CET 00:00:00 - 25/06/2010

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي
          كرة القدم ليست من الألعاب الشعبية فى أمريكا، والمباريات على كأس  العالم التى تقام حاليا فى جنوب أفريقيا لا تذاع من المحطات التلفزيونية العادية، ولا يتابعها غير نسبة قليلة من الأمريكيين. ولذلك فنتائج المباريات التى تشترك فيها أمريكا سواء بالفوز أو الهزيمة لا تسبب ضجة كبيرة فى المجتمع الأمريكى كما يحدث فى الدول الأخرى.
          ولكن بالنسبة لى ولكثير من الأمريكيين من أصل شرق أوسطى، وأيضا كثير من الأقليات الأخرى ذات الأصول الأوروبية، أو من أمريكا اللاتينية، فكأس العالم حدث هام نحرص على متابعة أخباره ونشاهد مبارياته على التلفزيون كلما أتيحت لنا الفرصة. ولكن مع تشجيع كل منا لفريق ضد آخر، إلا أنى شخصيا لا أنظر إلى المباريات على أنها أكثر مما تمثله، هى فى نظرى مجرد منافسات رياضية غالبا ينتصر فيها من هو أكثر موهبة أو تدريبا أو تخطيطا، وأحيانا يلعب الحظ فيها دورا فيرجح كفة فريق على فريق آخر مهما كانت كفاءته. ولكنى أستبعد كلية أى بعد دينى أو سياسى للمباريات.

          ولذلك فأنا أتمتع بمشاهدة المباريات ويسعدنى طبعا رؤية فريقى المفضل ينتصر على الفرق الأخرى ولكن لو حدث العكس فليست هناك مشكلة، فالكرة غالب ومغلوب كما كان يقول لنا كابتن لطيف أيام زمان.
          أما اليوم وفى مباراة أمريكا ضد الجزائر فى يوم الأربعاء 23 يونيو 2010 فيبدو أنه أصابتنى عدوى جنون الكرة. فتحيزى لصالح فريق أمريكا كان واضحا لا يمكن إخفاؤه. كانت أمنيتى أن أرى أمريكا تنتصر على الجزائر وقد تحقق حلمى فى الدقائق الأخيرة من المباراة بعد أن كدت أفقد الأمل.
          وفرحتى بفوز أمريكا تعود لأسباب كثيرة منها أنها إنتصار لبلدى أمريكا ومنها أيضا أنها جزاء عادل لما فعلته الجزائر ضد بلدى الأم مصر وإساءة معاملتها للفريق والجمهور المصرى فى التصفيات التى أوصلت الجزائر لنهائيات الكأس.

          ولكن لا أخفى أن فرحتى تضاعفت لأن هذا الإنتصار فى نظرى يمثل نصرة للمثل الجميلة التى تتعلق بالروح الرياضية والتعاون بين الشعوب والتعايش السلمى بين البشر كما أنه أيضا هزيمة للتعصب والكراهية من جانب من يحاولوا أن يشوهوا برائة الرياضة بخلطها بالنعرات الدينية أو السياسية المتعصبة.
          وقد ظهر هذا فى مقال ينقل تصريحات داعية مصرى يقول فيه أن قهر (لاحظ  إستعماله لكلمة قهر وليس هزيمة) الجزائر لأمريكا فى المنديال هو إنتصار للأمة الإسلامية. ويضيف الداعية أنه سيدعوا فى صلاته بهزيمة أمريكا شر هزيمة.
           ولكن الحمد لله أن أمنية هذا الداعية لم تتحقق والذى تحقق هو العكس تماما فأمريكا هى التى إنتصرت ضد الجزائر ولا أقول أنها "قهرتها" وأن صلاة الداعية المشهور لم تصيب الجون ولكنها طلعت أوت!

          وكان الداعية الإسلامى المصرى المعروف الدكتور صفوت حجازى قد أدلى بحديث مطول بإحدى القناوات الفضائية قال فيه "من أعماق قلبى أنا مستعد لمناصرة الجزائر فى لقائها القادم أمام الولايات المتحدة بل سأدعو لأشبال سعدان فى صلاتى بالفوز وإلحاق شر هزيمة بالأمريكان حتى يكون إنتصارا للأمة الإسلامية والعربية جمعاء مثلما دكوا من قبل غرور إنجلترا فى المباراة التاريخية التى جمعتهما الجمعة الماضى!!"
          والمعروف أن المباراة بين الجزائر وإنجاترا يوم الجمعة الماضى المشار لها قد إنتهت بالتعادل ومع ذلك يعتقد الداعية أن الجزائر قد دكت حصون إنجلترا فى تلك المباراة التى يعتبرها تاريخية. ولست أدرى ماذا كان سيقول لوكانت الجزائر قد انتصرت على انجلترا؟ ربما كان قد قال أن الجزائر قد محت انجلترا من الوجود!
          وربما يسعد الداعية أن يعرف أن انجلترا قد هزمت سلوفانيا فى المباريات الأخيرة للتأهيل لمقابلة أمريكا فى المباراة القادمة للتصفية لمجموعة الثمانية. ولا أدرى من سيشجع للنصر فى تلك المباراة؟ أى شيطان يفضل؟  لأن نتيجة المباراة طبعا لن تكون هزيمة الفريقين معا!

          وينهى حجازى حديثه بالقول "سأدعو من صميم قلبى بالفوز لبلد المليون ونصف المليون شهيد على الولايات المتحدة التى تتدعى كل يوم أنها تنشد السلام للإنسانية"
          ومع أننى لا أؤمن أن هناك بالضرورة رابطة بين النصر أو الهزيمة الرياضية ورضاء الله أو غضبه على هذا الشعب أو ذاك. ولكن بما أن داعيتناا  يضعها بهذه الطريقة فهو الآن أمام المهمة الصعبة لتفسير السبب أن الله لم يستجب لصلاته وينصر بلد المليون والنصف مليون شهيد على القوم الكافرين. بل الذى حدث هو العكس تماما!!
          ولكن أمنيتى أن يؤدى هذا إلى أن يراجع داعيتنا نفسه وعسى أن يتخلص هو ومن هم على شاكلته من هذه الدروشة الدينية، وتعود النظرة البريئة إلى عالم الرياضة من جديد كأداة للسلام والتقارب والتعايش المشترك بين الشعوب.
          قل يا شيخ حجازى معى: أللهم آمين....

Mounir.bishay@sbcglobal.net

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ١٣ تعليق