في حوار مميَّز مع "إيلاف" تحدث الإعلامي المصري، محمود سعد، عن العديد من الأمور في مسيرته الإعلاميَّة، حيث دافع عن المواضيع الدينيَّة الَّتي يبثها من خلال برنامجه، مشيرًا إلى أنَّ له الفخر في أن يكون أو لمن أدخل هذا النوع من البرامج غلى التلفزيون المصري، كما تطرَّق إلى المواضيع السياسيَّة الراهنة، معبِّرًا عن موقفه من الرئيس حسني مبارك، ونجله جمال، ومحمد البرادعي، وجماعة الأخوان المسلمين، إضافة إلى حديثه عن الكثير من المواضيع الإعلاميَّة الشائكة.
القاهرة: منذ توجَّهت لمحاورته، كنت على مسبق بأنَّ الحوار لن يكون سهلاً، عندما فتح باب المكتب ودخلت لمقابلته دق قلبي من شدَّة الخوف، لوهلة شعرت أنَّني أريد أن أعود أدراجي، فأنا أعلم أنَّني اليوم أمام محاور عنيد وصلب لكنني تمالكت نفسي وقررت المضي قدمًا، فضيفي عرف من خلال حواراته الغير مألوفة بأنَّه صاحب أسلوب مختلف ومميَّز، صحفي أمتلك من الذكاء وسرعة البديهة ما أهلاه لأنّْ يكون في الصدارة بين قلَّة من الإعلامين، فهو لا يرى نفسه ذكيًّا بقدر ما هو مجتهد، ويسعى دائمًا للحصول على المعلومة الَّتي تصاحبها التحضيرات المسبقة والعمل الدؤوب، ناقد ساخر ولاذع في كل مقالته، لا يأبه بما يُكتب عنه من نقد ويعتبرها أحيانًا "مصادر هلس" يرى نفسه بسيطًا، في وقت رأه البعض أستاذًا في البساطة المصطنعة، مع المرأة دائمًا ولا يضيره وصولها إلى الحكم طالما أنَّها استحقت ذلك، شغوف بأم كلثوم، صديق للفنانين، ضد النقاب الذي يراه عادةً أكثر منه عبادةً، لا يعترف بحقوق المثليين جنسيًّا ولا يرى لهم حق سوى بالحياة الَّتي وهبها الله لهم... إنَّه الإعلامي والصحافي المميَّز، محمود سعد، الذي ألتقيناه في مكتبه في داخل القاهرة على أرض مصر وكان لنا هذا الحوار معه، حوارٌ بدا من بدايته مستفزًا، كان فيه سعد محاورًا عنيدًا، مدافعًا عن كل ما يقدِّمه، ومهاجمًا كالأسد، بعض الأحيان إذا تطلب الأمر، كما هو مع ضيوفه.
هل مصر سيِّدة يخشى من خروجها ليلاً أو خروجها عاريةً؟
افتتح سعد حواره مدافعًا عن برنامج "مصر النهاردة" الذي يرى البعض أنَّ لا اختلافًا بينه وبين برنامج "البيت بيتك" سوى في الإسم، فيقول:" أعتقد النَّاس أنَّ برنامج "مصر النهاردة" صورة مختلفة عن برنامج "البيت بيتك"، ولكن ما حدث هو أنَّ برنامج "مصر النهاردة" هو نفسه برنامج "البيت بيتك" مع تغيير الإسم فقط، وحدث ذلك نتيجة بعض المشاكل الَّتي حصلت مع منتج البرنامج بسبب حقوق الملكيَّة، وأفضى ذلك الخلاف إلى إنهاء عقد برنامج "البيت بيتك" وبثه من جديد بحقوق ملكيَّة جديدة واسم جديد، ولكن بقي المضمون كما هو مع زيادة بعض الفقرات".
ويعترض على من يرى أنَّ تلك البرامج تطال من سمعة أو مكانة مصر في الخارج، كونه يعرض السلبيَّات الموجودة في المجتمع المصري على الملأ، معترضًا في الوقت ذاته على مسمى "سمعة مصر" فيقول: "لا يمكن لبرنامج "مصر النهاردة" أو أي برنامج من برامج التوك شو أنّْ يؤثر على سمعة مصر، فمكانة مصر أكبر من أن تطالها أي شائبة من الشوائب، كما لا يمكن أنّْ يؤثر ذلك على قطاع السِّياحة في مصر، والدليل أنَّنا لم نستلم أي شكوى في هذا الخصوص". ويضيف قائلاً: "كما أنَّني من المعترضين على مسمى "سمعة مصر"، فهل مصر هي سيِّدة يخشى من خروجها ليلاً أو خروجها عاريةً؟ إنَّها مكانة مصر، ومكانة مصر أكبر بكثير من أنّْ تمس بما يعرض في تلك البرامج الَّتي تسلِّط الضوء على الفساد الحاصل وهذا هو هدف البرنامج".
التلفزيونات الخاصَّة كلامها مشكوك فيه لأنَّه خاضع لحسابات خاصَّة
كما وينتقد في الوقت ذاته أصوات مصريي الخارج الَّتي تقول أنَّ برامج التوك شو المصرية نجحت، ولكنَّها أظهرت أنَّ فقر وحاجة طبقة كبيرة من المصريين إلى المساعدة، وأنَّه سلَّط الضوء على الفساد المتفشي، متجاهلاً الإنتقادات الَّتي شبَّهت البرنامج ببرنامج تسوُّل وحل لأزمات المصريين، معتبرًا أنَّها الطريقة الوحيدة لمساعدة النَّاس للخروج من الأزمات داعيًا الناقدين إلى تقديم طرق أخرى للمساعدة في حال وجدت.
أما في ما يخص سقف الحريَّة المعطى للبرنامج فيرى، محمود سعد، أنَّ السقف ارتفع قليلاً كونه يمتلك مساحة من الحريَّة أكبر من ذي قبل، تمكِّنه من اختيار المواضيع والضيوف، ولكن ليس بالصورة المطلوبة الَّتي قد يتخيلها البعض، مكتفيًا بهذا القدر الآن كونه يتعامل مع التلفزيون الأرضي، أو ما يسمى تلفزيون الدولة، كون الكلمة التي تقال من خلال شاشته لها قدر كبير لدى المشاهدين، والنَّاس تصدق كل ما يقال عليه، أما التلفزيونات الخاصَّة فكلامها مشكوك فيه لأنَّه خاضع لحسابات خاصَّة.
وعلى الرغم من اختلافه مع جماعة الإخوان المسلمين في نهجهم ورفضه لوصولهم لدفَّة الحكم، إلاَّ أنَّه يصر دائمًا في كل مقابلاته الصحفيَّة على قياس درجة المصداقيَّة، وسقف الحريَّة الممنوح لظهور الإخوان المسلمين في البرنامج، معللاً ذلك بأنَّ جماعة الإخوان المسلمين، هي جماعة موجودة في الشارع المصري، وهي جماعة مؤثرة، كما أنَّها تمثل 80% من مقاعد حزب الشعب لذلك لا يمكن تجاهل وجودها في البرامج، وهي تحتل هذا الكم من المقاعد في المجلس ولها تأثيرها في الشارع، وعن إعتبارها جماعة محظورة فيقول سعد: "كيف تكون محظورة وهي جماعة لها وزنها وثقلها في داخل المجتمع كما أنَّها تملك 80% من مقاعد حزب الشعب، والكثير من أفرادها يتم استضافتهم في قنوات فضائيَّة أخرى".
وحول الأصوات الَّتي تعالت منتقدة البرنامج بسبب حلقة "مرتضى وشوبير"، يعتقد سعد أنَّه من الظلم الحكم بفشل أو نجاح برنامج "مصر النهاردة" من خلال حلقة قد تعد سقطة، لأنَّه يهتم بشؤون وهموم وأوضاع المصريين، وحلقة فاشلة ما هي إلاَّ حلقة من سلسلة حلقات أخرى لمواضيع أخرى مهمَّة نجحت وتركت أثرًا لدى النَّاس.
حلقة فاشلة ما هي إلاَّ حلقة من سلسلة حلقات ناجحة
وتعرَّضت حلقة "مرتضى وشوبير" لكثير من النقد في الداخل والخارج لما بدر في تلك الحلقة من عبارات ذات مغزى، وكلمات أشارات إلى الشذوذ والدَّعارة، بل ووصل ببعضهم بإتهام البرنامج بضحالة القضايا المطروحة، وطال الإتهام إهانة رجال الدين بسبب ظهور، الشيخ خالد الجندي، في الحلقة على الشكل الذي ظهر عليه، مما أضطر سعد إلى الظهور على شاشة التلفزيون معتذرًا عما بدر، وقيِّمت الحلقة من قبل لجنة أشرف عليها وزير الإعلام شخصيًّا.
ويقول في ذلك: "للأسف لم تمشِ حلقة "مرتضى وشوبير" كما كان مخططًا لها، وطلب أسامة الشيخ رئيس إتحاد الإذاعة والتلفزيون، والشيخ خالد الجندي مني شخصيًّا القيام بهذه الحلقة على اعتبار أنَّ مرتضى ظهر على قناة أزهري مع خالد الجندي، وبدا هادئًا ورحَّب بالصلح مع شوبير، وشوبير ظهر على قنوات أخرى مرحبًا بالصلح مع مرتضى ويبدو أنَّ الأمور بدأت تهدأ بينهما".
الجنس من إحدى أسباب الطلاق ولابد من التحدث عنه
ويضيف: "وعلى هذا الأساس قمت بالإتصال بالطرفين شخصيًّا من دون تدخل من أحد، فالإثنان صديقاي وتربطني بهم علاقة طيِّبة، ووعداني بالصلح أمام الجميع، وعندما ظهرا في التلفزيون حدث العكس، وهذه هي حقيقة ما جرى، وكل ما كتب على صفحات الجرائد وفي المواقع ليس صحيحًا إطلاقًا، ولم يتدخل أحد بيني وبينهما"، ثم يضيف قائلاً: "نعم أعترف أنَّ الحوار كان مختلفًا ولكن للأسف الحلقة مشت باتجاه أخر ولم أستطيع كبح لجامها، مما أربكني وخصوصًا أني كنت قد أخذت وعدًا منهما بالصلح، وفجأة حدث شيء أخر، وشعر الشيخ خالد الجندي خلال الحلقة أنَّ ما كنا نصبو له لن يتم، وأنَّ الحلقة أخذت منحننًا أخر لم نكن نبتغيه، وأصبحت مسافة الصلح أبعد ما يكون عن الإثنين، لذلك لم يستطيع التدخل ليقول ما جاء من أجله، وعندها لم أجد حلاً سوى بإنهاء الحلقة على هذا الشكل، وربما أكون قد أخطأت."
أرفض العمل في برامج ثنائيَّة مع أي مذيع أو مذيعة
وعلى الرغم من أنَّ برنامجه يبث على قنوات الدَّولة إلاَّ أنَّ المتابع له يراه مشاكسًا وناقدًا للحكومة ولسياساتها الخاطئة، وهناك من يراه محرضًا في أحيان أخرى مما يفتح باب التساؤلات لدى فئة من النَّاس حول مدى مصداقيَّة المواضيع المطروحة، فيجيب عن ذلك مدافعًا: "لست محرضًا ضد أحد ولا أحد يملي عليَّ ما يجب أن أقوله، وليس لي خصومة مع أحد، أنا إنسان مسالم ولكن عندما أرى خطأً أتحدث عنه وهذا هو واجبي تجاه البلد والنَّاس الذين أحبُّوني، البرنامج يتحدث عن هموم المواطن المصري ومشاكل الفساد الحاصلة في البلد، وعندما تقدم الحكومة للبلد وللمواطن بمشاريع جيِّدة أذكره وأمدحه فكما هنالك رجال جيدين في الحكومة، هنالك رجال فاسدين أيضًا".
وعن رأيه في ترشيح جمال مبارك للحكم يؤكِّد محمود سعد أنَّه لن ينتخب جمال مبارك وذلك ليس لعيب في شخصه ولا إنتقاصًا من قدره، ولكن لأنَّه ضد سياسة التوريث في الحكم وفي أي مجال، مستشهدًا بالتَّاريخ الذي أثبت أنَّ كل الأنظمة المورثة اندثرت وخلفت ورائها أزمات كبيرة ولم تدم طويلاً، وعلى الرغم من حبه واحترامه وتقديره لشخص الرئيس مبارك، لكنه ضد بقائه في الحكم لأنَّه التغيير وضد احتكار الرئاسة لأحد، لأنَّه يؤدي إلى التَّرهل في إدارات الدَّولة ما يؤدي إلى ثبات عجلة الحياة في البلاد، وإنتشار الركود فالمجتمعات بحاجة لدماء الشباب الجديدة وأفكارهم.
ويضيف: "للرئيس مبارك مكانة خاصَّة في نفوس المصريين وفي نفسي شخصيًّا وعندما عاد من رحلة علاجه من الخارج كنت من المهنيئين، وكوني لا أرغب في بقائه في السلطة هذا لا يعني أنَّني ضده، فنحن نجلُّه ونحترمه وعندما نختلف معه نختلف معه بأدب، لكنَّني مع سياسة التغيير دائمًا."
كما ويرى أنَّ تجربة البرادعي تجربة جيِّدة وصحيِّة وهي رمز للتغيير، متوقعًا لها الفشل في الوقت ذاته، كون الشعب المصري لم يعتد التغيير بعد ويحتاج لوقت طويل للتغيير وتقبل الجديد.
ويردُّ محمود سعد على من يقولون أنَّه أدخل فقرة الدين لزيادة نسبة المشاهدين في البرنامج بقوله: "البرنامج ناجح قبل دخول فقرة الدين وظهور خالد الجندي، فهو يضم عناصر جيِّدة ويحقق إيرادات عالية من خلال الإعلانات، لكنَّني كنت دومًا أحلم بتقديم برنامج ديني، فوجدت أنَّها فرصة جيِّدة لإضافة درس ديني كل يوم أربعاء يقوم بطريقة مختلفة عن البرامج الدينيَّة الأخرى، حيث يقوم بشرح الأحاديث وبعض الآيات القرآنيَّة ويجيب على بعض الأسئلة الَّتي تدور في عقول النَّاس، وما حدث أنَّ النَّاس تقبَّلت تلك الفقرة وأحبَّتها ولي الفخر أنّْ اكون أوَّل من أدخل فقرة الدين في برامج التوك شو وهذا ليس عيبًا، أنا فعلت شيئًا لم يظهر في تاريخ التلفزيون المصري".
لست محرضًا ضد أحد ولا أحد يملي عليَّ ما يجب أنّْ أقوله
وفي ما يخص الأصوات المنتقدة طرحه للمواضيع الجنسيَّة بطريقة جريئة يجيب متحديًّا: "عندما قررنا طرح المواضيع الجنسيَّة كان ذلك من منطلق طرحنا لمواضيع ازدياد معدلات الطلاق في مصر والوطن العربي، وعندما عرجنا على الأسباب وجدنا أنَّ الجنس هو أحد أسباب الطلاق لذلك كان لا بد من التحدث عنه ولكن بطريقة محترمة تستطيع الدخول لأي بيت، والجنس علم من العلوم لذلك أنا أتيت بدكتورة مختصَّة في هذا العلم وأطباء نفسيين وشيوخ دين يستطيعون شرح ومساعدة النَّاس لتعليمهم أمور حياتهم والدين الإسلامي"، ويضيف قائلاً: "مع ذلك أنا لست مع عرضه بطريقة أوسع على الشاشات لأنَّ مجتمعاتنا محافظة وغير معتادة على طرحه بطريقة جريئة وموسعة ونحتاج لوقت طويل لذلك، ولكنني أوافق على تدريسه في المدارس لأنَّنا ليس لدينا ثقافة جنسيَّة أصلاً لذلك نحن نحتاج لتدريس الثقافة الجنسيَّة".
برنامجي ناجح قبل دخول فقرة الدين
ولا يحبِّذ، محمود سعد، العمل في برنامج ثنائي مع مذيعة أو مذيع ويقول: "أرفض العمل في برامج ثنائيَّة مع أي مذيع أو مذيعة، ومن الصعب جمع مذيعان قوِّيان في الوقت عينه، لقد سعدت كثيرًا بعرض منى الشاذلي لتقديم حلقة أحمد زويل معها وذلك بطلب شخصي منه، ولقد قبلت ذلك وأتشرف بالعمل معها في برنامج فهي مذيعة قويَّة، ولكن عادة الحوار الثنائي يكون ضعيفًا فنحن نحاور شخصيَّة واحدة لذلك تركب الأسئلة على بعضها فعندما يسأل المذيع ينتظر أن يسأل سؤال أخر فيقوم الطرف الأخر بمقاطعته مما يؤدي إلى المضاربة في الأسئلة بينهما ويبدو الحوار ضعيفًا، لذلك الحوار يجب أن يكون فرديًّا، ولكنَّني أتمنى العمل مع عمرو أديب أو منى الشرقاوي مستقبليًّا".
وينهي سعد حديثه معنا بأنَّ إنتهي من برنامج ديني جدسد متمنيًّا أنّ يلق إعجاب النَّاس، حيث يتطرق البرنامج إلى عصر نهضة الإسلام وجوانبه السياسيَّة والإجتماعيَّة والفكريَّة ومقارنته بأحوال المسلمين اليوم، كما يرى أنَّه من الواجب إعطاء الشباب الفرصة للظهور |