CET 00:00:00 - 27/06/2010

مساحة رأي

بقلم: د.عاطف نوار
لكل مهنة آدابها و أخلاقياتها .. و لكل مهنة سمات يتميز بها مهنيوها .. و هذه السمات و الأخلاقيات تكون تبعا لما تتطلبه طبيعة كل مهنة .. و بمناسبة إنتخابات البرلمان المصرى .. أود أن أبحث فى مهارات نواب الشعب و سماتهم .. إن البرلمان هو الجهة التشريعية التى تشرع القوانين  بموافقة الشعب المتمثل فى نوابه الأجلاء .. كما أن  البرلمان أيضا هو الجهة التى تكشف الفساد فى بقاع مصر و تحاسب الفاسدين فى كل مكان منها دون إعتبار لمكانة و مركز و نفوذ أى أحد منهم .. و أيضا البرلمان منوط بمحاسبة الحكومة على أى تقصير أو إهمال فى مصالح الشعب.. و من ثم .. فإن النائب البرلمانى  يجب أن يكون له سمات خاصة تؤهله للقيام بهذا العمل  الدقيق و تحمل تلك المسؤلية الجسيمة التى ألقاها عليه أبناء دائرته .. و لكى يكون أهلا للثقة التى وضعها فيه أبناء شعبه من اجل حياة كريمة منضبطة لخيره و خير الأجيال المتعاقبة .. يجب أن يتحلى بالصدق و الأمانة و الجراة فى الحق و المكاشفة و المصارحة .. و لكن .. ولكن .. و لكن ..

تحول البرلمان من جهة تشريعية إلى جهة تنفيذية فبدلا من أن يشرع القوانين و يسنها أصبح يشرع ما يملى عليه من قوانين حسب أوامر الحكومة مُكسبا نوابه الكرام سمات بعيدة عما هو منتظر منهم .. و لم تلبث هذه السمات حتى صارت مهارات.. .. مهارات يستخدمها النواب الأفاضل لتنفيذ الأوامر الصادرة لهم من الحكومة الرشيدة.. هذه المهارات أساسها أن " مايقال فوق الترابيزة شئ و ما يحدث تحتها شئ آخر" .. فبداية من الإنتخابات المُعلن نتيجتها من قبل الإنتخابات .. فنسمع الشعارات الرنانة عن شفافية الإنتخابات و نظافتها و حيادها.. وواقع الأمر أن نواب الحزب الوطنى  المصطبغين بصبغة البلطجة يعيثون فى دوائرهم فسادا .. فهم يُجبرون أهالى الدائرة على إعطائهم أصواتهم بالإرهاب و العنف مُستعينين بالمجرمين و القتلى و قطاع الطرق فى دعايتهم الإنتخابية .. و على سبيل المثال لا الحصر .. أقدم نائب برلمانى فى مصر و هو عبد الرحيم الغول الذى كان يستعين بحمام الكمونى  البلطجى عتيد الإجرام و محترف السطو الشهير قائد مذبحة صابرا و شاتيلا المصرية .. و الكل شاهده و هو يمسك يده  و يسير به ( بعد أن أخرجه من المُعتقل بنفوذه البرلمانية) وسط الدائرة و كأنه فى عرض عسكرى مُرسلا رسالة إرهاب و ترهيب لمن يُعارضه..  و لعل ما قاله أقباط نجع حمادى و أسقفهم عما يفعله الغول لإجبارهم على التصويت لصالحهم هو دليل على أنحطاط سلوك أقدم برلمانى تحت قبة البرلمان.. الذى توعد الأنبا كيرلس حين امتنع عن إنتخابه قائلا " هانتف لك دقنك شعراية شعراية يا كيرلس"..

و لكن عندما يقف الغول أمام  شاشات الإعلام يظهر حملا وديعا بارا ينضح براءة  مُطلقا شعارات وحدة عنصرى الأمة الجوفاء  مُفتخرا بنزاهة الإنتخابات و حيادها ..و هو لا يدرى أن الكل يعلم ما هى  إنتخابات البرلمان المصرى التى تعطى حق التصويت الدستورى لكل فرد من الشعب حتى المتوفين منهم..  مهارة برلمانية أخرى .. فأمام شاشات الإعلام يستخدم النائب البرلمانى الكذب و النفاق و لوى الحقائق و تعتيمها بمهارة فائقة ظانا أنه أقنع الجميع دون أن يدرى أن البرلمان المصرى بقيادة رئيسه قد فقد مصداقيته و هيبته .. و على سبيل المثال لا الحصر.. أنكر الغول  البرلمانى المُخضرم علاقته بحمام الكمونى مُتبعا مهارة ( التعويم و التعتيم )و الكذب على أنه شخصية عامة يقابل الكل و يسلم على الكل من أبناء دائرته .. و حين أتى مايكل منير ووائل الإبراشى باسطوانة تحمل عُمق و حميمية علاقة الغول بالكمونى و إعترافه أنه ( توسط ) بنفوذه البرلمانية لدى رجال الأمن لإطلاق الكمونى المسجل خطر من معتقله .. امتنع الغول عن الحوار قاطعا الخط الهاتفى .. فهرب تاركا الموقف الإعلامى يتعتم و يموت بمهارة برلمانية و براعة دستورية..

و ها هو وائل الإبراشى اليوم يواجه تُهمة لا أحد يدرى من أين أتت إليه فهل هى مهارة التلفيق ؟ تساؤل .. و قد ظهرت مهارة الكذب أيضا عندما استخدمها رئيس البرلمان الموقر فى نفيه أنه يعرف المُحرض على مذبحة نجع حمادى رغم إدلائه بتصريحات مسبقة أنه يعرفه..  مهارة أخرى .. فقد اتبع فتحى سرور رئيس البرلمان  مهارة التهويل و التضخيم حين قال فى بى بى سى أن فتاة فرشوط ماتت من الإغتصاب و ذلك إمعانا فى إلتماس العذر للسيد كمونى فى قيامه بمذبحة نجع حمادى .. و حين هاج عليه الرأى العام واصفا إياه بالكذب و الخداع .. التجأ لمهارة  الإستدراك و التشكيك الفلسفى قائلا " أنا لا أقصد الموت الجسدى بل الموت النفسى ".. و تلك المهارة  برر بها  الغول سبه لجورجيت قللينى " بالمجرمة " موضحا أنه لا يقصد ذلك بالأمر المطلق بل  يقصد أنها أجرمت فى حق وحدة الوطن الوطنية .. مهارات برلمانية .. و لعل ما حدث من قائد البرلمان تجاه الشجاعة أبنة قللينى حين أظهرت حقيقة الغول فى نجع حمادى لخير دليل على إتقانه لمهارة الشوشرة و التشويش حيث قال لها " انت عايزة تعملى نفسك بطلة " ليخمد نار الحق المتأججة من فيها .. و لن أنسى مهارة أتقنها جنود البرلمان الأقباط العامرة قلوبهم بالولاء و حب المصالح الشخصية و هى مهارة النفاق و المداهنة  فكان اللواء نبيل بباوى رئيس لجنة الإعلام بمجلس الشورى و النائب إدوارد غالى لهم الريادة فى استخدام تلك المهارة لنفى أن هناك ثمة إضطهاد للأقباط  على أرض الكنانة و أن كل هذه المذابح القبطية و الإبادة الجماعية لهم ما هى إلا أحداث فردية يقوم بها بعض الأشقياء الخارجين عن القانون و أنهم قُدموا للمحاكمة و سيأخذ العدل مجراه إن توافرت الأدلة و أن من أدعى أن الأفباط مضطهدون هو مُغرض و من صفوف أعداء الوطن ..

و لقد ظهر النضج المهارى لرجل الشارع القبطى فى كشف و رفض هذه المهارة الحقيرة حين طرد نبيل بباوى من الكاتدرائية المرقسية قائلا " اطلع بره "   ..ونأتى لمهارة لها أهميتها القصوى فى توازنات الحياة السياسية و النيابية .. مهارة التهديد و الوعيد الضمنى  .. و قد استخدمها العلامة مفيد شهاب حتى يكتم ثورة  أد. شريف دوس فى اعقاب مذبحة نجح حمادى العالمية .. فقد دخل الدكتور دوس بشجاعة و قوة داخل حقل ألغام ساعيا  لأخذ حق كنيسته و أولادها مُلقيا  مسؤلية تكرار و استمرار الجرائم  فى حق الأقباط على مدى أربعين عاما دون رادع  على التواطؤ الأمنى فى 160 مذبحة قبطية منهم 120 بعد صلاة الجمعة مباشرة  و على التوطؤ القضائى  مدللا على ذلك بصدور أحكام قضائية  ببراءة أو عدم أهلية مرتكبى  المذابح القبطية و المجازر المسيحية  .. فكان رد د. مفيد شهاب عليه مُستخدما نبرة تحذيرية ينبهه بها أن الدخول إلى حقل ألغام أيسر وأكثر أمانا من دخول منطقة الحياد الأمنى و العدل القضائى المصريين .. هذه النبرة التحذيرية كانت تخرج من د. شهاب بمهارة حاملة للدكتور دوس رسالة تهديد بمصير من تسول له نفسه المساس بالقضاء و العدل ( مهم كانا ظالمين ) .. و ظهرت تلك المهارة جلية واضحة فى نبرة هناء السمرى مندوبة الإعلام الحكومى و هى تسأل المستشار نجيب جبرائيل عما سيقوله أمام لجنة الحريات فى فبراير الماضى .. هذه هى مهارات نواب البرلمان و رئيسه و من يعمل تحت قبته .. فهل يقبل الشعب المصرى أن  ستحكم فى مصيره أناس لهم مثل هذه المهارات ؟؟؟؟؟؟؟

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق