من خمسين عاما مات فيلسوف فرنسي عن 46 عاما وقال لنا: إن دنياكم كلام فارغ وعبث. ولم نكن في حاجة إلى هذه الحقيقة عن دنيانا. إنه الأديب الفرنسي ألبير كامي المولود في الجزائر من أم إسبانية وأب جزائري.. لم يطل عمره. وفي السنوات القليلة التي عاشها كان يعاني من مرض السل داخلا خارجا من المستشفيات..
ولكن كامي أوتي صفاء النفس والعقل والعبارة السهلة المطلقة.. والمعاني الصافية. وجودي؟ نعم وجودي ولم يرد ذلك. فهي لغة العصر التي نشرها وبشر بها وسقانا منها فيلسوف أكثر عمقا وأستاذية هو سارتر..
ولم تكن حياته جميلة. فقد تزوج سيدة مريضة خائنة. وهو أيضا خائن. وبعد أن أنجبت له بنتين توأمتين.. تركت له البنتين وماتت. وباقي حياته الزوجية لا يهم. فلم يتسع له الوقت ليقول أروع مما جاء في روايتيه: «الغريب» و«الطاعون».
يقول كامي: نحاول ما استطعنا أن نرتب أفكارنا لكي تكون معقولة. ولكن الكون ليس معقولا. اسألوا علماء الفيزياء بعد آينشتين.. ثم إن حياتنا ليست معقولة. فالزواج مثلا: نظام فاشل أو هو انعدام للنظام ولذلك كان فاشلا. وعندك كل قصص الحب والغرام وقصص الوطنية والانتماء. كل شيء بالعقل والنتيجة جرائم بلا عقل، فكأن الإنسان بكل قواه العقلية ليس عاقلا. ولا جدوى من محاولة ذلك. فهل أضاف كامي شيئا لنا؟ لم يضف. وما كان له أن يضيف.. إذن هو وضع عنوانا لما نحن فيه. وترك العنوان ومضى. وكان العنوان: عبث كلها الحياة!
أما كيف الطلاق بينه وبين زوجته. فقد كان الحديث أمتع من الحدث.
قال: لم يعد لدينا شيء.
قالت: بنتان..
قال: ولا حتى هذا..
- إذن؟
- ننصرف.
- إلى أين؟
- ليس من شأنك هذا السؤال.
- بقيت كلمة أقولها وسوف أقولها. لقد أسعدتني بوقتك وأنعشتني حياتك.. وأنت؟
- أنا آسف على كل شيء..
- ......
نقلاً عن الشرق الاوسط |