CET 00:00:00 - 16/06/2010

مساحة رأي

بقلم: نشأت المصري
صديقنا منصف ابن مزارع كبير في قريتنا إنسان مهذب مدلل يبحث عن الحق ويدونه ويعمل به منظومة في الحق ويسميها حقوق الإنسان , أخذ من كل تشريع ما يناسب الدفاع عن المظلومين, وتمادى به الحال حتى أنه وضع ضمن منظومته كتاب يدافع عن حق المجرمين والمخالفين للقانون والأعراف والعقائد الدينية.

وذاع صيت منصف في كل مكان فكان الكبير قبل الصغير يحترمه ويبجله ويطلقون عليه رجل الحق, ولكن تماديه في الحق ليدافع عن حق المجرمين والمخالفين القانون كان يزعج والد منصف لأنه كان رجل حكيم يحترم الصواب والعقاب, ولكنه لم يكن له الحيلة أو الوسيلة لرد منصف من الدفاع عن المجرمين.

وفي يوم من الأيام ذهب منصف إلى السوق فأعجب بجحش صغير جميل المنظر متناسق القوام ذكي ورشيق, فأصر منصف على شراء الحمار, ومن شدة تعلقه بهذا الحمار, فتح كتاب جديد في منظومته وأسماه حق الحمار.

فأحضر منصف مقص كبير وأحضر الحمار في وسط  جمهور القرية وألقى منصف خطاباً كبيراً على أهل القرية بعنوان قضية حقوق الحمير, ولكن كلامه هذه المرة تجاوز الحدود فلم يلتفت إليه أحد من سكان القرية لأنهم ببساطة يستعملون الحمير في السخرة أي أعمال الجر والشيل وغيرها من الأعمال القاسية والتي تختص بها الحمير دون سواها من حيوانات المزرعة.

ولكن منصف تصلف وقطع بالمقص قيود الحمار وأعطاه مساحة لا بأس بها من الحرية, ورفع عن جحشه كل وسائل السخرة والعبودية, وأطلق الحمار بدون رقيب أو محاسب, فسكت الجمع ووالد منصف خوفاً على مشاعر منصف صاحب منظومة حقوق الحمير.

وما أن دخل الحمار الحظيرة يأخذ نصيبه من الأكل ويسطو على أنصبة باقي حيوانات المزرعة, فكان الحمار يجد نصيبه من الركل والنطح من حيوانات المزرعة الأخرى, وعندما تتقدم الحيوانات للشرب يذهب الحمار ويعكر الماء أمام باقي الحيوانات, ومنصف كما هو يرعى حقوق الحمار ولا يوجه له ملامة, أو عقاب.

فتربى الحمار على انتهاك حرية كل من حوله, ولكن قانون منصف لحقوق الحمير فقط, دون باقي حيوانات المزرعة.

ولغياب الرقيب ولغياب العقاب ولغياب القانون الذي ينظم العلاقة بين الحمير وباقي حيوانات المزرعة ,, تمادى الحمار أكثر فأكثر وتعلم العض والرفس والقتال, فارتعبت كل حيوانات المزرعة منه حتى أصبح مصدر خطر حقيقي في الحظيرة, حتى أصبح الحمار هو الحاكم والآمر والناهي في الحظيرة يأكل حسبما يشاء ويشرب كيفما يشاء ولا يقدر عليه أي فرد من حيوانات المزرعة لأنه كان يرعبهم بعضته ورفسته المؤذية, والويل كل الويل لمن يكرهه هذا الحمار.

الحمار يكره الخراف لأنها جميلة محبوبة لجميع البشر يقدمون منها أضاحيهم ونذورهم يقدمون لحومها على أفخر موائدهم وولائمهم, كما أنها مصدر دفء حيث تعطي للبشر الصوف, وكذا العجول والأبقار والجاموس, وأيضاً باقي الحمير التي لم تدخل ضمن رعاية منظمة منصف, فكانت تقدم الكثير لخير المزرعة, وصاحب المزرعة.

 ولكن حمار منصف وحده بلا فائدة, وسارق يأكل نصيب غيره, يعيش على كد الآخرين من حيوانات المزرعة لا قيود عليه ولا رقيب له, فوضع لنفسه قانون يتناسب مع حريته الغير مقيدة بشيء , فعين نفسه الحاكم وعين نفسه القانون وعين نفسه الجلاد لتنفيذ قانونه, فأصبح جحش منصف, الحمار الإرهابي.

وما هي إلا أيام حتى كاد الحمار أن يعترض طريق كل احد في الحظيرة والمزرعة, حتى العاملين بالمزرعة, بل وأصحاب المزرعة حتى منصف نفسه لم ينجو من هذا الحمار, ففي ذات يوم دخل منصف لتدلل حماره كعادته وما أن وضع يده عليه لينظفه من الأوساخ المتعلقة به نتيجة الصراع على السلطة داخل المزرعة, حتى أنه التفت إلى منصف فعضه في كتفه فأحدث به جرح غائر, ورفسه في صدره بإحدى أرجله الخلفية, ولكن أحد العاملين كان موجود بجوار منصف فأنهال على الحمار ضرباً, بعصا كانت في يده, ورفع منصف وذهب به إلى الدار للعلاج, وفي أثناء العلاج قال منصف للشخص الذي أنقذه من الحمار القاتل, أنت تنتهك قانون حقوق الحمير فلا يجب أن تستعمل وسائل التعذيب هذه في الدفاع عنى" وهنا أشار للعصا ولكن والد منصف لم يعجبه كلام ابنه, فقال له أنا الذي أخطأت في تعليمك فكان يجب أن أعلمك الحرية الحقيقية, والتي يجوز الدفاع عنها بالمنظمات الحقوقية هذه, فكان يجب أن تتعلم العلاقة الحقيقية بين الكائنات على وجه الأرض والتي تعتمد في الأساس على التوازن, فيعيش الجميع في سلام فيجب أن تتعلم أن كل فرد محتاج للآخر لهذا يتعامل الجميع في احترام متبادل, فالعامل لديه القوة والجهد وصاحب العمل لديه الإدارة والمال وقانون العمل فيجب أن يعيش الجميع على هذا التوازن حتى يستفاد الكل من الكل.

فرد منصف أخطأت يا أبي ولكن ماذا أفعل بحماري الذي أصبح إرهابي, هل أعلمه من جديد؟.

فرد الوالد وقال لقد كبر الحمار ولا يقبل منك تعليم بل أصبح مسيطر فلا يقبل العقاب, ولكن هناك حل واحد, أقبض على الحمار وقيده وأطلق له العنان مع حيوانات الغابة فهذا هو جزائه.

فأرسل منصف من أرسل فقبضوا على الحمار, وبالقانون أحكموا وثاقه وتركوه وحيداً وسط حيوانات الغابة والتي أكثر منه قوة وأكثر منه قتالاً , وترغب أكل لحم الحمير, وما هي أيام حتى عثر على رأس الحمار وباقي عظام منه لأنه وقع في قبضة من لا يرحم.

جميلة هي قوانين حقوق الإنسان ولكن يجب أن تكون لها حدود فلا يجب الدفاع عن الخارجين عن القانون والأعراف والمخالفين للعقائد والأساسيات الدينية:

1.    مثل المجرمين ومدمني المخدرات فهؤلاء مكانهم السجن وبلا رحمة.
2.    مثل البلطجية والإرهابيين.
3.  مثل الخطاة والزناة والمثليين والمخالفين لأصول الدين,, فهل يعقل يا سادة أن تحكم المحكمة لشخص أخطأ في حق زواجه الأول بأي وسيلة من الوسائل,وقد ثبتت عدم أمانته على زوجته الأولى بالزواج للمرة الثانية ليمارس فيها أخطائه التي مارسها مع سابقتها!!!!
4.  مثل أصحاب المناصب الساديين والذين مارسوا العنف والقتل باسم مناصبهم ووزاراتهم السيادية ملفقين التهم لرعايا مهنتهم.
5.  مثل رعاة التمييز العنصري الذين يفرضون على المجتمع أنواع وأشكال لملابسهم, مميزين أنفسهم عن غيرهم, مقسمين وحدانية المجتمع, فمنع هذه المظاهر والملابس بالقانون ليس انتهاك لحرية هذا الفرد لأن هذا الفرد منتهك أصلاً لحريات الآخرين بالتمييز العصري  

حقوق الإنسان بدون الرقيب والضمير ونظرية الصواب والعقاب وفوقهم القانون والدستور فهي تهريج يجب أن ينقطع ويقاوم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق