CET 00:00:00 - 19/04/2009

مساحة رأي

بقلم: ماهر ميشيل
تصدر يومياً أعداداً كبيرة من الصحف والمجلات، وكل صحيفة بها الكثير من المقالات والأخبار تُكتب بواسطة جيش من الكُتّاب والمحررين الصحفيين، البعض منها مُسالم والآخر مُهاجم، البعض منها سياسي والآخر اجتماعي، أشكال متعددة من الكتابة تُطرح يومياً على الساحة والقارئ يختار تبعاً لميوله، الكُتاب كثيرين والإصدارات المختلفة التي تصدر عنهم أكثر.
لكن ما قيمة مقالة تُكتب اليوم ويقرأها عدداً من الناس كبيراً أم صغيراً، ويعلق عليها البعض بالمدح في الكاتب وفي الموضوع أو بالذم والإختلاف معه، ثم تُلقى هذه المقالة في أرشيف المواقع على الإنترنت أو أرشيف الجريدة أو المجلة وتصبح ماضي يُنسى بعد انتهاء اليوم أو الأسبوع الصادر فيه الجريدة؟؟

هل ما تقوم به كل هذه الأقلام من مجهودات وإبداعات ودراسات، يذهب سُدى؟ لا يؤثر التأثير المرجو منها؟ أم أن لهذه الأقلام منفعة وتأثير مباشر أم غير مباشر؟
بكل تأكيد يوجد تأثير من هذه الأقلام، لكن التغيير عملية شاقة يمكن أن تأخذ سنوات حتى يتم تغيير فكرة واحدة في ثقافة عاشت سنوات في عقولنا، ولكي يحدث تغيير لا بد من الطرق بمطرقة "الكلمة" سواء المنطوقة أو المكتوبة.
والكلمة المكتوبة لها فاعلية أكبر من المنطوقة لسهولة حفظها وتداولها ومراجعتها، فقراءة مقالة أو كتاب أكثر تأثيراً وانتشاراً من إلقاء محاضرة، فالأقلام هي أداة ساحرة ومغيرة في كيان وعقول أي أمة تبغي التقدم والرقي.
فالقلم هو "آلة هدم" يهدم الأفكار العتيقة البالية التي تضر بالفرد والمجتمع، وتهدم الفساد والمحسوبية والتعصب وإهدار الكرامة وسلب الحقوق، هو آلة مهمة جداً لهدم الرجعية والتخلف ونقد الذات ونقض الشر.

وهو أيضاً –القلم– "آلة بناء" بعد ما هدم العتيق والقديم والفكر الرجعي، يبني مكانه فكراً جديداً من العدالة وحقوق الإنسان ومن الصلاح والمساواة بين البشر باختلاف أجناسهم وأديانهم واحترام وقبول الآخر رغم الإختلاف وفكرة المواطنة، إلى آخر ما يحتاج إليه مجتمعنا من مبادئ وقيم فقدها مع الزمن.
أيضاً القلم "كالمصباح" ينير الطريق أمام الآخرين، فقد يكون الضوء ضعيف وخافت ولا أحد يلتفت لمصدر هذا الضوء، لكن بدونه يصير الظلام حالك.. فلكي تنجلي الظلمة لا بد من وجود "نور" يبيد هذه الظلمة ويحل محلها، فالكلمة المكتوبة "نور" ومصباح تنير العقول المظلمة التي تحكم فيها هذا الظلام لسنوات وسنوات.

والقلم أيضاً "حجارة" تلقى في المياه الراكدة، فتصنع حراكاً لهذه المياة التي نما العشب عليها وتعكرت من عدم الحركة لفترات طويلة، فتلقى حجارة "القلم" في هذه المياه القديمة لتحركها وتحولها من مياة راكدة متعكرة لمياه جارية صالحة، فتغير سياسات وعادات وتقاليد عفا عليها الزمن، وأصبحت من البديهيات وجزء من الواقع المعاش يومياً في حياتنا.
أيضاً القلم "أداة حادة" لقطع وتنقية الأفرع الغير صالحة في الشجرة، لتأتي بثمارها المرجوة منها، فالأفرع المريضة في الشجرة إن لم تُقطع ستؤثر على الشجرة كلها وتجعلها شجرة لا تصلح لشيء إلا للقطع والإلقاء في النار، فالتنقية والتقليم عملية مهمة لكل شجرة لكي تأتي بثمرها بالكم والنوعية المرجوة منها

وأخيرا يمكننا تشبه القلم بـ "حبة القمح" التي تُزرع وتُدفن في التربة –تصبح غير مرئية- وبعدما ترتوي بالمياة في تربة صالحة وجو صالح، وبعد مرور الوقت المحدد للإثمار تثمر ثمراً مشبعاً للبشرية، فقد تكتب الأقلام الكثير من الكتابات وتُدفن وتُنسى هذه الكتابات، لكنها لم تمت لكنها زُرعت لتثمر ثمارها في أوانه.
عزيزي "الكاتب" رسالتي إليك أن لا تستهين بما تمتلكه فـ "قلمك" هو أداة مغيرة للعقول، وللسياسات، وللعادات، وللمجتمعات، وإن ما تكتبه لن يموت مهما مر عليه زمن لكنه مزروع ليأتي بثمره في أوانه، فقد ترى هذا الثمر في حياتك ، وقد يراه أبنائك أو حتى أحفادك، فلا تفشل ولا تستعجل الثمار، ولا تكل بل دائماً "خلّي القلم صاحي".

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق