بقلم: أماني موسى
منذ فترة كنت قد قرأت عبر شبكة الانترنت كتابًا لعبد الله القصيمي، والذي يحمل عنوان "العرب ظاهرة صوتية" ويسترسل في الحديث عن انفرادات العرب في كافة المجالات والتي لا تتعدى مرحلة الصراخ والهتاف والحناجر، وأن العرب لهم تاريخ طويل مع الصويت والصراخ منذ القدم وحتى الآن.
ونجد العرب ظاهرة صوتية في كافة المجالات، فعندما يحدث حدث كبير كان أو صغير، تافه كان أو خطير، تجد الإخوة العرب الأبطال يشجبون ويدينون ويستنكرون ولا يتوقف صراخهم عند هذا الحد بل يمتد إلى إصدار البيانات التي تعارض وتندد وتهدد.
هذا فقط كل ما في الأمر..!
وقد يسأل أحدهم ماذا عن الأفعال والتحركات الايجابية؟ فتكون الإجابة البديهية: قد تم التنويه إليها في البيانات الصادرة.
وبحُكم المَثل القائل (مَن عاشر القوم أربعين يوم صار منهم) أصبح الأقباط ظاهرة صوتية كإخوتهم العرب بحُكم عِشرة 1400 سنة،، فعند حدوث فاجعة نجع حمادي وفرشوط في أول هذا العام قامت الدنيا وتعالت الأصوات المنددة والباكية وانتشرت الجروبات الجهادية على الفيس بوك وأخذ كلاً منّا يُمسك بطبلة يصرخ بها، وهكذا تعالت الأصوات وتعالت لتهدأ تدريجيًا حتى تلاشت تمامًا وعاد كلاً إلى أدراجه وكأن شيئًا لم يكن...
وننتظر حدوث فاجعة أخرى لنفرغ طاقات الغضب وشحنات اليأس في صورة صرخات وصيحات متوالية، ثم نهدأ ونهدأ، والمشكلة الحقيقية ليست في الصراخ، فهو حق دستوري كفله القانون والعود والرباب كمان.
لكن المشكلة في الصراخ دون تحقق أية نتائج ملحوظة كمن يؤذن في مالطة فليس مَن يسمعه وليس من تغيير.
وهذا ما حدث مؤخرًا حين صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة بإعطاء تصاريح زواج ثان والسماح بالطلاق، فتعالت صيحات وصرخات جموع الأقباط، البعض مندد بذلك الحُكم وبشدة والبعض الآخر مؤيد لهذا الحكم وبحق الأشخاص في اختيار حياتهم بالشكل الذي يريدونه دون قيود كنسية رآوها قاسية، لدرجة أصبح معها الجميع يصرخ ويصرخ ولا أحد يسمع أو يفكر أو يحلل، بل الجميع متفرغ للصراخ فقط.
ولم يتناسوا وسط صراخهم عن الزواج تكفير بعضنا البعض لكل رأي مخالف، حيث أن كل منّا يرى أن الحقيقة المطلقة في يده وعقله هو فقط. ولكنهم ومع الأسف تناسوا فاجعة نجع حمادي وفرشوط وغيرها.
وهكذا بانتظار حدوث الجديد لننسى أمر الزواج الثاني ونتفرغ للجديد.... فدومًا (الغربال الجديد له شدة) كما يقولون.
وسؤالي: إلى متى نظل سائرين بالطبول هكذا، نهلل ونهتف على كل أمر دون أن نوجد حل لمشاكلنا بشكل حقيقي؟
استشعر في صراخ العرب والأقباط مثل كالأم التي تولد وتتألم بشدة وتصرخ متوجعة وقت المخاض، مع الفارق أن الأم ينتهي صراخها هذا بوجود ثمرة وهو الجنين، أما نحن فلا نجني إلا الصراخ. |