CET 00:00:00 - 08/07/2010

مساحة رأي

بقلم: القس أيمن لويس
لست أنا من قال هذا، بل هو كتاب الله الموحي به، الكتاب المقدس هو الذي حدثنا عن هذا الأمر، واسم هذه المرأة النبيه "دبورة" (قض 4: 5)، وقد كان هذا منذ أكثر من (1209) سنة قبل الميلاد، وليس هي فقط بل هناك "خلدة" النبية (2 مل 22: 14، 2، أخ 34: 22).

 أيضًا هذا نقرأ عنه في العهد الجديد (أع 21: 9)، وليس في كتب الدين فقط، ففي التاريخ المصري القديم نفخر بمكانة المرأة وقيمتها في المجتمع، حيث لم يكن هناك أى إشارة للثقافة القائلة: "لا بارك الله في قوم ولت عليهم امرأة".

 وأنا أقول هذا الكلام بمناسبة الحوار الساخن الذي انشغل به المثقفون والدينيون فى مجتمعنا في الفترة الماضية بخصوص موضوع  "هل يجوز للمرأة أن تكون قاضية أم لا؟" على خلفية صدور حكم مجلس الدولة بعدم تعيين المرأه قاضية. وكان هذا فى فبرايرمن هذا العام، وقد استدل الحكم على أن القضاء ولاية ولايحق ولاية المرأة على الرجل، كما اعتبر أن حمل المرأة ورضاعها الطفل يؤثرعلى سير العدالة!! مما دفع الأستاذ "سعد هجرس" للخروج عن حلمه ليقول: "حكم ظالم فى يوم مظلم" (المصرى اليوم 23\2\2010)، وذلك قبل ظهور حكم المحكمة بإلزام الكنيسة بمنح تصاريح للزواج الثاني، و الذي جذب اهتمام الدوائر الإعلامية، وسحب البساط من تحت هذه القضية، وجعل موضوع تعيين المرأة قاضية نسيًا منسيًا إلي حين.

ولايخلو الأمر من أن يكون هذا النقاش علي خلفية دينية، وعليه يبدأ التفنن فى خلق المبررات وإصدار الفتاوي، ولابد أن يكون الدهاء والإلتواء واللف والدوران؛ حتى تكون المبررات لازم وبالعافية تثبت أن المنطق والطبيعى أنه لا يلصح ولا يجوز أن تكون المرأة قاضية، والدين أيضًا يرى ذلك.
 ويحدث هذا فى الوقت الذى يتسابق فيه الجميع من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، ولا سيما ما نراه ونسمعه من خلال البرامج الدينية!! بإستعراض ما يملكون من حجج ليؤكدون إنهم الأسبق فى تعلية المرأه، ورفع شأنها، وأنهم براء "براءة الذئب من دم إبن يعقوب" من المساس بحقوق المرأة، والمرأة ستنا وتاج راسنا من فوق، الإ..أن؟  تساوى رأسها بالرجل فى هذا وذاك، وهذه وتلك..الخ!!!!

وطالما وصلنا لهذه النتيجة، فكل ما قيل عن الحقوق والمساواة هو عبارة عن نحاس يطن وصنج يرن، إنه عجيج مزعج، حوار بلا مضمون يثير الضحك من السخرية.

وكالمعتاد، لم يسألنا أحد، نحن المسيحيون الموجودون وغير الحاضرين، هل يجوز في ديننا وشرعنا هذا أو ذاك؟  ليس مهم .. فمن أنت؟ وبالمناسبة المواطنة لا تعرف شئ اسمه الأغلبية! المهم  إن ثقافتنا الدينية المسيحية من خلال النصوص الكتابية تعلمنا "إنه ليس فرق بين ذكر وأنثي، لأنكم جميعًا واحد فى المسيح يسوع" (غل 28:3 )، لهذا يجوز أن تكون المرأة قاضية ونبية أيضًا، أى لها نصيب فى الوظائف الكنسية، وإن كان بعض القادة من رجال الدين يرفضون هذا مستخدمين بعض النصوص من الوحى المقدس، فهم لأنهم يتبنون وجهة نظر مدارس التفسير المتشددة ويختارون من الطريق أضيقه. وليس عيبًا أن نقف مع أنفسنا لنعترف أننا تأثرنا من تراكم غبارعدة قرون لثقافة غريبة ومناقضة لمبادىء إيماننا، العدل والرحمة والحق والحب والمساواة.

ويشهد كتابنا المقدس كم من نساء تفوق حكمتهن حكمة الرجال، وعلى سبيل المثال  "ابيجايل"، أليست حكمتها بمئة رجل من عينة "نابال" ( 1صم 25 )، فليس الإنتماء للنوع يمنح الحكمة أو القيمة، وكم من أشباه رجال سفهاء تركوا الأمانة، وتخلوا عن موقع المسؤلية، وجعلوا من المرأة أداة للعبث واللهو، وتجردوا من أبسط مبادىء الضمير؛ فخلفوا ورائهم ملايين من أطفال الشوارع. وفى المقابل كم من نساء معيلات تكد وتكدح في مجتمعنا من أجل رعاية وتربية أبنائها بعدما تركها رجلها بكلمة طالق!

 فإنصاف المرأة لا يتم بإذاعة أغنية "ست الحبابيب" حتى لو ألف مرة ومرة، ولا ببرامج التوك شو، إنه ثقافة، وعلينا أن نعترف أن أحد المصادر الأساسية التى  تشكل ثقافة مجتمعنا، رجال الدين، فمن أقوالهم وأفعالهم نتشكل، وبإيمانهم وآرائهم يتم تعليم الأجيال وتكوين الأسر ووضع مناهج التعليم، وتتشكل القوانين، وتُرسم السياسات، وتُنفذ الأيدلوجيات.

 الواقع لم يعد لدينا رغبة أو طاقه أو صبر لسماع  مزيد من الشعارات الرنانة الجوفاء، بعيدة عن أرض الواقع وحيز التنفيذ. إن الموضوع لم يعد فقط هو تعيين المرأة قاضية أم لا، إنما هو.. من هى المرأة فى مجتمعنا؟ ومن تكون؟ هل بعد أن رفعها الله بهذا المقدار؟  حيث ارتضي أن تكون المرأة شريك التجسد- فمن خلالها تجسد الله في يسوع المسيح ليقول لنا أن المرأة قيمة وقامة- أن نتجرأ عليها لننتقص من قيمتها؟ وبإسم الدين؟!  فحمل المرأة ليس عورة، بل هو بركة من الله، وكرامة لها، فليس عيبًا أن تكون قاضية حتى وإن جاءها المخاض وهى علي منصة القضاء، ومن الدين والإيمان أن نقدّرها وهي تسير متوجعة. كما وهى ليست نجسة وإن كانت فى طمثها، إنه افراز عضوى طبيعى كسائر افرازات الجسم لسائر المخلوقات. فكل هذا ليس عيبًا أو عورة، ولكن بيننا وبين هذه الثقافة وهذا الرقي، مسافة ومشاوير، وما أقول ليس بدعة أو ابتداع.

 فلم يشعر المجتمع الفرنسي بأى نوع من الخجل عندما اختار رئيس الدولة "ساركوزى" وزير للعدل امرأة وحامل!! بل الخجل، كل الخجل، أن يكون العدل منقوصًا والمساواة غائبة، والقضايا متراكمة، والمصالح معطلة، والإهمال والفساد الذى نراه فى كافة المؤسسات الحكومية للركب.

هذا هو الأولي والأجدر بالنقاش والحوار، وليس المهم من الذي يساعد في الحل وتحسين الوضع،  رجل كان أم امرأة، المهم الحل وتحقيق الهدف.
 وهناك نساء لديهن من المقدرة القيادية والإدارية ما يفوق الرجال، وهذا ما عرفه الغرب؛ لذلك هناك يتقدمون وهنا يكون التقهقر. فلابد أن نكف عن الكلام ليكون هناك عمل تعليم الأجيال الثقافة الجنسية، وهذا نفعله فى كنائسنا الإنجيلية.
 
لتكن المرأة قاضية، لست أنا من أقول، بل هكذا تقول كلمة الله، وهل بعد قول الله قول؟!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق