CET 00:00:00 - 07/07/2010

المصري افندي

بقلم: ميرفت عياد
يؤمن رجل الشارع المصري دائمًا بنظرية المؤامرة، إلى الدرجة التى تجعله يتخيل أن الغرب موجود فى تلك الدنيا فقط لتدمير الشرق، ولعل هذه الفكرة أتت من استعمار الغرب لنا، ولكن يجب أن نعى جميعًا أن هذا الإستعمار كانت تحركه مصالح إقتصادية، وليست عقائد دينية، فالغرب الذى نتهمه بأنه علماني ومدني، يتمتع بسماحة وقبول للآخر نفتقده فى  مجتمعنا الذى نصفه بالتدين، ولكنه للأسف تدين شكلي، لا يخرج عن ممارسة طقوس أو فرائض، دون الدخول إلى العمق، إلى جوهر الله الذى من صفاته الرحمة، والعدل، والحب، والتسامح، وقبول كل البشر، حتى إنه يشرق شمسه على الأشرار والأبرار معًا.

وكم تمنيت أن نتمتع بالسماحة الموجودة عند الغرب وأنا أقرأ الخبر الذى نُشر عن اعتبار أول يوليو يومًا للتضامن الإنسانى، وللتمسك بالقيم الإنسانية التى تربط البشر جميعًا، وذلك اليوم يوافق مقتل الصيدلانية المصرية "مروة الشربينى"، والتى تم قتلها بساحة احدى المحاكم بـ"ألمانيا".

 ولكن هذا الحادث الفردي، والذى يعبّر عن مشاعر الجاني فقط، للأسف صُوِّر فى الإعلام على إنه توجه عام لدى الشعب الألمانى صوب الإسلام والمسلمين، والحقيقة مغايرة لهذا تمامًا، والدليل على هذا أن مجلس أجانب مدينة "دريسدن" الألمانية لم يفكر فى عقيدة "مروة" وهو يطالب بجعل ذكرى وفاتها يومًا للتضامن الإنساني، ولكنه فكّر فى شئ واحد: إنها إنسانة بريئة لم ترتكب ذنبًا، وأُهدرت دماءها غدرًا. 

هذا هو موقف الغرب الذى دائمًا نلعنه، ونتهمه بالعنصرية والتصدى لكل ما هو مخالف لعقيدتهم وثقافتهم، هذا هو موقف الغرب تجاه من سماها الإعلام المصرى بشهيدة الحجاب، هذا هو موقف الغرب فأين موقفنا نحن؟ وضحايانا يتساقطون الواحد تلو الآخر كأوراق الشجر النضرة، تحت أقدام الإرهاب والتعصب والوحشية. أين ضحايا "الكشح" و"نجع حمادي" على سبيل المثال.

ومن المؤسف، إننا ننعت الغرب بما هو فينا، ونتهمه بالتعصب، ونحن يسرى فى دماءنا التعصب والكراهية لكل من يخالفنا العقيدة، أوالمعتقد، أو الرأي، أو الجنس، أو حتى الهيئة العامة، ويكون رد فعلنا تجاه العمليات الإرهابية، والتصفية الجسدية لهؤلاء الأبرياء، هو التعتيم والتضليل الإعلامي، ووصف تلك العمليات بإنها عمليات فردية برغم تكرارها، وإنها تصدر من مختل عقليًا، أو مسجل خطر، وتمر الأيام وننسى هؤلاء الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لإيمانهم بعقيدتهم.

 هذا، وفى المقابل، لم تنسى "ألمانيا" تلك المرأة، لذلك أقامت وقفة حدادية داخل المحكمة بـ"دريسدن"، حيث تم إزاحة الستار عن لوحة تذكارية برونزية تخليدًا لذكرى الواقعة الدموية البشعة باللغتين العربية والألمانية، وذلك لإحياء ذكرى تلك المرأة الشابة، التى دفعت حياتها ثمنًا للوحشية والتعصب.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق