CET 09:24:03 - 19/06/2010

مقالات مختارة

بقلم: د. وسيم السيسى

فى أواخر القرن العاشر الميلادى ظهرت مجموعة من المثقفين فى البصرة، أطلقوا على أنفسهم: إخوان الصفا، وخلان الوفا، وتركوا لنا ٥٢ رسالة.. مقسمة إلى أربعة أقسام: ١- رياضية ٢- بيولوجية ٣- نفسية ٤- إلهية.

آثر مؤلفو هذه الرسائل أن يخفوا أسماءهم، ولكننا عرفنا منهم القليل: ابن رفاعة، والمقدسى، والعونى، وكان هدف هذه الجماعة.. هو تثقيف الجماهير وتهذيبها.. وتدريبها على المنهج العلمى والفلسفى فى التفكير.. ولكن بكل أسف قضى عليها كما قضوا على ابن رشد.. وكل جميل فى عالمنا العربى سواء كان فى الماضى أو الحاضر!

عرفوا أن الأرض كرة، وأن الهواء يحيط بها من كل جوانبها، وأن ثباتها بسبب تساوى قوة جذب الأفلاك لها من جميع الجهات، وأن قطرها ٢١٦٧ فرسخاً أى ٦٥٥١ ميلا.! فارق الخطأ ٢٪ عما هى عليه الآن!

قال إخوان الصفا: «اعلم يا أخى أن الساعة الأولى من نهار الأحد للشمس، والاثنين للقمر، والثلاثاء للمريخ، والأربعاء لعطارد، والخميس للمشترى، والجمعة للزهرة، والسبت لزحل (أجمل الكواكب)، وقد أخذ الغرب عنهم هذا التقسيم، فسموا الأحد Sunday والاثنين Moonday أو Monday، والثلاثاء Marde من مارس أو المريخ أو ثيوزداى وهو إله الحرب عند أمم الشمال، والأربعاء لعطارد Mercury فأصبح ميركريدى، والخميس Jude من جوبتر أى المشترى، والجمعة للزهرة فينوس فأصبح Vendrede، والسبت لزحل أى ساتيرن، فأصبح اسمه Saturday!

ترك لنا إخوان الصفا رسائل عن المعادن، طبقات الأرض، النيازك، الشهب، الأنهار، الأمطار، الصخور، نشأة الكائنات الحية من الماء، وجود الحيوان قبل الإنسان، وتقارب بعض الحيوانات كالقردة من الإنسان: «اعلم يا أخى أن الحيوان أنواع.. منها ما قارب رتبة الإنسان بصورة جسده كالقرد»، تركوا لنا رسائل عن البرق والرعد، ومن أجمل الرسائل التى تركوها لنا رسالتهم عن الذهب: «اعلم يا أخى أن النار لا تقدر على حرق الذهب لشدة اتحاد أجزائه، وهو لا يصدأ ولا يبلى فى التراب، وهو معدن لين، رزين، وعند الطرق يتسع ويمتد، وتفتل منه خيوط فى منتهى الدقة، قادر على الاختلاط مع الفضة والنحاس»، كما تركوا لنا رسالة عن تكوين اللؤلؤ فى الصدف!

أما عن رسائلهم الإلهية.. فهى عن مكارم الأخلاق، وحب الإنسان لأخيه الإنسان.. وكيف أن الحب يبنى.. والكراهية تهدم، وأن الشعوب ترقى بالأخلاق والعلوم.

هذه الجماعة.. التى اندثرت لم تلجأ لاغتيالات سياسية كجماعة حسن الصباح «الحشاشين»، ولم تفكر فى اغتيال شخصيات سياسية كأحمد ماهر أو محمود فهمى النقراشى أو القاضى الخازندار فى حلوان، أو جمال عبدالناصر «حادث المنشية»، ولم تفكر فى تقسيم العالم إلى دار حرب ودار سلام، أو دار كفر ودار إيمان، كما لم تفكر فى تقسيم أبناء الوطن الواحد.. إلى مسلم وغير مسلم، أو إلى تمييز الناس بعضها عن بعض.. هذه بحجاب أو نقاب، وتلك دون حجاب أو دون نقاب، هذا بدبلة ذهب، وذاك بدبلة فضة، لم يعتدوا على عقائد غيرهم.. لأن غيرهم لم يعتد على عقائدهم.. لم يطمحوا أو ينظروا للسلطة أو الحكم.. كانت أهدافهم نبيلة.. الارتقاء بشعوبهم!

صحيح.. قضوا عليهم ولكنهم لم يقضوا على إنجازاتهم التى استنار بها الغرب، تركوا هذا العالم.. بعد أن تركوا لنا سيرتهم العطرة، لم يتركوا لنا انقساماً فى فلسطين «حماس» أو فى لبنان «حزب الله» أو فى دارفور أو الصومال.. أو فى مصر!

تمنيت لو أن جماعة الإخوان.. سمت نفسها.. جماعة إخوان المصريين.. أو حتى إخوان المسلمين! وأن تتخذ من تاريخ إخوان الصفا وخلان الوفا.. نموذجاً ونبراسا.. إننا فى حاجة للعلم.. لأن الله هو العلم.. والعلم هو غاية الإيمان بالله.. والجهل هو غاية الكفر به..!.. يا قوم.. يا إخوان الجفا..

الجهل لا تحيا عليه جماعة

كيف الحياة على يد عزرائيلا

أحمد شوقى أمير الشعراء

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع