بقلم: نسيم عبيد عوض
انضمت أخيرًا الدكتورة "سعاد صالح" -وهي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر- لحزب الوفد، وقالت أن انضمامها كان للأسباب التالية:
- بعد أن رأت الصورة الحضارية التي خرجت بها انتخابات رئاسة الحزب.
– أنها رأت استخدام طاقتها الدعوية من خلال لجنة الشؤون الدينية والمرأة في الحزب.
– التحرك في الشارع بين الناس.
– أملها ان يصل حزب الوفد ان يكون بيت الأمة بالفعل ويحقق طموحات المواطن المصرى.
- أنها ستسعى الى التنسيق مع المؤسسات الدينية فى مصر من خلال الحزب الذى وصفته بأنه علمانى ولكنه ليس كافرا.
وعندما لفت نظرها مذيع برنامج " مانشيت" على قناة – أون تى فى – ان فكرها يتناقض مع المبادئ العلمانيه لحزب الوفد الذى إنضمت اليه, فاجئت جمهور المشاهدين بالتصريحات التالية:
1- أى مبادئ تخالف ثوابت دينى لن أتبعها.. ولن يجبرنى أحد على مخالفة دينى إرضاءا لمطالب بشرية.
2-رفض تولى المسيحيين منصب رئيس الجمهورية مع إعطائهم حق تولى كافة المناصب القيادية .
3- لا تجوز الولاية فى بلد غالبيته يدين بالإسلام لغير المسلمين.وبالمعنى الصريح تكفير الأقباط.
وفى تناقض عجيب فى عرض أفكارها قالت عن الأخوان المسلمين أنهم من يتغلفون بالدين فى سبيل الحصول على السلطة واعربت عن رفضها لبعض أفكار هذة الجماعة ,وهذا لا يهمنا فى شئ , ولكن على أثر ثورة الشارع المصرى على أفكار أستاذة الفقه المقارن المنضمة لحزب الوفد لتقود تحرك الشارع والوقوف بين الناس للدعوة لأفكارها, قامت بالإتصال بمقدم البرنامج ثانية وعلى الهواء وقالت " ان الأخوة المسيحيين لهم منى كل الإحترام والتقدير , وانها لا تقصد الإساءة لهم, فالمسيحى له مالنا وعليه ماعلينا, له وعليه كل الحقوق والواجبات. وهنا لنا وقفة مع قولها " ان لهم مالنا وعليهم ماعلينا".
ويادكتورة سعاد أنت مثل للمغلفون بالدين , ظاهرهم حق وباطنهم باطل , فالتناقض العجيب فى أفكارك يظهر بوضوح حياتك العقلية المتناقضة مع نفسها , فأن دينك حقيقة يكفر الأقباط , وأن كل ماقلتيه هو تعليم حق للدين الذى تؤمنين به , ولم تقولى شيئا شاذا , نحن الأقباط نعلم تماما عقيدة وإيمان المسلم تجاه الأقباط فلماذا تناقضت فى أقوالك وأظهرت لنا نفسك بعقل مشوش وفكر منفصم عن شخصيتك.
وهنا أحب الرد على قولك أننا كأقباط لنا ماللمسلمين من حقوق , هذا قول ظاهره حق ولكن حقيقته باطل , بدليل رفضك تولى القبطى لمنصب رئيس الجمهرية , أليس هذا إنتقاص من الحقوق , فالحقيقة التى تعلمينها تماما أن الأقباط ليس لهم كل الحقوق مثل المسلمين , بل أفكارك تدعو لسحب مصريتهم من الوطن لتكفيرك لهم وعدم حق ولايتهم على المسلمين , فالمصرى القبطى أى المسيحى وهو صاحب الأرض التى تعيشين عليها ليس له الحقوق مع المسلم لآنه يدين بالمسيحية , فهل هذا حق, ولكنه حقيقة واقعة نعيشها جميعا ,ولكن آرائك يجب الرد عليها :
1-إن ماتنادين به على أنه ثوابت دينية إسلامية لا يجب التخلى عنها , هى نفس مانادى به المستعمر البريطانى لمصر , عندما نادى وعمل بفكر ان الأقلية القبطية لا بد ان تخضع بالضرورة للأكثرية المسلمة وكما تعلمين أن اللورد كرومر كان هو المخطط لنظرية " فرق تسد" والتى كان يعمل بها المستعمر فى كل مستعمراته حتى سقط وهوى فى طيات النسيان.
2- لست أعلم هل انت قد درست تاريخ الوطنية المصرية , وقرأت مانادى به فطاحل المسلمين المفكرين , كرواد يقدمون فكرا رائدا فى سبيل نهضة مصر الحديثة , وهم على فكر إسلامى وليس مسيحى , أولهم رفاعة الطهطاوى الذى نادى, ان الحضارة المصرية القديمة – الفرعونية - يجب ان تكون مدعاة للأعتزاز ومصدر إلهام لنهضة مصر الحديثة , وان مصر مسلمة إلا انها ليست كذلك على سبيل الحصر فجميع من فيها نصارى ويهود هم جزء من الجماعة الوطنية , وفى إطار هذه الجماعة يتعين ان يتاح لهم حريتهم الدينية كاملة.
وثانى مفكرى مصر الوطنيين والرواد أحمد لطفى السيد الذى نادى , ان الدين أو الجنس لا يعتبر أساسا من أسس تكوين الوطن, ونادى بالجامعة المصرية فى مقابل الجامعة الإسلامية التى كان ينادى بها الأتراك, وأعطى الجنسية المصرية تعريفا محددا وضع به من ينتمون الى أصول تركية أو عربية أو قبطية على قدم واحدة من حيث إحتواء القومية المصرية لهم, فالوطن ليس مسألة مجردة بل مجموعة من الناس يسكنون ارض ذات حدود جغرفية محددة وتربط بينهم جميعا مصلحة مادية مشتركة.
3- وعلى أثر ظهور هذه التيارات الفكرية المستنيرة التى أثرت فى تكوين المثقفين والمتعلمين , بدأ ظهور أثرها فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر بالأتجاه نحو تقرير المساواة فى الحقوق المدنية بين المسلمين والأقباط ففى عام 1855 أسقطت الجزية عنهم, وفى العام التالى صدر الأمر العالى بدعوة أبناء الأقباط لحمل السلاح وتزامنت هذه الإجراءات مع إتجاه الدولة الى الإعتماد بدرجة أكبر على الأقباط فى وظائف الدولة والجيش,( وهذا عكس ما تنادى به جماعة الأخوان المسلمين اليوم من فرض الجزية على الأقباط ورفض إشتراكهم فى صفوف الجيش والدفاع عن الوطن. )
وفى العقدين الأول والثانى من القرن العشرين تولى أثنان من القبط رئاسة الوزراء وهما بطرس غالى باشا ( 1908-1910) ويوسف وهبة باشا(1919-1920) وهو عكس ماتنادين به سعادتك برفض ولاية غير المسلم على المسلم , بل وعلى النقيض لأفكار الهدم الحالية لمشاركة الأقباط فى الحياة السياسية , وفى سبيل الجهاد ضد المستعمر ولغرض نهضة مصر الحديثة , اتسعت مشاركة القبط فى الحياة السياسية وعلى سبيل المثال- حزب الاصلاح بزعامة الشيخ على يوسف وكان من مؤسسيه أثنان من الأقباط.
– إنضم الأقباط لقيادة الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل ومنهم أثنان من أبرز زعماء الحركة الوطنية هما ويصا واصف ومرقس حنا. – حزب الأمة ضمت جمعيته الوطنية التأسيسية 16 من القبط من ضمن 113 عضوا, وكان منهم على سبيل المثال فخرى عبد النور وسينوت حنا وبشرى حنا ( البكوات) وهذا بخلاف زعماء حزب الوفد الأقباط والذين تعرفين عنهم الكثير لإنضمامك للوفد فهذا تاريخ مدون ليس فيه تزوير , فوطنية الأقباط مصدرها الوحيد الوطن الذى نعيش فيه أو الذى يعيش فينا. ولكن كان هذا فى وسط فكر مستنير متطور بعكس الأفكار السلفية التى تادين بها الآن وفى هذا الزمان.
4- أن أفكارك ياسعادتك هى نفس مانادى به المشرعيين الإسلاميين فى الزمن الأغبر ونموزج لأهل الذمة فى العصور الوسطى , وهو نفس مانادى به كتاب " الفريضة الغائبة " والذى نص" إن الله قد بعث محمدا بالسيف الى توحيد الله , فمن لم يستجب الى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعى بالسيف., وقد نادى صاحب كتاب الفريضة الغائبة بتطبيق نص ( آية السيف ) والذى لا يبقى لأحد من المشركين عهد ولا ذمة ونص الآية( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ..) اليست هذه هى ماتنادين به سعادتك بالقول المغلف .
إن مايعيشه الأقباط فى زماننا هذا وهو يعيش منتقصا فى كل حقوقه ومكتملا فى تأدية كل واجبات المواطن المصرى , أقول البلد ليست فى حاجة الى هوس دينى سلفى يشعل النار فى الهشيم الذى نحاول جميعا بفكر وطنى متنور أن نحوط حوله حتى لا يقترب منه لهيب النار الذ سيلتهم الأخضر واليابس, الرحمة ياسادة بالوطن الحبيب , فهذه الأفكار السلفية تدمر الروح الوطنية وتشعل روح الفرقة بين الشعب الواحد , ولا تقولى لى ان لنا ملكم والحقيقة انه ليس لنا مالكم, ولكن علينا ماعليكم وأزيد .
ولحزب الوفد اقول ان تجربة الشيخ صلاح أبو إساعيل عند عودة الحزب للحياة السياسية بقرار جمهورى مازالت عالقة فى أذهاننا ولهذا نفر الأقباط من حزب الوفد وخرجوا منه ولم يعودوا , فما الذى يخطط الوفد له الآن, رئيس الحزب يتوجه لقداسة البابا شنودة لدعوة الأقباط للعودة للوفد وثانى يوم يرسل الدكتورة سعاد لتكفير الأقباط . هل حياة المصرى فى حاجة الى تناقضات أخرى أكثر ماهو يعيش فيه تلوث حياته بالفكر الأسود. |