CET 00:00:00 - 22/06/2010

أخبار وتقارير من مراسلينا

كتب : ميرفت عياد - خاص الأقباط متحدون 
فى إطار إيمان المصرى القديم بالحياة الآخرى، ظهرت منذ بداية الدولة الحديثة بعض المعتقدات الجنائزية الجديدة، والتى تُعتبر تطورًا طبيعيًا لنصوص الأهرام من الدولة القديمة، ونصوص التوابيت من الدولة الوسطى؛ وتعرف هذه المعتقدات الجديدة باسم "كتب العالم السفلى"، أو "كتب العالم الأخر"، والهدف الأساسى المرجو من مثل هذه المؤلفات الجنائزية، هو إعداد المتوفى وتزويده بالمعرفة الضرورية عن العالم الآخر، وإن مضمون هذه الكتب هو إمكانية استعادة الحياة بعد الموت، وتهدف هذه الكتب الدينية، والتى ظهرت وانتشرت على جدران المقابر، وجوانب التوابيت وأغطيتها، أو على لفائف البردى، إلى تحقيق الأبدية والخلود للمتوفي بتمكينه من مصاحبة رب الشمس فى رحلته، فضلاً عن تزويده بكافة التعاويذ اللازمة لتخطى كل ما قد يواجهه من صعوبات وعقبات متنوعة، تصورها خيال المصرى القديم.

نصوص الأهرام..أقدم الكتب الدينية

تُعد نصوص الأهرام أقدم الكتب الدينية المعروفة على الأطلاق، وقد سُجلت لأول مرة على الجدران الداخلية لغرف وممرات هرم الملك "ونيس"، فى "سقارة"، ثم استمرت تسجل داخل أهرامات ملوك الأسرة السادسة وزوجاتهم فى "سقارة"، وهى تمثل نتاج الفكر الدينى للإنسان المصرى منذ أقدم العصور.
 ولا تتسم نصوص الأهرام بالتجانس، بل إنها تمثل أفكارًا ورؤى متناقضة ومتضاربة فى بعض الأحيان، وتعبّر عن أزمنة سحيقة وصادرة من أماكن مختلفة، ولا تخص الملك المتوفى فقط، وإنما تشير أحيانًا إلى الملك الحى، كما إنها تختلف فى تفاصيلها من هرم لآخر، الإ إنها تعبّر عن تطور فى الفكر الدينى المصري.

 وقد اكتشف العالم الفرنسى "ماسبيرو" هذه النصوص ما بين عامى (1810-1880م ) فى أهرامات "ونيس"، و"بيبى الأول"، وتنوعت نصوص الأهرام ما بين نصوص درامية وسحرية، أو أساطير قديمة، وأناشيد وصلوات، وتعاويذ، ونصوص، وطقوس القرابين، وغيرها.

نصوص التوابيت..والحياة الأبدية لعامة الشعب

يبدو إنه نهاية عصر الدولة القديمة، والدخول فى عصر الإنتقال الأول، ومرور البلاد بحالة من الإهتزاز والإضطراب شملت كافة المجالات، كان لها أكبر الأثر فيما يبدو فى تغير معتقدات الناس، وعلاقتهم بآلهتهم،  ونظرتهم للحياة بعد الموت؛ خاصةًً بعد أن اهتزت صورة الملكية المؤلهة فى الدولة القديمة، وبدت النظرة للملك على أنه بشر.

 وفى ظل هذه الأوضاع والتطورات، بدأ عامة الناس يسجلون النصوص على توابيتهم الخشبية التى عرفت كأدب جنائزى باسم "نصوص التوابيت"، وهى تطور عن نصوص الأهرام فى الدولة القديمة، والتى كانت قاصرة على الملوك فقط، ويصل عدد التعاويذ المكونة لهذا النوع من النصوص إلى (1200) تعويذة مسجلة- طوال عصري الإنتقال الأول والدولة الوسطى- على أسطح التوابيت من الداخل والخارج، وعلى صناديق حفظ أوانى الأحشاء، واللوحات والبرديات، وكان الهدف منها هو ضمان الحياة الأبدية الخالدة للمتوفي.

كتاب الطريقين..محاولة لتصوير العالم القديم جغرافيًا
يُعد هذا الكتاب الأقدم بين الكتب الدينية، وسُمى بهذا الاسم "الطريقين"، نسبة لوجود خريطة مصاحبة للنصوص تظهر طريقين متعرجين بالقرب من منتصف الخرائط: الطريق العلوى المائى، والطريق السفلى الأرضى، ويمثل هذا الكتاب أول محاولة لتصوير العالم القديم جغرافيًا عن طريق خرائط تخطيطية، وقد سُجلت نصوص هذا الكتاب على قاع توابيت الدولة الوسطى، ويُفترض إنه يمد المتوفى بوسائل الحصول على الحياة السعيدة المرغوبة بعد الموت.

كتاب الموتى ..  مرحلة متطورة لنصوص التوابيت

يُصنف كتاب الموتى على إنه أهم الكتب الدينية التى سيطرت على الفكر الدينى فى الفترة من الأسرة الثامنة عشرة حتى الحادية والعشرين، ويتكون الكتاب من (200) فصل كما ذكر العالم الألمانى (لبسيوس)، ويتألف هذا الكتاب من بعض الفقرات والنصوص الدينية الجنائزية التى سُجلت منها فصول على ورق البردي، وجدران مقابر عصر الدولة الحديثة، والتوابيت والمقاصير، ولفائف المومياوات، وبعض التمائم، وقد كان لكل فصل من الكتاب عنوان خاص مميز، وقد سُجلت هذه النصوص بالخط الهيروغليفى المبسط، وبالخط الهيراطيقي، وكانت النصوص تزوَّد بمناظر فى بعض الأحيان، وعادة ما كانت البردية تُكتب، ويترك مكان اسم المتوفى فارغًا؛ حتى إذ بيعت البردية لشخص ما، يُدوّن اسمه داخلها.

 و"كتاب الموتى" بمثابة مرحلة متأخرة ومتطورة لنصوص التوابيت، كما أن بعض فقراته قد وردت بالفعل على توابيت من بداية عصر الدولة الحديثة، ثم شاع تدوينها على البردي وحجرات المقابر، وقد تأثرت نصوصه بما ورد فى نصوص الأهرام والتوابيت، وإن أبدت اهتمامًا كبيرًا بنصوص محاكمة المتوفى فى العالم الآخر من خلال محكمة "أوزير".

كتاب "ما هو موجود فى العالم الآخر" .. أهم الكتب الدينية

ويمثل كتاب "ما هو موجود فى العالم الآخر" أهم الكتب الدينية التى سُجلت على جدران المقابر الملكية منذ بداية الأسرة الثامنة عشرة، وكان يمثل الزخرفة الوحيدة لحجرات الدفن، ويُعد أقدم كتب عصر الدولة الحديثة، وقد ظهر فى ستة عشرة مقبرة ملكية، وظهر لأول مرة فى مقبرة الملك "تحتمس الأول" فى وادى الملوك، وفى مقبرة الملكة "حتشبسوت"، واستمر هذا الكتاب حكرًا على الملوك فقط، حيث لم يظهر خلال الأسرة الثامنة عشرة فى أية مقبرة فردية باستثناء مقبرة الوزير "وسر آمون" من عهد "تحتمس الثالث"، والذى كان ذو مكانة خاصة لدى الملك، مما كان له الأثر فى منحه الحق فى تسجيل هذا الكتاب داخل مقبرته، واستمر الأمر حقًا ملكيًا حتى الأسرة العشرين، ومع بداية الأسرة الحادية والعشرين، ووصول كهنة "آمون" فى طيبة للحكم، فقد أخذوا هذا الحق،  وسجلوا أجزاءًا  من هذا الكتاب فى مقابرهم أو على توابيتهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق