فاختارنى من ألف صورة عرضت عليه ونجحت فى كل الاختبارات بما فيها اللغة الإنجليزية وكان هو أول عمل لى فى هوليوود. ■ هذا عن السينما العالمية أما السينما المصرية فكيف جاءت بدايتك؟ - كانت هناك علاقة صداقة قوية تربطنى بأحمد رمزى وصالح سليم وكنا دائما نسهر معا وفى إحدى المرات كنت فى أحد الكافيهات مع رمزى وجاء لى رجل رفيع هو يوسف شاهين وقال لى: لك عندى دور بطولة فى فيلم «صراع فى الوادى» ولكن بشرط أن توافق عليك فاتن حمامة بطلة العمل، وكانت نجمة كبيرة فى ذلك التوقيت وأن تنجح فى اختبار التصوير. وعندما ذهبت لوكيشن التصوير فى ستوديو جلال دخلت اختبار الصوت وكان مدير الصوت إيطالى الجنسية فقال لشاهين ده ما ينفعش ممثل ابدا ده صوته «زبالة»، ثم بعدها جلست لأستريح فى الكافيتريا ففوجئت بفاتن حمامة تقول لى أنت الممثل الجديد فقلت لها نعم، وقالت: مثل أى مشهد، فقلت فى نفسى أمثل أى مشهد من أعمال شكسبير التى لن تفهمها، وبعد أن مثلت لها مشهدا من مسرحية هاملت قالت لى أنت رائع. ■ ما سبب الهجوم عليك فى أمريكا بعد تقديمك فيلم «فتاة مرحة»؟ - بسبب هذا الفيلم تعرضت لهجمة شرسة من أمريكا ومصر لأن عرض الفيلم صادف نكسة ١٩٦٧ ففى مصر هاجمونى بالعمل مع اليهود خاصة أن الممثلة اليهودية «باربرا سترايسند» شاركتنى الفيلم وكنت أجسد دور يهودى، وكل اليهود فى أمريكا أرسلوا رسائل إلى الشركة اليهودية التى أتعامل معها طالبوها بالاستغناء عن خدماتى بحجة أن الأموال التى أتقاضاها منهم أرسلها إلى الرئيس جمال عبدالناصر ليقتل بها اليهود فتعرضت إلى أزمة كبيرة. ■ لماذا تصر على العمل مع اليهود فى أمريكا؟ - لأن كل من فى السينما الأمريكية يهود سواء كانوا منتجين أو مخرجين أو ممثلين فهم لا يفكرون إلا فى المادة والطمع والجشع مسيطر عليهم فهم لا يصاحبون إلا من يكسبهم أكثر وليس لديهم مبدأ الإخوة مثلنا ولكن الحمد لله تجاوزت تلك الأزمة بسبب علاقتى الجيدة معهم وأنا لا أتحدث فى السياسة ولا الدين كما أنهم أيضا يحاولون تجنب السياسة خلال الجلسات التى تجمعنا خوفاً من غضبى رغم ذلك أنا لم أفكر أبدا فى تغيير جنسيتى فجواز سفرى يحمل حتى الآن الجنسية المصرية ورفضت العديد من جنسيات الدول الأخرى رغم انه يوفر على الضرائب التى أدفعها. ■ وقفت أمام الكثير من نجمات هوليوود.. من التى أعجبتك منهن؟ - الممثلة الوحيدة التى أحببتها هى «افل دينيس» وتمسكت بصداقتها حتى موتها وقدمت معى فيلمين أحدهما قامت فيه بدور أمى والآخر بدور زوجتى فهى أكبر منى سنا وكانت صديقتى جداً رغم أنها كانت تشرب الخمر كثيرا، ورغم صداقتى لكثير ممن يشربون الخمر فإننى لم أشرب معهم فكنت أبتعد أو أتناول أى مشروب آخر واتفقت مع «دينيس» من البداية ألا تصل صداقتنا إلى مرحلة الحب. ■ هل صداقاتك من الممثلات المصريات مستمرة؟ - معظم الممثلات القدامى كن أصدقائى منهن «شادية» التى قدمت معها فيلمين وهى تتمتع بخفة دم ولكن لم أشاهدها منذ ارتدائها الحجاب وكذلك «سعاد حسنى» التى تربت على يدى فى التمثيل وكنا صديقين حتى آخر أيامها وزرتها أكثر من مرة فى إنجلترا أثناء مرضها وكانت سمينة جداً ونصحتها أن تقلل أكلها حتى تعود إلى شكلها الطبيعى وكذلك «تحية كاريوكا» التى كانت تمتعنا بنكتها الحلوة. ■ هل المرأة الكبيرة فى السن هى التى تشد انتباهك؟ أنا دائما أفضل السيدات الناضجات والأكبر منى ولكن حاليا لا أجد من يفوقنى فى العمر والذى يعجبنى فى المرأة هو قوة شخصيتها وأن تمتلك قدراً كبيراً من الذكاء وتكون لبقة فى الحديث، فالجمال من وجهة نظرى بعد فترة سيتعود عليه الشخص وتبقى له الصفات الأخرى. ■ مَن من المطربين يعجبك وهل تغير ذلك بعد سفرك إلى أمريكا؟ - لم أغير ذوقى فى الأغانى منذ كنت صغيرا، فما زلت حتى هذه اللحظة أسمع أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وعبدالمطلب وسيد درويش ولا أعرف شيئا عن المطربين الحاليين ولا أسمع لهم وعندما أشاهدهم على الفضائيات فى كليبات أغير المحطة فورا رغم أننى مودرن، ولكن لم تتعود أذني على لغة الشباب سواء فى مصر أو العالم. ■ ولكن ظهورك مع هيفاء وهبى فى مهرجان «كان» الدولى جعل الجمهور يشك فى وجود علاقة بينكما؟ - لا أعرف شيئا عنها فأثناء صعودى احد السلالم فى المهرجان فوجئت بواحدة تمسك بيدى وتتصور معى وبعد نهاية السلام اختفت تماما وعندما سألت عنها قالوا لى أنها المطربة هيفاء وهبى فلا توجد أى علاقة بينى وبينها. ■ ما الذى شجعك لتقديم الفيلم الفرنسى «إبراهيم وزهور القرآن» والمصرى «حسن ومرقص» رغم تناولهما موضوعين دينيين؟ - هذان العملان حققا رد فعل قويا لدى الجمهور سواء داخل مصر او فى الخارج ففيلم «إبراهيم وزهور القرآن» لاقى استحسانا كبيرا من المهرجانات الدولية وحصل على جائزة من مهرجان «سيزار» والفيلم يتضمن رسالة تقرب البشر من بعض دون النظر إلى الديانة والحد من العنف المنتشر بين الديانات المختلفة، وإبراهيم فى الفيلم رجل مسلم يسكن فى حى كله يهود ويمتلك دكانة بقالة ويعيش فى حاله، ويتبنى طفلاً يهودياً وبعدها يتوفى إبراهيم ويترك له مصحفا ودكانا. ■ وفيلم «حسن ومرقص»؟ - الهدف نفسه كنت أسعى إليه فى «حسن ومرقص» فعندما كلمنى عادل امام عن السيناريو لم أتردد فى الموافقة عليه ولكن لم يعجبنى المشهد الأخير فى الفيلم. ■ لماذا؟ - ليس هناك لزوم لهذا المشهد القاسى الذى يتشاجر فيه المسلمون والمسيحيون ولكن لم أتحدث لان عادل إمام هو البطل وأنا أحبه لأنه أفضل ممثل موجود بعد وفاة عظماء الممثلين، فهو ممثل يقدم أعمالا جريئة فى السينما مما يعرض حياته دائما للخطر، وبالفعل تلقى تهديدات من جهات كثيرة ومع ذلك فهو مستمر فى تقديم الأعمال التى يؤمن بها فضلاً عن أن ابنه هو مخرج الفيلم ففضلت أن أركز فى دورى فقط. ■ بعد ١٦ عاما قضيتها فى الخارج رجعت مرة أخرى واستقررت هنا.. ما أفضل شىء تحبه فى مصر؟ - أنا أحب الشعب المصرى البسيط بكسله.. الشعب المصرى الذى يتأخر عن مواعيده والذى يعشق الكذب ويعيش فى حاله لا يحقد على الأغنياء ويتمتع بخفة دم غلبت على تصرفاته، فانا أشاهد فى الشارع شخصا يمشى لا يوجد به لحم على جسده ومع ذلك مبتسم وأنا أتعمد أن أركب تاكسى من أجل التحدث مع سائقه وأسمع منه روايات حلوة عن الناس الغلابة فسعادتى تكمن بالجلوس معهم. ■ لماذا أنت مقل من أعمالك فى الفترة الأخيرة؟ - لان سنى كبر ولا أستطيع تقديم أدوار بطولة فجمهور السينما معظمه من الشباب، فمن الذى يدخل فيلم بطولته رجل كبير مثلى أما جمهور كبار السن فيفضلون الجلوس فى البيت ويشاهدون السينما من خلال التليفزيون، والشباب عايز يشاهد ممثلين فى نفس سنه ولا توجد أى مشكلة بالنسبة لى فى تقديم دور ثان ولن أتردد عن تقديمها حتى أعيش. ■ ألم تفكر فى كتابة مذكراتك؟ - لا ولن أسمح لاحد بكتابتها وأغضب جداً من تناول قصة حياة شخصية عامة فى مسلسل أو كتاب يباع فى الأسواق، لأن تلك الأعمال لا تتناول الشخص فقط وإنما زوجته وأبناءه وكل أقاربه وأصدقائه وأشخاص آخرين ليس لهم ذنب أن يتم تناول حياتهم الشخصية، كما ان هناك اشياء كثيرة فى حياتى لا احب الناس أن تعرف عنها شئ. ■ ولكن البعض قال إن مسلسل «حنان وحنين» الذى قدمته العام قبل الماضى يتناول حياتك الشخصية؟ - الشخصية بالفعل هى شخصية عمر الشريف ولكن جزء من حياتى وكل الشخصيات الأخرى فى العمل غير حقيقية فهى من خيال المؤلف و«حنان وحنين» هو أول وآخر مسلسل لى فى التليفزيون لان عشقى للسينما اكثر وقدمت هذا المسلسل لأعبر عن أشياء بداخلى وهى أننى عندما أكون فى الخارج أشتاق كثيرا إلى مصر، وأتمنى الرجوع إليها بسرعة كما أننى سعيت أن اقدمه لكى يشاهدنى جمهور التليفزيون فى رمضان ومع ذلك ندمت على المسلسل وأخطأت فى تقديمه لأنه كان ناعما جدا وغير مناسب للذوق العام. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت | عدد التعليقات: ١ تعليق |