بقلم: جرجس وهيب
تابعنا خلال الأيام الماضية الأحداث الساخنة التي شهدتها مدينة "طنطا"، والصدام بين القضاء الجالس -وكلاء النيابة والقضاة-، والقضاء الواقف –المحامين-، بعد حادثة اعتداء إثنان من المحامين على مدير نيابة طنطا، وما سبق ذلك من اعتداء رئيس النيابة وعدد من رجال الشرطة العاملين بالنيابة على أحد المحامين، مما أدى إلى اعتصام وتظاهر الآلا ف من المحامين بمختلف أنحاء الجمهورية، وتعطيل جلسات أغلب المحاكم على مستوى الحمهورية، ثم صدور حكم بحبس كل من: "إيهاب محمد إبراهيم" و"مصطفى فتوح" -المحامين المتهمين بالاعتداء على مدير النيابة- خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، وغرامة ٣٠٠ جنيهًا لكل منهما.
وكان الحكم قد صدر بناءًا على عدة وقائع تضمنتها أوراق الدعوى، فكان الحكم عامين مع الشغل والنفاذ عن واقعة التعدي بالضرب على وكيل النيابة، وعام مع الشغل والنفاذ عن واقعة التعدي بالضرب على الحرس، وعام مع الشغل والنفاذ عن واقعة التعدي بالإهانة والسب على وكيل النيابة، وعام وغرامة ٣٠٠ جنيهًا عن واقعة الإتلاف العمدى لمكتب مدير النيابة.
فمن خلال متابعتي الصحفية للقضية، أو من خلال متابعتي للقضية بوسائل الإعلام المختلفة، المرئية والمقرؤة، والتي أفردت لها مساحات ووقت كبير، لم أتعاطف مع موقف المحامين، ولم أستطع الاقتناع بوجهة نظرهم، فمهما كانت الأسباب.. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الاعتداء على أحد رجال القضاء -وهي سابقة خطيرة-، فكان لابد أن يكون الحكم سريع وحاسم.
وقد كان.. فالقضاء مازال الشيىء الوحيد بمصر الذي يعطي كل ذي حقٍ حقه، ومازال الملجأ الأخير للمظلومين في بلد عم فيه الظلم والفساد والرشوة والمحسوبية كل مناحي الحياة، في حين دخل أفراد لمهنة المحاماة يسيئون له إساءة كبيرة، فمن مصلحة المحامين أنفسهم ألا تهتز صورة رجال القضاء، وأن يطمئن القضاة من عواقب إصدار الأحكام، ففي كثير من الأحيان يصدر القضاة أحكامًا بالإعدام على مجرمين عتاة في الإجرام.
فواقعة مثل هذه لو لم يكون الجزاء فيها رداع، لأصبح رجال القضاء -وكلاء النيابة والقضاة- عُرضة للاعتداء عقب إصدار أي حكم.
والغريب في الموضوع، أن مجلس نقابة المحامين برئاسة "حمدي خليفة" نقيب المحامين، ومجالس النقابات الفرعية، أشعلوا هذه القضية نارًا من أجل كسب شعبية لدى المحامين، والتغطية على إخفاقات مجالس النقابات في تحقيق ما وعدوا به خلال الانتخابات الأخيرة، وخاصة "حمدي خليفة" النقيب، وعضو مجلس الشورى الجديد عن الحزب الوطني، والذي يحاول عدد كبير من المحامين جمع توقيعات لسحب الثقة منه، فأرد أن يغطي على ذلك بالموقف الحاد من المشكلة وإشعال النيران في هذه القضية، والخاسر الوحيد في هذه القضية كالمعتاد في مصر؛ هم "الناس الغلابة" الذين تم تأجيل قضاياهم.
وأنا من خلال جولة بعدد من محاكم محافظة "بني سويف"، لمتابعة الأحداث، وخاصة محكمة جنايات بني سويف، شاهدت حالة من الحزن الكبير على أصحاب القضايا التي تم تأجيلها، فما ذنب هؤلاء من الخلافات بين محامين ووكيل نيابة في طنطا؟
فأغلب أصحاب القضايا في انتظار صدور أحكام من المحكمة بفارغ الصبر، ولكن تم تأجيل القضايا، فكان لابد من مجلس نقابة المحامين أن يسعى لاحتواء الموضوع بهدوء بدلاً من استخدام الموضوع في أغراض انتخابية، فكان يمكن أن يطالب مجلس النقابة -على سبيل المثال- بنقل مدير النيابة خارج طنطا مثلاً، أما أن يطالب بمحاكمة وكيل النيابة، وهو مَنْ تم الاعتداء عليه!! فهذا كلام غير منطقي تمامًا.
وحسنًا فعل الدكتور. "فتحي سرور" رئيس مجلس الشعب بالتدخل في هذه القضية؛ لمحاولة احتوائها والبحث عن حل للمشكلة؛ لأن استمرار المشكلة يعني تعطل مصالح مواطنين غلابة، ليس لهم في هذه المعركة ناقة ولا جمل.
وأتمنى من جميع المحامين الاستماع لصوت العقل، وفض الاعتصامات، والعودة لقاعات المحاكم ليدافعوا عمَنْ وثقوا بهم. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|