CET 00:00:00 - 13/07/2010

مساحة رأي

• الإعلام المصري يحتفى بالفنانين ولاعبى الكرة وفقط.
• أى منطق فى الإحتفاء بالقاتل لمجرد شهرته الفنية؟
• ما نُشر عن التحقيقات المتعلقة بحادث كوبرى أكتوبر به شبهة تعتيم، فماذا يخفون؟

بقلم: د. يحيى الوكيل

أصبح الإنفلات المروري للأسف واقعًا مستديمًا، وأحد دلائل فشل الحكومة فى إدارة شئون هذا البلد، ويدفع ثمنه أناس عاديون من أهلنا وجيراننا كل يوم بدمائهم.
 ليس فى هذا جديد، لكن هناك من الحوادث الناتجة عن هذا الإنفلات المروري ما يثير الشجن، بل والغضب، والحادثة التى سأتناولها اليوم تدفع بالغضب إلى أقصاه.

الحادثة تسببت فى مصرع أفراد من أسرة مصرية كانت فى سيارتها على حارة السير المخصصة لها بكوبرى أكتوبر، لتطير سيارة من الإتجاه المضاد، وتصطدم بسيارتهم، حاصدة أرواح: "كمال سعد زغلول" (62 عاما)- بالمعاش ومقيم مدينة نصر- وزوجته "راوية محمد عبد الله" (60 عاما)، وأُصيبت زوجة نجله "أمنية صلاح الدين صبرى" (27 عاما) بإصابات جسيمة تُعالج منها فى مستشفى الدمرداش.

السيارة التى اصطدمت بهم كان بها شابان، أحدهما لبنانى الجنسية، وكان يقود السيارة. والآخر مصري، وقالت التقارير التى وصلتنا: إنه قد اختلت عجلة القيادة فى يد السائق؛ للسرعة الزائدة التى كان يقود بها وذلك قرب الفجر صباح يوم الحادث.

إلى هنا والحادث يثير الشجن، حزنًا على المصابين والقتلى، لكن الشجن ترك المجال فى الصدور للغضب.
لما تناولت وسائل الإعلام هذا الحادث، ذكرت بعض منها أقوالاً عن العثور على مواد مخدرة أو كحوليات بالسيارة المتسببة فى الحادث، وذُكر أن التحقيقات الأولية أكدت أن الشابين، اللبناني والمصري، كانا عائدين من سهرة حتى الصباح في أحد الملاهي الليلية، وشربا موادًا مخدرة أو مسكرة طوال السهرة، وكانا فى طريق العودة إلى الشقة التي يقيم بها الشاب اللبناني في "مدينة نصر" فى ذلك الصباح الباكر.

ويزداد غليان الغضب.
تناقلت وسائل الإعلام الحادثة، ولا هم لمعظمها، إن لم يكن لكلها، الإ متابعة أخبار اللبنانى وحزن عائلته عليه، والمصرى الذى نقلته أسرته إلى مستشفى استثمارى، وتعد لإستكمال علاجه بالخارج، وهما من تسببا فى الحادث، أما الأسرة التى ليس لها ذنب فلا ذكر لها.

فما سر ذلك الإهتمام الإعلامى بالشابين؟
هما لم يكتشفا مصدرًا نظيفًا للطاقة التى لا تنضب، أو حلاً لمشكلة الجوع فى العالم، أو علاجًا للسرطان. ولو كانا قد فعلا لحق الإهتمام الذى لقياه، لكنهما ببساطة من المشاركين فى برنامج "ستار أكاديمى"، وهو البرنامج الذى من المفترض فيه أن يكشف عن المواهب الفنية التى ستقود الشعوب العربية، بل والإنسانية قاطبة، فى نهضتها،  ولكنه لم يفعل حتى الآن، ولو قدّم لنا موهبة واحدة بحجم "فاتن حمامة"، أو "محمود مرسى" مثلاً لكان مستحقًا للضجة التى تُثار حوله، ولكن لم يخرج منه فنان واحد حقيقى.

عمومًا ليس موضوعنا نقد برنامج "ستار أكاديمى"، فوقتى ووقت القارئ أثمن من اضاعته فى التعليق على السخافات التى يدعونها فنًا، لكن أن يكون شهرة مشارك فى هذا البرنامج أساسًا لإهتمام إعلامى لا يستحقه، وهو المتسبب فى مصرع أسرة مصرية، فهو ما جعل كل عدّادات الغضب تتعدى علامات الخطر فى رأسى.

الإعلام بكل ألوانه المسموعة، والمقروءة، والمرئية، لم يذكروا شيئًا عن الأسرة المصرية وعن كنتهم المصابة؛ لم نعرف شيئًا عن زوجها، وكيف تلقى خبر وفاة أبيه وأمه فى لحظة واحدة؟ وإن كان له أولاد حرموا من اللعب مع جدهم، وحنان جدتهم الغامر، أو إنه ليس له أولاد، وكان يتمنى أن يفرح قلب أبيه وأمه برؤية أحفادهما ولم يمهله القدر – أو يجب أن أقول لم تمهله رعونة وطيش لا ذنب له فيهما.

من المسئول عن الألم الذى يعتصر قلبه الآن؟،وعما تحس به زوجته من آلام الجراح؟
من قتل "سعد زغلول"؟ ومن سيأتى له بحقه وهو ليس لاعب كرة؟  ولم تكن زوجته فنانة أو كنته راقصة؟

أسئلة حاولت العثور لها على اجابات فوجدت أسئلة أكبر وأخطر.
سأشارك القراء فى الأسئلة ولعلهم يشاركوننى فى العثور على اجابات:

•  لمن كانت ملكية السيارة التى تسببت فى الحادث؟ هل كانت للمصري أم كانت مؤجرة؟
•  إن كانت السيارة مملوكة للمصرى فلمَ كان يقودها اللبنانى، والمصري أدرى منه بطرق القاهرة؟
• إن كانت السيارة مؤجرة.. فهل كان اللبنانى مؤهلاً للقيادة فى "مصر" وعالمًا بحدود السرعات على طرقها وغير ذلك؟ أم إنه كان يود أن يجرّب ما لا يستطيع أن يفعله فى بلده، أو فى أى بلد أخرى غير "مصر" من الإستهتار بالقوانين، والإعتماد على الوضعية الخاصة للفنانين والمسنودين؟

ليست هذه أول مرة يتسبب فيها عربى، بالسرعة الزائدة جدًا، فى طيران سيارته لتستقر على أبرياء وتقتلهم، ولعلكم تتذكرون حادثة القطرى فى طريق المطار؛ والمستغرب هنا هو تساهلنا الرهيب مع كل الجنسيات العربية فى السماح لهم بالقيادة فى "مصر" بإستعمال الرخصة الدولية، بينما هم لا يعترفون بالرخص الدولية الصادرة للمصريين، وأعتقد أنه قد حان الوقت للمعاملة بالمثل.

•   الحواجز الأسمنتية التى تفصل جانبي الطريق على كوبرى أكتوبر قادرة على صد دبابة، وكونها لم تقدر على ايقاف السيارة المتسببة فى الحادث حال "اختلال" عجلة القيادة فى يد السائق، يعنى أن السرعة كانت فائقة جدًا، وتدل على رعونة واستهتار يستوجبان المساءلة والعقاب؛ فأين التقرير الفنى للحادثة؟
•  اختلال عجلة القيادة تعبير فضفاض، ويحدث تحت ظروف كثيرة منها اضطراب الوعى نتيجة لتعاطى المخدرات والمسكرات، وهناك أقوال عن احتمال تعاطى الشابين لهذه المواد فهل تم تأكيدها؟
•  إن ثبت أن السائق كان تحت تأثير مواد مثبطة للوعى، فهذا يقتضى أقصى العقوبات والتعويض، وإن كان المصرى مشارك فى المسئولية بقبوله قيادة اللبنانى للسيارة وهو تحت تأثير هذه المواد، فلم قبلت النيابة بخروجه من مستشفى الدمرداش؟ وكيف يتأتى أن يكون هناك كلام عن سفره للخارج والحادثة ما زالت رهن التحقيق؟
•        لماذا تم نقل جثمان اللبنانى بسرعة إلى مسقط رأسه بدون تشريحه وتبيان الصدق فى احتمال تعاطيه لمواد مثبطة للوعى؟ وما هذا الذى سمعناه عن تقرير الطبيب الشرعى اللبنانى وإن الإصابات التى بجسد اللبنانى لا تتناسب مع كونه كان سائقًا السيارة؟

السرعة التى نُقل بها الشاب المصري للمستشفى الإستثمارى والإحتفاء المبالغ فيه به فى الإعلام، مع الكلام عن تسفيره للعلاج بالخارج مما سيمكنه من الهرب إن أدين فى هذه الحادثة، يعنى بوضوح أنه "مسنود".

كل الشواهد توحى بفساد يتعدى مجرد استهتار شباب.
كنت أتمنى أن يساهم هذا المقال فى أن نأتى للمواطن المصرى "سعد زغلول" – رحمه الله – وأسرته بحقوقهم، و لكنى لا أظن أن يأتى هذا المجهود بثمر، فقد امتلأت الأرض بآفة الفساد.
يا "سعد زغلول"، ما فيش فايدة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق