CET 00:00:00 - 10/07/2010

المصري افندي

بقلم: جرجس وهيب
كثرت المشاكل بصورة كبيرة، بل استفحلت بعض المشاكل. ويأتى على رأس هذه المشاكل: الفوضى المرورية بالشارع المصري، والتى لم تفرق بين مدينة وقرية.  وفوضى الأسعار، وفوضى البناء، ومشاكل المواصلات التى تعانى منها أغلب محافظات الجمهورية دون تفرقة بين محافظات حضرية وريفية، وسوء حالة رغيف الخبز، وسوء حالة مياة الشرب. 

 وعلى الرغم من وجود الآلاف من القوانين المصرية- وأعتقد أن عدد القوانين فى "مصر" يفوق عددها فى أى دولة فى العالم- ولكن القوانين فى العالم صنعت لتُطبق على الجميع، ومن أجل مصلحة وراحة المواطنين، ولكن فى "مصر" القوانين أُعدت ونُفّذت من أجل التطبيق على فئة الغلابة فقط، وأن تكون "سبوبة" لفئة معينة،  وهم من أُطلق عليهم تجار القوانين من المشرفين على تنفيذ القوانين، فأصبحنا فى حاجة لوجود رقابة على مَن مِن المفترض أن يرقبوا تنفيذ القوانين، ورقابة على من يراقب مراقب تنفيذ القوانين.

 فعلى سبيل المثال، عندما صدر  قانون المرور الجديد للسيطرة على فوضى المرور فى جميع أنحاء الجمهورية، وبعد مرور حوالى عامين على صدور هذا القانون، لم نجد تغير فى الشارع المصري، بل تزداد الأمور سوءًا، على الرغم من أن مواد قانون المرور صارمة. فما تم على أرض الواقع أن بعض رجال المرور استغلوا صرامة القانون، وتربحوا من وراء القانون. فبدلاً من توقيع عقوبة على السائق بمخالفة خط السير مثلا بـ (100) جنيه، يأخذ  رجل المرور (50) جنيهًا من السائق.

 وينطبق الحال على عدد كبير من مواد قانون المرور، كما ينطبق نفس الحال على قانون (119) المعروف بقانون البناء الموحد. فهو لم يغير شيئًا، فما زالت المخالفات مستمرة، والبناء بدون تراخيص مستمر. التغير الوحيد أن مبالغ الرشاوي زادت لمهندسي الأحياء،  وموظفى الإدرات الهندسية ببعض الأماكن، وكذلك  ينطبق الحال على المئات من القوانين التى صدرت ولم تغير فى الأمر شيئًا، بل زدات الأمور سوءًا.

ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: هل أصبح حتمي أن يتم إنشاء إدارة بكل وزارة تتابع وتراقب أداء موظفيها، وإدارة أخرى تراقب أداء الإدارة التى تراقب أداء القطاع الأدنى منها، معضلة كبيرة، بعد أن استشرى الفساد، وانعدم الضمير، وأصبح تلقى الرشاوي يتم علنًا وفى وسط الشوارع ودون خوف أو حياء.

أم أن الأسهل أن يُعاد إحياء ضمائر البشر، ويراعى كل فرد ضميره فى عمله؟ فالمدرس يراعى ضميره داخل الفصل، وليس الحفاظ على طاقته للدروس الخصوصية، والطبيب يهتم بعمله داخل المستشفى الحكومي ولا يهمل فى أداء عمله لجذب المرضى للمستشفى الخاص، ورجل المرور يتذكر أن السائق الذى يتلقى منه رشوة، من الممكن أن يتسبب فى قتل ضحايا أبرياء مسئولين عن أسر، أو شاب هو أمل كل أسرته بعد أن حرمت نفسها من كل شىء من أجل تربيته، ويأتى سائق أرعن يتسبب فى قتل هذا الشاب بسبب الرشاوي.

 وأن يفيق المسئولون من حالة السُبات العميق، ويراعوا ضمائرهم،  وليدرك الجميع أن التقرب إلى الله ليس بالصلاة بالمسجد أو الكنيسة، أو الصوم دون أن يماثل ذلك أفعال إنسانية تعبّر عن روح الدين.

 قد يكون إنسان لا يصوم ولا يصلى، لكنه يراعى ضميره فى عمله،  ويعطف على من حوله، ويتعامل معهم بإنسانية..أقرب إلى الله من إنسان يؤدى كافة الطقوس الدينية، ولكنه مرتشي، وقاس، وجاف،  ولا يعمل أى خير.

 فهل وصل الشعب المصري إلى مرحلة اللا عودة؟!! ولا أمل فى أن يعود الناس إلى أنفسهم؟!! أم إنه ما زال هناك أمل فى أن يعود الناس إلى الله، وأن تساعد الدولة الناس على ذلك، فى أن يراعى كبار المسئولين والوزراء ضمائرهم فى تصرفاتهم؛ لأنهم قدوة لمرؤسيهم. وإذا انصلح حالهم انصلح حال الوزارة كلها، وإذا فسد حالهم فسد كل من حولهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق