CET 14:42:15 - 30/06/2010

مبسوطة يا مصر

بقلم: محمد بربر
بعيدًا عن صخب الاحتفالات الرسمية كان بابتسامته النقية وتسامحه ومودته مثالا لرجل الدين الطيب, أحبه الجميع منذ أن كنا صغارا نلهو فى باحة المسجد الكبير وقد جاء ليسلم على صديقه شيخ المسجد .. لم نشعر يوما بالخوف من قامته الطويلة أو لحيته الكثيفة فالرجل علمنا المحبة والتسامح حتى قبل أن نعرف اسمه
أبونا مينا .. عرفته منذ اليوم الأول فى المدرسةالإعدادية التى تجاور كنيسة مدينتى ..  كان يأتى ونحن نلعب الكرة فى ملعب المدرسة وينادى صديقنا فادى ثم يعطيه الحلوى وعندما يفرح فادى يقبله ويضحك هو الآخر

و سرعان ما ينادى علينا جميعا ويعطينا كما أعطى فادى ويسألنا عن أمور المدرسة والأصدقاء ومن فاز فى المباراة ومن يستحق صاحب أفضل أخلاق
كنت أراهن دوما مع أصدقائى أن هذا الرجل يريد منا أن نغير ديننا ونصبح مثله إذ لم أشاهد من قبل صورة لرجل دين مسيحى كمثل أبونا مينا

غير أننى عرفت بعدها أن مسلمى الحى يحبونه لأنه دائما ما يشاركهم مناسباتهم وأعيادهم .. كان له ابتسامة تحمل عنوانه وحين يمر علينا يوميا لابد وأن يسألنا هل شكرتم ربكم اليوم ,حالة من الدهشة تأخذنى فأسأله لحظة جرأة .."كيف تسألنا عن ربنا ولك ربك "
فيبتسم لى ويسألنى عن اسمى .. وأجيبه ( محمد ) فيقول ( عاشت الأسامى يا محمد ) ويوضح أن الله رب كل شيء وعلى كل الناس أن تعبده كيفما ترى وتشكره على نعمه التى لا تعد ولا تحصى وتخافه ولا يفعلون ما نهى الرب عنه , وأعاود سؤاله مرة أخرى .. لماذا لم تصبح مثلنا مسلما ؟
فيضحك لى ويصفنى بالفتى الذكى ويجيبنى أن الله قد خلقنا لنعبده وكل انسان يختار كيفية عبادته وتختلف الكيفية ولا يختلف الجميع على حب الله لأن بحبه سندخل جميعا الجنة .

ضرب لنا أبونا مينا مثالا فى الحب وهو يأمر شابا  يسب الدين فى الشارع أن يبتعد عن سب الدين فدين الله أعظم من الانسان وحين يسأله صديقى ريمون ( هل ده شاب مسلم ولا مسيحى يا ابونا ؟) يجيب بحكمته .. ربنا هو رب كل الناس, لذا لا افهم أفعال من يكرهون الأقباط ويأمرون بالتضييق عليهم وعدم الحديث معهم وينشرون فكرهم المتطرف بين شباب المجتمع ..
إن المواطنة ليست أغنية جميلة كلماتها أو فئة مضطهدة تفتن الناس .. هى سطور مشاركة وحب فمن يأمر بايذاء الاخر ارهابى لا مصرى ومن يشعل نار الفتنة لكى يجنى مصلحة شخصية لا يتستحق أن يعيش بيننا

لقد تناسينا  فى مصر التسامح الذى كان يجمعنا نحن أبناء هذا الوطن  ولم نهتم سوى بكاميرات التليفزيون ولقطات مصطنعة جلس فيها شيخ وقسيس جنبا إلى جنب ,تبدلت نظراتنا وأصابنا الخوف من مستقبل تنتهك فيه الحرمات وتهدر الدماء باسم الدين .
أعتقد أن سبيلا واحدا أمامنا حتى نصل إلى بر المحبة مرة أخرى وهو أن نؤمن بحقوق الآخر وأن نحترم معتقدات المصريين , وأن نوجه حماسنا وطاقاتنا للنهوض بمصر التى أراها تقف على حافة الهاوية
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق