CET 00:00:00 - 28/06/2010

المصري افندي

 بقلم: جرجس بشرى 
من يتابع بدقة أوضاع  ومُعاناة الأقليات الدينية المصرية، من أقباط وبهائيين وشيعة، يُدرك تمامًا، وللوهلة الأولى، أن السبب الرئيسي في مُعاناتهم، وتدهور أوضاعهم في وطنهم الأصلي "مصر" إنما يرجع في الأساس إلى المُخطط الرامي  إلى أسلمة الدولة المصرية..هذا المُخطط  الآثم الذي كانت نقطة بدايته  ثورة يوليو 1952 م.

هذه الثورة  الجهنمية التي كان لها بالغ الأثر على أقباط مصر تحديدًا، والتي تسببت في إقصائهم من المناصب المرموقة بالدولة لدوافع دينية بحتة، وسلب ممتلكاتهم عبر قانون الإصلاح الزراعي، حيث كان أقباط مصر يمتلكون أكبر مساحات من الأراضي الزراعية.

فالرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" كان إخوانيًا لا غش فيه، بإنضمامه لعضوية التنظيم السري لجماعة الإخوان المُسلمين، وتمسكه بالقومية العربية، لدرجة أنه استطاع أن يغير أسم "مصر" إلى "الجمهورية العربية المتحدة"!! كما أقسم "عبد الناصر"  على "المصحف والمسدس"، وعيّن الشهيد "سيد فطب" مستشارًا خاصًا للثورة، كما إنه في الذكرى السنوية لإستشهاد الشيخ "حسن البنا"- مؤسس الجماعة المحظورة- وقف الرئيس "جمال عبد الناصر" أمام قبره، وترحم عليه،  لدرجة أن استمرت الإذاعة في تلاوة القرآن طوال اليوم. و"عبد الناصر" أيضًا هو الذي أسس إذاعة القرآن الكريم وجامعة الأزهر. 

أما في عهد الرئيس الراحل "أنور السادات"، فقد تم وضع حجر الأساس لأسلمة الدولة المصرية رسميًا، بوضع المادة الثانية في دستور "مصر"، والتي تقول بأن: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

والتطور الخطير هنا، أن الدولة أصبح لها دين وهو "الإسلام"، والشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما يعني أن الدولة المصرية تم بالفعل أسلمتها رسميًا، لدرجة أنه من المستحيل أن يصدر تشريع أو قانون في "مصر"، أو يتم تمرير سياسة معينة، الإ بعد رجوع الحكومة المصرية للمؤسسة الدينية الإسلامية؛ لمعرفة رأيها الشرعي في هذه السياسات والقوانين.

كما أن القضاء المصري نفسه لابد أن تستند أحكامه في الأمور المتعلقة بحقوق الأقليات الدينية المصرية إلى الشريعة الإسلامية، وهذا ما نرى نتائجه واضحة الآن في الأحكام التي تمنع مسلمين آمنوا بالمسيحية من تسجيل ديانتهم الجديدة في بطاقات الهوية، وعدم السماح للبهائيين المصريين بكتابة ديانتهم "البهائية " في أوراقهم الثبوتية، ونزع الأطفال من حضانة أمهاتهم المسيحيات لوالدهم الذي أشهر إسلامه!!

ويُخطئ كل من يتصور أن الأقليات الدينية في "مصر" سوف تحصل على حقوقها في ظل المادة الأولى من الدستور التي تنص على المواطنة، فلا مواطنة للأقباط والبهائيين والمسلمين من أتباع المذهب الشيعي، في ظل وجود مادة فى الدستور تقول: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، لأن المواطنة بالفعل في ظل وجود هذه المادة ثبت لنا عمليًا إنه تم أسلمتها هي الأخرى بالقوة، وإنه تمت خصخصتها لصالح أتباع الإسلام السني.

إنني أطالب المنظمات الدولية العالمية، والمنظمات القبطية في المهجر، والأقليات الدينية في "مصر"، أن يطلقوا حملة دولية  بإلغاء أو تعديل المادة الثانية من الدستور المصري؛ لرفع المعاناة والإضطهاد الذي تتعرض له الأقليات الدينية المصرية من البهائيين، والأقباط، والشيعة، والضغط على الحكومة المصرية لرفع التحفظ الموضوع بشأن المادة الثانية عند التصديق على المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق