CET 00:00:00 - 21/04/2009

مساحة رأي

بقلم: هانى دانيال
يبدو أن الحكومة تجنى ثمار ما تفعله بالشعب المصري،حيث أنها لم تعد تهتم بالخدمات الأساسية للمواطنين،ولم تعد تهتم بتوعية الشعب بما يحدث حوله،ولم تعد تهتم بالثقافة أو الابداع أو الفن،أو الرياضة،ولم تعد تهتم بالعمل السياسي،ومن ثم وصل المجتمع إلى مرحلة فى غاية الخطورة،أهمها أن الدولة أصبحت هشة،والمجتمع انشغل بالأمور الثانوية وترك الأمور الأساسية،لتصبح مصر "دولة هامشية" لم يعد لها تأثير،بعد ان كانت "دولة محورية"!

 واعتقد ان قضية المنتمين لحزب الله كشفت عن هذا الوضع،والغريب فى الأمر أن هناك تيار مساند ومدعم لما قام به حزب الله،وهناك من يتهم مصر باستغلال القضية سياسياً،وهناك من اعتبرها ملفقة،وحتى من يتفق مع الحكومة فى موقفها يعتقد انه من باب المجاملة مساندة الحكومة فى موقفها هذا عن دون اقتناع،وهذا بالطبع له أسباب عديدة ،ولكن من أهم هذه الأسباب هو وجود تيار مدعم لحزب الله وأفكاره داخل المجتمع،وساعد على ذلك تيار التعصب والتشدد الذى ترعاه الدولة،أو على الأقل لم تبذل مجهوداً كافياً لمواجهته،ولو كانت الدولة محتفظة بقوتها ما تجرأ احد على عمل ما يقوم به البعض الآن.

 مؤخراً قال ناشط حقوقى أن عام 2008 شهد أكبر قضايا الحسبة فى تاريخ المجتمع،وتم إصدار حكم بسحب ترخيص مجلة تصدرها إحدى مؤسسات الدولة،ومع ذلك لم تتخذ الحكومة أى موقف لمواجهة الحسبة،وهناك محامين يقومون برفع دعاوى قضائية على آخرين بسبب الشهرة والرغبة فى الظهور الاعلامى،ومع ذلك الدولة لم تتخذ اى موقف من شأنه تعزيز الرأى والرأى الآخر،وأن الفكر يتم الرد عليه بالفكر،والابداع يقابله ابداع ممثال،بينما الوضع الحالى يزيد الأمور سوءً.

 الحكومة تركت تيار جماعة الاخوان المسلمين نتشر داخل كافى فئات المجتمع،ولم تستطيع الحكومة مواجهته فكرياً للدرجة التى جعلت مصالح جماعة الاخوان هى مصالح مصرية،وتشعبت الأوراق،وتبعثرت بالشكل الذى لم يعد شباب اليوم يفرق بين السيادة الوطنية ومطامع الآخرين،ولم يعد الشاب يفرق بين مصلحة وطنه،وطموحات الآخرين،ولم يعد يفرق بين حزب الله  بإعتباره من رموز المقاومة،وبين حزب الله العميل لصالح الآخرين فى مواجهة مصر.

 الدبلوماسية المصرية كانت تشتهر بالقوة والقدرة على الرد على الاخرين،وكانت الدبلوماسية هى السبب الحقيقي لشعبية بطرس غالى وعمرو موسي،والشعب المصري عشق الدبلوماسية المصرية بسبب قوتها،والآن هناك من ينظر لأبو الغيط بشكل بأنه أقل من هؤلاء،رغم أنه إلى حد ما يرد بشكل أقوى من الآخرين،ولكن هناك من يعتقد بانه ينفذ سياسية دولة اكثر من كونه وزير دبلوماسي يحافظ على توازن الأمور.

 الاعلام المصري كان يتمتع بالريادة فى الفترة التى لم يكن هناك اعلام عربي،ولكن الاعلام المصري لم يدرك التطور المهنى أو التنكولوجى،وبالتالى ظهرت وسائل اعلامية أقوى من المصرية،وبالتالى الريادة أصبحت فى الماضي،ولم يعد لها مكان فى حاضرنا اليوم،واستطاعت بعض الدول العربية فى تطوير قدراتها بشكل يمكن المنافسة به،بينما حافظنا نحن على الشعارات،ليظهر المستوى الحقيقي للاعلام المصري،فى حين ظهرت وسائل اعلامية محترفة معظمها بسواعد مصرية،ومع ذلك لا تريد الحكومة المصرية بالاعتراف بخطئها،وإنه يمكنها استعادة الريادة لو منحت الاعلاميين المصريين العاملين فى هذه الفضائيات نصف مساحة الحرية المتاحة لهم فى الخارج،والاستفادة منهم فى دعم الاعلام المصري،حينها لن تشكو الحكومة بعد ذلك،وستجد مؤيدين لسياساتها أو على الأقل عدم الهجوم بدون دليل،،ولكن للآسف الحكومة لا تريد إلا الأوضاع الراهنة.

 وعن أوضاع حقوق الانسان فى مصر،حدث ولا حرج،فالانتهاكات على كل شكل ولون،ورغم ان مصر شاركت فى صياغة الاعلان العالمى لحقوق الانسان،وكانت من أوائل الدول الموقعة على هذا الاعلان وغيره من المواثيق الدولية لحقوق الانسان،نجدها اليوم مدانة فى جميع المجالات.

وعن المستوى الفكرى التراجع يزداد يوماً بعد يوم،وبعد ان كانت مصر بوقتة لكل الأفكار والاجتهادات،وكانت مفرخة لجميع الأفكار التنويرية،أصبح تصدر التطرف والتشدد،والمزايدة على كل ما هو مضاد للتطور الزمنى،بشكل يجعل المجتمع الخارجي يأسف لهذا الوضع المتردى،ففى أوائل القرن التاسع عشر كانت هناك آراء فقهية واجتهاد حقيقي،واجابات بشكل متطور كان يسبق العصر،بينما الآن هناك اعادة طرح لهذه الأسئلة،ولكن الاجابات تأتى بشكل متدنى  لا يليق على الاطلاق بوضع مصر.

 فى النهاية..لا أدعو للتشاؤم،فكل هذه الأمور معروفة للكافة،ولكنى أدعو للاستيقاظ،وأدعو صاحب كل قلم،وصاحب كل فكر بان يسعي للتغير،وأن يحاول مع الاخرين للتغير،فكل من يصمت على تلك ألأوضاع يشارك فى هذا التردى،انها دعوة لمحاولة البحث عن حل،ربما نتحدث كثيراً من أجل البحث عن الحل،ولكنى أثق أن مجرد الحديث هو بداية للحل،أما الصمت فهو موافقة تامة على سوء الأوضاع،والاستمتاع بهذا التراجع.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق