بقلم:حلمى النمنم |
عرف المجتمع المصرى فى مختلف العصور حالات من التشدد الدينى، كان بعض الوعاظ يظهرون ويتشددون ويأتون بغريب الأفعال ويطلقون أفكاراً وآراء مخالفة لما هو سائد، وكان يظهر لهم معجبون ويصير لهم جمهور وطوائف، ويمتلئ كتاب «السلوك» للمقريزى وكتاب «النجوم الزاهرة» لابن تغرى بردى، وغيرهما من كتب المؤرخين المسلمين، بمثل هذه الحالات أو الفتن، وفى كل حالة كان يكفى أن ينتبه علماء الأزهر أو بعضهم، فينبهوا السلاطين، وتنتهى هذه الفتن وتزول تلك النماذج، لكن الأمر بالنسبة للوهابية المصرية اختلف، لا العلماء انتبهوا، وحتى من انتبه منهم وحذر كما فعل د.أحمد الطيب -قبل سنوات- لم يجد من يستمع إليه ويأخذ الأمر على محمل الجد، ولا سلاطين هذا الزمان تعاملوا مع الظاهرة بما تستحق، بل يمكن القول إن بينهم من روج لها وسعد، مستعيناً بها على التخلص من الخصوم والفرقاء أو من تصورهم كذلك، وتركها تتغلغل وتنتشر داخل المجتمع، بدعوى أن ليس لديهم أطماع فى السلطة، وكان أن أفرزت تلك الوهابية تديناً جديداً، يتمسك بالشكل والطقوس فقط، يخاصم روح الدين وجوهره ولا يعرف منه سوى المظهر، والاكتفاء بالمظهر فقط يكون على الأغلب مواراة لسوءات أخطر وأكبر، ثم راحوا يفرضون ذلك النمط من التدين علينا قسراً. ومشاهد الوهابية تصدمنا كل يوم.. نراها فى كل مكان وموقع، من أبسط الأمور إلى أعقدها.. من موقف بسيط فى الشارع إلى تصرفات بعض من يعدون نجوماً أو رموزاً.. تحاصرنا الوهابية من الزى الذى نرتديه وحتى ما يدور فى ضمائرنا ودواخلنا.. وتلك بعض مشاهدها. (١) وهكذا أبلغه العامل، فعاود الاتصال من جديد بالصديق يخبره بما تم، لكن الصديق رد عليه أنه لم يصله أى شىء، راجع الرقم ثانية مع العامل، وتبين أنه أخطأ فى أحد الأرقام السبعة، وأن الشحن ذهب إلى شخص آخر غير المقصود، ونصحه العامل بأن يتصل بذلك الرقم ويشرح له الواقعة، ليقوم بإعادة إرسال الشحن إلى صديقه.. اتصل بالرقم: آلو، فجاءه الرد قوياً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. ثم شرح ما جرى من وصول شحن إليه بطريق الخطأ و... استمع إليه، حتى قال كل ما لديه، ورد عليه: لا يا أخى، لم يصلنى شىء بطريق الخطأ، هذا رزق ساقه الله لى، فهل تريدنى أن أرفضه وأعيده إليك. قال: ليس حقك ولا ملكك، أنا أخطأت فى الرقم، وصديقى ينتظره ويحتاجه، هو فى ظروف صعبة.. وجاءه الرد: بل حقى ورزقى قدره الله لى، وسخرك الله كى تقوم بتوصيله إلىّ، وتأكد أنه حقى أنا، وعليك أن تحمد الله أن سخرك لهذه المهمة.. لم يجد بداً من النقاش.. وليس بمقدوره أن يستعيد حقه. (٢) قالت له: أريد مكتباً خالياً وسجادة للصلاة.. فتح مكتب أحد الزملاء، وأشار إليها: تفضلى، وكان يعرف أن بالمكتب سجادة.. فرش السجادة لها، وهم بالانصراف، استوقفته إن كان متأكداً من اتجاه القبلة، فأكد لها وهم بالانصراف، لاحظ أنها تتأمله، سعد وبدا له أنها ممتنة أو تود أن تشكره، لكنها بادرته قائلة: تعرف.. ينصر الله المسلمين بالكفار.. أذهلته الكلمة، ورد: لست بكافر، قالت: كيف وأنت لا تؤدى صلاة الضحى ولا تعرفها؟! (٣) كان بعضهم متعاطفاً معها، فما وصلت إليه قد يكون انعكاساً لحياة زوجية فاشلة، تزوجت ثلاث مرات وانتهت كلها بفشل ذريع وإحباط حقيقى، وابن هجرها إلى خارج البلاد، حيث يقيم نهائياً فى الولايات المتحدة.. لكن كان بينهم من يراها مجرد سيدة متطرفة.. حادة الطباع، تتحدث عن الإسلام دون أن تدرسه أو حتى تقرأ فيه بتعمق، لكن كان ظهورها بينهم له حضور خاص، وذات يوم كانوا يقفون جميعاً فى ممر بين المكاتب، وهى تتحدث بصوت مرتفع وجهورى، كعادتها، وهم حولها، بين مستمع بانتباه أو ضاحك متهكم ومنتقد، وهى لا تتوقف.. قوية البنيان، فارعة الطول، تمتلك أصابع غليظة، وحدث ما لم يكن متوقعاً لدى هذا الجمهور الذى يتابعها.. جاء من آخر الممر زميل قديم لها، إنه الأستاذ عبدالحميد الذى جاوز السبعين.. كان قصيراً، يمشى بسرعة وكأنه يقفز، واندفع نحوها، ماداً يده ليصافحها، فنظرت إليه وقالت بصوت تخلى قليلاً عن جهوريته ولا يخلو من دلال: تعرف أننى لا أصافح، قال لها: أنا لست مثل هؤلاء الشباب، ومصافحتى ليس فيها خطورة ولا فتنة لك.. فمدت يدها نحوه لمصافحته بعمق قائلة: أعرفك منذ أن كنت شاباً ولم تكن مصدر خطر، فما بالك وقد صرت كهلاً! رد: كهل نعم، لكن قلبى أخضر. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |