CET 00:00:00 - 07/07/2010

مساحة رأي

بقلم : نسيم عبيد عوض
مع بداية التسعينات أسعدنى الحظ أن اساهم فى تأسيس اول مكتبة ضخمة بالهيئة الأمريكية القبطية فى مبناها بجيرسى سيتى, بعد ان وافقنى الدكتور شوقى كراس على هذة المهمة , ولا أكون مغاليا والشهود على ذلك كثيرين أن هذة المكتبة الضخمة , بالإستعارة والبيع لمختلف بلاد العالم ساهمت بقدر كبير فى عملية التنوير , والتى كنت اؤمن بتزاملها مع تنوير الرأى العام المصرى والقبطى فى بلاد أميركا وأوربا وكندا وإستراليا عن أحوال الأقباط المتردية فى مصر, 
 
وجلبت للمكتبة مئات الكتب من كل المصادر فى كافة فروع العلم والثقافة والتاريخ وفروع اخرى كثيرة, وكان لى حظ  الإتصال المباشر ببعض من مؤلفى هذة الكتب , وكان على رأس الكتب التى إهتممت بطبعها أو إستيرادها من مصر , كانت لكتاب عمالقة أولهم : هو الدكتور رفعت السعيد والذى كان يمتعنى بالحديث معه , ولم يكن يرفض لى اى طلب لكتبه وكان يرسلها على الفور وحتى بدون ان يطلب ثمنها.  وثانيهما :   الدكتور فرج فودة , والصديق الحميم لأعضاء الهيئة القبطية , وكان ضيفا عليهم , وكتب لهم كتابا بعنوان"  حوار فى المهجر" الذى مازلت أحتفظ بأصوله , لأنه كتبه فى فترة وجودة معنا فى أميركا وآخر الفرسان كانت كتب الدكتور نصر حامد أبو زيد .

فى الفترة مابين منتصف الثمانينات وحتى آخر التسعينات طبعنا ووزعنا من كتب هؤلاء العمالقة بالآلاف , وغيرها كتب كثيرة  ومنها كتاب أقباط ومسلمون للدكتور جاك تاجر , كتاب نساء النبى للدكتور بنت الشاطئ , جميع كتب القمص سرجيوس وغيرها من الكتب الممنوع طبعها فى مصر. وبعضها طبع منه أكثر من عدة طبعات  ولكن أكثر الكتب التى شدت إهتمام القارئ المسيحى والمسلم المصرى فى أميركا وباقى العالم الخارجى  كتب هؤلاء الثلاثة , , الدكتور رفعت السعيد والدكتور فرج فودة  وأخيرا كتب الدكتور نصر أبو زيد . هؤلاء كانوا حقا مشاعل التنوير فى مجتمع خيم عليه ظلام الجهل والسلفية المقيتة وحولت المجتمع الى مجتمع كافر .

وكان شعار هؤلاء كما كتب الدكتور رفعت السعيد فى مقدمة كتابة " الإرهاب إسلام أم تأسلم"والذى صدرت الطبعة الأولى منه عام 1995عن دار سينا للنشر, : كتب يقول " أتوجه إلى كل المصريين كى أحفزهم , أوقظهم, أدعوهم , ألح فى دعوتهم إلى فتح عيونهم, وافتتاح مسارات لبصيرتهم كى يدركوا حقيقة ما نحن فيه , وما نحن مقبلون عليه." .. ويقول فى مقدمة  كتابه " فلقد نجح المتأسلمون فى أن يفرضوا ظلهم البغيض على المناخ الفكرى المصرى, وأن يخلطوا بين فكرهم بكل مافيه من تخلف ورجعية وجنون , وبين الدين. , وأصبح اللفظ الخارج من أفواه بعض المعممين أو حتى المتأسلمين غير المعممين , هو صحيح الإسلام ومن عارضه فقد عارض صحيح الدين. ., ويستشهد بقول الشيخ الإمام محمد عبده الذى قال وهو على فراش الموت" ولكنه دين أردت صلاحه .. أحاذر أن تقضى عليه العمائم"

 ويكمل الدكتور السعيد كتابته" فبينما العالم يسرع نحو القرن الحادى والعشرين , وبينما الآخرون يسابقون أنفسهم فيحققون تقدما علميا وتكنولوجيا , وبينما التقدم العلمى هو كل ماتبقى من أمل كى نبقى بشرا, .. أقرأوا معى هذه السطور من كتب لم تزل تطبع بعشرات الألوف من النسخ واسألوا أنفسكم عن تأثيرها على عشرات الملايين من العقول  أقرأوا وتأملوا.." إن نوحا عليه السلام بنى سفينته من عظام حيوان يبلغ طوله مسافة ما بين السماء والأرض ويبلغ عرضه مسيرة عام كامل" ثم أقرأوا.." إن نعلى الشيخ تطيران فى الهواء وتضربان رأس الفاسق حتى يموت. .. وإن تابع الشيخ ( وليس الشيخ نفسه )  يمشى فى الهواء والشمس تسلم عليه. وأن الشيخ وهو فى المهد رضيع كان يمنع نفسه عن ثدى أمه فى رمضان.. وأن أهل بغداد رأوه رأى العين يقف على ماء دجله والأسماك تجئ إليه فوجا بعد فوج فتسلم عليه .. وتقبل يديه ورجليه."

ويكمل الدكتور ..´أرأيتم ماذا يقرأ المصريون أو ماذا يقدم إليهم كى يقرأوه؟ .. أن هناك عمدا وترصدا وسبق إصرار يستهدف أن يحيط العقل المصرى بغشاء من اللاوعى واللافهم وبعد ذلك يبدأ غزو العقول بالتأسلم البدوى.. الذى يأتى إلينا متحصنا بالتأسلم وبالبترودولارات معا.. وهذه البترودولارات لا تأتى عفوا ولا تمنح بلا ثمن , فثمنها هو نشر التخلف والمزيد من التخلف حتى تبنى حصون سميكة من الجهالة حول العقل المصرى, فتحرمه حق التنفس وحق التأمل, وحق الفهم, بل وحق التلاؤم مع الحياة العصريةويتساءل .. ماذا يريدون منا بالضبط؟ .. أن نلغى عقولنا ونصدق لغوهم؟ وإلا أصبحنا كفارا مرتدين نستتاب فنتوب وإلا..

مطلوب من مصر أن تعيش فى جهل وجهالة, وان تقتات بالخرافة بدلا من العلم , بالجهل بدلا من المعرفة, وبالجهالة بدلا من الحضارة. والسعودية هى واحدة من المصادر الأساسية لهذا التأسلم البدوى الذى يحاول تجهيل المسلمين, والإرتداد بهم إلى حالة البداوة وأطوار التخلف., ويستشهد بكتاب عنوانه " الولاء والبراء فى الإسلام " يطبع وترسله بالمجان إلى ألاف المصريين, والكتاب حملة بذيئة على الأخوة المسيحيين وإنكار فج لدينهم, وتحريض شائك ضدهم وضد التعامل معهم, وضد مجرد إلقاء التحية عليهم.

ومجلة اسمها المسلمون - سعودية المنشأ والتمويل- توزع فى مصر وتحتوى على فتاوى مريبة, ومنها" يظل المسلم فى تعامله مع المسيحى يشعر أنه الأعلى ولا يأتى على باله أن هؤلاء القوم الكفار هم ممن يستحقون التقدير والاحترام, هم كالأنعام بل هم أضل منها, مهما عملوا من الأعمال الدنيوية الناجحة.

محاولات التفريق بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى , تجرى فكرا فى بادئ الأمر , ثم تجرى بالرشاش بعد ذلك , الإرهاب يبدأ فكرا وإن من الأفكار ماهو أخطر من مائة قنبلة.  فهاهى خيوط التآمر التأسلم ..
 – تغييب الوعى وإحالة العقل بغشاء أسود من الأضاليل يحجب عنه إمكانية التفكير
-  تدمير الوحدة الوطنية والتفريق المتعمد بين المصرى المسلم  والمصرى المسيحى .
- رفض الآخر وإعتبار هذا الآخر كافرا
- إشاعة مناخ من التأسلم المتطرف فكريا.. ثم تساءل..
-  فماذا يتبقى لمصر بعد ذلك ؟
كتب الدكتور رفعت السعيد هذا المكتوب فى 18 يوليه 1994 وبعد كل هذه السنوات ياتى الحصاد لهذا التأسلم , ان أعلام المملكة العربية السعودية ترفرف على شوارع مصر , وان الرشاشات تقتل الأقباط فى الشوارع وفى بيوتهم  وبدون أى عقاب فى شوارع المحروسة بدون رادع ولا عدالة . هل عرفنا مصدر الحالة التى يعيشها القبطى اليوم وبالأحرى المجتمع المصرى كله.. ومن هو وراء هذه الكارثة  اليوم. ؟

ولذلك طالبنا الكاتب منذ أكثر من خمسة عشر عاما بأن"  .." فهيا نعمل معا. نحب مصرنا معا, نوحدها معا, نتقدم بها معا, نحلم لها وبها معا. هذا ليس واجب أحد بعينه , بل واجبنا جميعا , كل فرد فينا, فكل منا يمتلك من المحبة فى قلب مصر, وتمتلك مصر مساحة من الحب فى قلبه..

أحسنت ياأستاذنا الكبير وشخصت الحالة بمبضع جراح عظيم وما خشيته قد حدث فى ذلك الزمان فلنعمل جميعا بما ناديت به نعمل معا ونحب مصرنا معا. حقا فأنت مشعل تنوير فى ذلك العصر المظلم , تمنياتى لك بالصحة والإستمرار كمشعل وضاء  فى تنوير العقول والقلوب المحبة لمصر.!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق