CET 00:00:00 - 14/06/2010

مساحة رأي

بقلم: نادية كاظم
وراء كل عظيم امرأه، كلام جميل في ظاهره، خبيث في باطنه. قاله الرجل بدهاء، وصفقت له المرأه بنقاء،  أقنعها الرجل إن مكانها الظل، فهي القارورة التي لا تصلح لشئ الإ لأن تكون سيدة منزلها، خادمة لبعلها وعيالها، فارتضت من العلم النزر القليل، وربما حُرمت منه تمامًا؛ لينهل هو من بحر العلوم بلا إرتواء، فبرز في الطب، والأدب، والكيمياء، والفضاء، والسياسة، والتجارة، وغزا الأرض والسماء، وظلت هي ظمأى قابعة في ظلام الجهل،  ينظر إليها الرجل خلسة، تارةً بعين الشفقة، وأخرى بعين الإزدراء؛ ليعلن لها نفاقًا وظلمًا إن فوزها الحقيقي أن تكون وراءه على الدوام، فهذا هو سر عظمتها. وتنظر إليه نظرة اعجاب وانبهار، وتقتنع تمامًا بإنه الجنس الأقوى والأذكى، وربما أحست نحوه بنوع من الحسد المكبوت فتعاتب الله سرًا: لِما خلقتني يا إلهي امرأه؟ رغم اعتزازها الكبير بأنوثتها، ويقينها التام بإنها ليست أقل منه الإ كونها قد حُرمت من كل شي، واتخم هو في كل شي.
لو ألقينا نظرةً على موقع المرأة في المجتمع العربي القديم، لوجدناها مساوية للرجل تمامًا إن لم تبزّه في كثير من المواقع، ففي ملحمة "كلكامش" نتعرف على المرأة الإله، فأم "كلكامش" إلهة الحكمة، و"عشتار" إلهة الجنس والخصب. وتمارس المرأة أعمالاً لا تستطيع حتى المجاهرة بها في وقتنا الحاضر، كإدارة حانات بيع الخمور، وما إلى ذلك من أعمال هي في وقتنا الحاضر قصرًا على الرجال فقط. وكانت طلباتها أوامر في تلك الملحمة الخالدة، فـ"عشتار" تطلب المستحيل ووالدها يرجوها بحرارة، ولكنه يستجيب لطلبها فينفذ لها طلبها رغم استحالته.

كانت المرأة قديمًا حاضرة بفكرها وإبداعها في كل مجالات الحياة، فالمجتمع لا ينظر إليها نظرة دونية (ناقصة عقل ودين)، أو وعاءا جنسيًا يُستبدل بآخر إن أصابه العُطل أو إن انتهت مدة صلاحيته، بل هي الكل والرجل النصف، فهي التي تلد وتربي وتحنوعلى الرجل أو تعاقبه، وهي التي تسعى في الأرض كي تعيل الأبناء، فتسافر وتتاجر وتنثر الشعر جواهر. والرجل يسشيرها في الصغيرة والكبيرة، فما بالها الآن أصبحت اُلعوبة بيد الرجل يوجهها كيف يشاء، فترتضي منه ذلك كون ما يقوم به هو عرف اجتماعي أو شرع ديني، وهو في حقيقته اعلان صريح عن أنانية معدومة الضمير، كزواج الرجل من أخرى، أو طلاقه لزوجته دون مبرر حقيقي، أو هجرها في فراش الزوجية، أو نشوزها، وأحكام قاسية لا يقتنع بها حتى الطفل الغرير، كل ذلك ارضاءًا لنزوات الرجل ونرجسيته التي تقتل المشاعر الإنسانية الرائعة التي وهبها الله للمرأة.

لو ألقينا نظرة أخرى على مسألة الحجاب في الإسلام، وتبصرنا فيه قليلاً، لوجدنا إن الرجل كان يضع على رأسه العمامة، ويلبس العباءة أو الجلباب، وما إلى ذلك من ملابس توحي بالحشمة والوقار، ولم يخرج الرجل محسور الرأس الإ في المهمات الشديدة، أو وقت أداء فريضة الصلاة، وكانت المرأة سافرة إلى أن نزلت آية الحجاب، فلماذا انقلب الحال في وقتنا الحاضر، وأصبح الرجل محسور الرأس رغم صلعه في معظم الأحيان؟ وأصبحت المرأة مغطاة الرأس رغم غزارة شعرها في معظم الأحيان أيضًا، والذي يعتبر بحد ذاته نوعًا من الحجاب الطبيعي؟

تتعرض المرأة المحجبة للعنف في الغرب إلى درجة تصل الى القتل في المحاكم، ويُبصق في وجهها وتُسب علنًا، وعندما تشكو لولي أمرها أو للشيخ يصبرها هو الآخر بالجنة، فلماذا تكون الجنة فقط من نصيب المرأة فيحرم منها الرجل؟ ولمَ لا يكون الرسول أسوة حسنة للرجل المسلم فيلبس العمامة والجلباب، ويضع العباءة على كتفيه أو رأسه فيحمي جسده من برد أوربا أولاً،   ولسان الأوربيين ثانيًا، الذين ينتقدون ظلم الإسلام للمرأة كونه اختصها بلباس يكون اعلانًا لهويتها الإسلامية وحرر الرجل من هذا الإلتزام الثقيل؟ أو ليساند الرجل المرأة في محنتها العصيبة، ولينل من الأجرأضعافًا بسبب تحمله الإضطهاد الناتج عن التمسك بالدين، فيؤازرها ويشد من عزيمتها في مواجهة مجتمع يرفضها لملابسها التي تعلن عن هويتها الإسلامية، فيثبت لها إنها ليست الوحيدة التي تعاني من ظلم المجتمع؛ لأنه هو أيضًا يعاني ويصبر إحتسابًا لأجر الآخرة، ومرضاة الله، ولكي تتبدل نظرة الغرب للإسلام بإضطهاد المرأة عندما يرى الرجل ملتزمًا بالزي الإسلامي، يمسك بيد زوجته بإعتزاز وتقدير لا أن يسير أمامها كأنه هارب من شيطان يلاحقه، كونه لا يجاهر بهويته الإسلامية بالتزامة هو بالزي الأوربي، بينما تجاهر هي بذلك بدافع من الأهل أو الزوج الذي لا يهمه معاناة الزوجة بقدر ما يهمه إرضاء المعارف والأقارب، معرضةً نفسها للمخاطر،علمًا بأن الأوربي عندما يعتنق الإسلام يرتدي العمامة والدشداشة البيضاء والسروال، ويسير بجانب زوجته المنقبة، والتي تغطي العباءة جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها، يسيران جنبًا إلى جنب،  وبخطى مطمئنة ثابتة، متحدين نظرات المتطفلين أو إنتقادات المستهزئين. فلماذا أصر هذا الإنسان الأوربي على الإقتداء بالنبي والصحابة في حين اختلق الشرقي المسلم ألف عذر ليلقي بالحمل كله على كتف الإبنة والزوجة المسكينة التي أثقلتها هموم الغربة وتحمل مسؤولية الأبناء؟!!

هنالك هموم لا تستطيع المرأه البوح بها، وتظل تتجرع مرارتها بصمت، وتبوح بها أحيانًا عند فيضان نهر الأحاسيس بصورة غناء يتخلله ناي حزين، إنه البوح الدفين المُعلن الذى لا تستطيع أن تحلل حروفه ولكنك تفهمه لأنه يخترق وجدانك فتنصت له وتتناغم معه بصمت أخاّذ. احدى هذه الهموم الدفينة القاتلة هي زواج الرجل من أخرى كونها الأكثر جمالاً وشبابًا ودلالاً، وهذا يحدث في فترة سن اليأس غالبًا، فرغم فارق السن الشاسع بين المرأة وزوجها، والذي ربما تكون المرأة في سن عمر ابنته إن لم يكن أقل، رغم فارق السن الكبير هذا ترى الرجل لا يفتر عن تحقيق حلمه بالزوجة الثانية، وإن كان ميسور الحال فالثالثة أو الرابعة، والإ فالطلاق هو الحل إن كان شبقا وساءلته نرجسيته المفرطة: هل من مزيد؟ تُرى ماذا يكون شعور المرأة إن ألغي الرجل عن كاهله كل مسئولية تجاه مشاعرها واحتياجاتها العاطفية والإنسانية، وهي القارورة الرقيقة، والريحانة التي تذبل من مجرد نظرات الآخرين؟ هل تبقى تمثل دور الأم والجدة وتقتل الأنثى في داخلها؟ أم تعيش على ذكريات رجل سقاها الشهد سنوات طويلة، لتكون الرشفة الأخيرة السم الزعاف؟
تكون الإجابة السهلة في مثل هذه الحالة الطلاق، حسنًا وماذا بعد الطلاق، زواج آخر؟ كيف ستواجه الأبناء والأحفاد وهي لا تملك جزءًا يسيرًا من صلافة الزوج وطغيانه؟ أتكتفي بالصوم والصلاة وتربية الأحفاد؟  والروح، تلك الواحة الخضراء ألا تحتاج من يرويها ويحميها كي لا يقتلها الضمأ ولا تجتاحها الأعاصير؟ إن جاهرت المرأة بنيل حقوقها رُجمت، وإن صمتت خُذلت، وسيبقى حالها على ما هي عليه إن لم تطالب بقوة بوقف كل القوانين الجائرة التي وقفت في طريقها ومنعتها من التقدم إلى الأمام؛ أسوة بنساء العالم المتحضر، تقبع في مجتمعاتنا الظالمة ملايين المطلقات والأرامل، يعشن تحت خط الفقر، يعانين الأمرّين، ظلم الدين والأعراف والتقاليد. وظلم الحكومات المستبدة الجائرة.

والحل هو في حكومات علمانية، وقانون شمولي عادل لا يفرّق بين المرأة والرجل، أو بين المسلم والكافر، كل المواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. ونبذ كل ما خلفته الأديان والمجتمعات الرجعية من ظلم وتهميش للمرأة في الحياة العامة والخاصة، وسن قوانين جديدة تحمي كافة شرائح المجتمع صغارًا وكبارًا ، نساءًا ورجالاً من ظلم القوانين الرجعية الجائرة التي قتلت إنسانيتنا وأعمت بصيرتنا، فنظرنا إلى واقعنا المقلوب بأنه الكمال بعينه!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق