CET 00:00:00 - 16/06/2010

مساحة رأي

 بقلم: شريف منصور
متعني الله بنعمة البُعد عن وسائل الإعلام المصرية منذ فترة طويلة. و متعني الله بالبُعد عن مضيعة الوقت في أمور تافهة، ومتعني الله بعدم سماع تفاهات مسئولي النظام المصري و غباء مفكرين النظام وسطحية وديكتاتورية غالبية رجال الدين المصريين معتادي الظهور في وسائل الإعلام المصرية.

ولأجل حظي السيئ  تعثرت في عدة برامج متتالية عند زيارتي لقريب لي يملك جهاز استقبال لكل المحطات الفضائية العربية بما فيها محطات مصر. وأمام إصرار القريب علي أن استمع لما يدور في وسائل الأعلام عن رأي السادة المذيعين و ضيوفهم الرابضين  علي أنفاس مصر وشعبها حول  إرغام الكنيسة بتزويج المطلقين عن طريق حكم قضائي اقل ما يوصف به هذا الحكم أنه حكم عادلته عمياء القلب و عمياء البصيرة و عمياء حتى عن الذكاء الفطري.

ولكن لم يثيرني الحكم علي قدر ما أثارني مقدمي هذه البرامج التافهة و ضيوفهم. وكيف يتكلم الضيوف مسترسلين كمن أصيب بإسهال من مفعول الدوسنتاريا الدماغية.  واحد يؤيد و الثاني يعارض وفي لحظة تجد المعارض أصبح مؤيد و المؤيد معارض حول نفس النقطة المطروحة. و في لحظة نجد المذيع او المذيعة يتكلم في موضوع مختلف تماما ولا صلة له بالموضوع من أساسة. و كل همهم هو إيجاد نقاط مثيرة تخرج بالمشاهد من حوار به شبة من التحضر إلي مناقشات غبية. لان النقاش الحضاري ممل ولا يثير المشاهد المتعطش لرؤية المنازلات الغبية الممتلئة بألفاظ غير لائقة . المهم الاثارة و المبارزة الكلامية بين محترفي المبارزات التلفزيونية الكلامية . 

ترك الجميع لب الموضوع و راحوا يتكلمون عن مشاريع القوانين و عن اعتراض المعترضين و بديكتاتورية وغرور يملون علي الله تغيير ما رتبه لأولاده المؤمنين، و أن كان هذا وبكل تأكيد ليس من شأنهم ولا من حقهم ولكن من كبريائهم ومن غرور الدهماء فيهم وهم أنصاف مثقفين تخيلوا أن ما قرره الله يسقط بكل سهولة أمام حكم محكمة.

وتدور الدوائر لتعود لمهاجمة قداسة البابا شنودة الثالث وكأن المذيعين و الضيوف جمعتهم وسائل الأعلام للهجوم علي شخص قداسة البابا. ترك الجميع المسبب و راحوا يفلسفون رد البابا و المجمع المقدس وكأنهم أعداء للعشب المصري و للأقباط راغبي الزواج للمرة الثانية.

أنني أعتبر نفسي من اكبر أنصار الدولة المدنية العلمانية ومن أنصار حرية العقيدة ومن أنصار الحرية الشخصية. و كما نعرف أن أي كيان غير أنساني يملك صفة في القانون ما يسمي بالشخصية الاعتبارية. و لكل شخصية اعتبارية الحق في تنظيم لوائحها و طريقة الالتحاق بهذا الكيان كحسب ما يتراي لمؤسسيها طالما لا يوجد في تلك هذه اللوائح ما يخالف القوانين العامة. و كما تعلمنا من البحث أن معظم القوانين المنظمة للعمل علي سبيل المثال  تعد كحد أدنى لحقوق العاملين و أيضا في القوانين المنظمة لبورصة الأوراق المالية ما يسمي بالحد الأدنى لحقوق المستثمرين. ولكن هل يوجد قوانين تقنن الحد الأدنى لحق شعب بأكمله من استخدام حقه في تنظيم علاقات الزواج كحسب تعاليم عقيدتهم. بالطبع لا توجد قوانين مدنية تغير من قواعد أي عقيدة ولكن قد يوجد قوانين تخاطب من يخرج عن قواعد العقائد بطريقة يقبلها المشرع المدني ولكنها لا تكون ملزمة للهيئة الدينية .

فمثلا ان حكمت المحكمة بتطليق شخص ما مدنيا فهذا لا يعني أنه في حكم المطلق أمام الكنيسة او مطلق كحسب الشريعة التي تتبعها الكنيسة. فأذن الحكم بالتطليق هو حكم مدني يتعامل في الأمور المدنية فقط. و بالتالي المطلق مدنيا لا يجوز له ان يعتبر مطلقا في نظر الهيئة الدينية لانه او لانها لم يستوفوا شروط الطلاق في الكنيسة او لايجوز لهم الزواج مرة اخري في الكنيسة لانهم مازالوا متزوجين في نظر الكنيسة. فكيف تسمح الكنيسة لشخص أن يتزوج مرة أخري و هو في نظرها متزوج ؟ و بما أن العقيدة المسيحية محافظة  علي الأصول و الأنساب اكثر من عقائد تدعي هذا مجرد ادعاء فيما يسمي بالمحارم

علي سبيل المثال وليس علي سبيل الحصر، هل توافق المحكمة نفسها علي طلب يقدمه قبطي مطالبا عدم تطبيق قوانين الوراثة الإسلامية علي المسيحيين أو هل ستسمح نفس المحكمة للمسيحيين باستخدام حقهم في التبني ؟ أليست هذه حرية شخصية أيضا ؟ لماذا تتوقف المحكمة عندما يتعلق الأمر بأمور تتعارض مع عقيدة الأغلبية و تتحرك عند أمور تتعلق بالأقلية ؟  من حق الإنسان أن يتزوج حسب عقيدته و يلتزم بقواعد هذه الشريعة و من حق الإنسان أيضا أن يختار عقيدته و له مطلق الحق في الانضمام لعقيدة معينة و من حقه أيضا أن لا يتبع أي عقيدة وبهذا يلجأ إلي القوانين المدنية لتنظيم أمور الزواج. ولكن وبما أن عند إصدار أي عقد من العقود في مصر تذكر فيه خانة الديانة سواء كان عقد تمليك أو أيجار أو استخدام أو توظيف فأذن قوانين الدولة قوانين متأثرة بقواعد الديانات و ألا ما ذكرت الديانة في كافة العقود.

ويحضرني هنا مثال بسيط جدا بمناسبة كأس العالم للكرة، هل تستطيع المحكمة الإدارية العليا أن تغير قواعد لعبة كرة القدم و التي تضعها ألفيفا. هل تستطيع المحكمة الادارية العليا أن تغيير عدد لاعبي فريق كرة القدم من 11 لاعب إلي 12 أو العكس و جعلهم 10 لاعبين او فرض قرار بأن حراس المرمي لابد وو ان يكونوا مثلا من النساء، وليس أي أمرآة بل لابد أن تكون أمرآة عذراء بحد سن 20 سنة ؟ أن كان هذا يعد من رابع المستحيلات فهل يعقل أن تفرض محكمة حكم شاذ وبكل هذا الغباء علي كيان يستمد نظامه من تعاليم الله ؟..... عجبي

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق