بقلم: أنور عصمت السادات
إن الإرادة الصادقة والرغبة الجادة في أن يرى كل واحد منا مجتمعه في صورة يرضى عنها أفراده، هي السبيل الأمثل لنهضة أي مجتمع، خاصةً إذا أحس كل مواطن بأن له دوره الذي ينبغي القيام به، ولم يكتفِ بأن يكون متفرجًا أو مشجعًا لغيره، وأن عليه المشاركة في بناء وطنه بالصورة التي ينبغي أن تكون.
وتعالوا لنسأل أنفسنا كيف نتوقع لمجتمع أن ينهض إذا كان أفراده ينأون بأنفسهم عن المساهمة في تطوير وتعديل أنظمته، ومحاربة الفساد أينما كان، ويقفون في سكون كأنهم ليسوا من أبناء هذا الوطن، وقد استوى عندهم الصالح والطالح.
ظروف المعيشة جعلت الكثير يبتعد عن المشاركة، ولم تمكنه من أن يكون أحد عناصر منظومة التغيير، وما تشهده مصر من تردي وفساد واسع، رسخ في يقين المواطن أنه مهما فعل لن يتمكن من تحسين الواقع، وأن مستقبل وطنه متروك لكبارالحزب الحاكم، وأن عليه أن ينتبه إلى شؤونه الخاصة أفضل.
لكن بالبلدي كده: (مفيش شيئ بيفضل على حاله، وكل شيئ وله نهاية).
والتغيير سنة الحياة، نلمسه كل يوم في أشياء كثيرة, وإذا كان الحزب الوطني هو الحزب الذي لا يريد لغيره أي تواجد، وأن يكون هو المسيطر الوحيد على مجريات أحداث الساحة المصرية؛ لكونه حزب الحكومة، فهذا يجعل المسئولية أكبر على غيره من المعارضة والأحزاب السياسية لكي تبذل جهدًا أكبر في التصدي للفساد، وتقديم حلول أفضل لمشكلات المجتمع.
وإذا كان من المستحيل أن ترى مباراة يلعبها فريق واحد على أرض الملعب، فالأمر كذلك بالنسبة لمستقبل هذا الوطن، وباعتبار أن الساحة المصرية هي أرض الملعب، وليكن الحزب الوطني "حزب الأغلبية العددية"، فريق المباراة الأول، فالطبيعي أنه لابد وأن يواجه فريقًا آخر، وإلا فلا يمكن أن تشاهد مباراة يلعبها فريق واحد.
وليكن الفريق الثاني هو المعارضة والأحزاب السياسية وإرادة الناس، وطبيعي أن الحزب الوطني ومنافسيه كل منهم يريد أن ينتصر على الآخر، لكن كلما كان منافس الوطني قوي، كلما قلل عليه فرصة الانتصار، وربما انتزعها منه وصارت إرادة الناس هي المنتصرة على إرادة الحزب الحاكم.
ولا شك بأن مساندة الفرق الأخرى -الأحزاب السياسية وغيرها- للفريق المنافس للحزب الوطني، والتفافهم نحو هدف واحد؛ وهو الانتصار، ومن ثم التغيير، بغض النظر عن محقق النصر هو الفكر الذي نسعى لأن تكون عليه صورة الأحزاب السياسية في مصر.
وإذا كان لي أن أوجه اللوم لأي حزب مصري، فيجب أولاً أن أكون صادقًا مع نفسي قبل أن ألوم أحدًا، حيث شرعت في أن أكون أحد المساهمين في التصدي للفساد وإصلاح ما ناله الخلل في مختلف أنظمة المجتمع، ثم بعد أن يتم الإصلاح حتمًا تأتي التنمية ليكون الأساس ممهدًا وصالحًا لكي تقوم عليه التنمية، وبدأت من خلال "حزب الإصلاح والتنمية؛ تحت التأسيس"، بهدف جماعي نبيل، ولن استطرد.. فالأيام كفيلة بأن تثبت حسن أو سوء النوايا.
والحزب الآن على وشك الحصول على رخصة الموافقة على قيامه من لجنة شؤون الأحزاب، أو الرفض.. أيًا ما يكون، لكن ما يعنيني أنني ومعي أفراد مخلصون، حاولنا أن نقدم شيئًا، بغض النظر عن النتيجة، فهناك أفكار وأهداف ومشروعات وبرامج وكوادر على أتم الاستعداد لأن تساهم في حل مشكلات المجتمع بأقصى ما تملك، وعليها أن تظل في طريقها، فلسنا نتطلع لأن نكون حزب رقمي، يزداد به عدد الأحزاب رقم إضافي نكون به ديكورًا وتجميلا للحياة السياسية في مصر، فيما يعد إهانة وليست خطوة تستحق أن نسعى إليها.
عمومًا ما كنت أود أن أتحدث عن الفقرات السابقة الخاصة بحزب الإصلاح والتنمية، فالمقام مقام مقال وليست دعاية حزبية، ولكن ما دفعني لذلك هو أن أقدم إجابة للقارئ قبل أن يسأل نفسه: ماذا فعلت أنت يا مَنْ تطلب منا المشاركة والتغيير؟
نهايةً.. إن مصر بحاجة إلى أبنائها وشبابها بطموحاته وآماله وتطلعاته إلى غد أفضل، وإيمانه بأن ما تشهده مصر من فوضى وفساد مصيره إلى زوال، فبقلوبهم وسواعدهم وجهدهم وفكرهم نسير على دروب التنمية، أما إذا تخلينا وأصبح كل منا مهتم بشأنه بعيدًا عن الأحداث؛ فسوف نواجه من المشكلات مالا تتحمله الطاقات. |