CET 00:00:00 - 15/07/2010

مساحة رأي

بقلم : عبد الخالق حسين
هل كان لقاسم برنامج سياسي؟
يتهم عبدالكريم قاسم بأنه كان يفتقر إلى منهج سياسي واضح لحكم البلاد. والسؤال هو: ما المقصود بالمنهج السياسي؟ إذا كان المقصود أنه كان يفتقر إلى آيديولوجيا بالمعنى المتعارف عليه، نعم لم تكن لقاسم آيديولوجية معينة، ولكني أعتبر هذه الصفة من إيجابياته وتصب في صالحه وصالح الشعب، ونتمنى أن يكون جميع قادة العراق أن يكونوا بلا آيديولوجيا كذلك، لأننا نريد من القائد السياسي أن يكون عملياً، متفتح الذهن على الأفكار الجديدة والنيرة، يعيد النظر في حساباته ومواقفه بين حين وآخر ويغيرها حسب ما تقتضيه المستجدات، دون أن يكون مقيداً بسلاسل آيديولوجية جامدة.

نعم لم يكن لقاسم آيديولوجيا معينة، ولكن هذا لا يعني أنه كان بلا برنامج سياسي. كان لقاسم برنامجان سياسيان وليس برنامج سياسي واحد، وكان كل منهما مكمل للآخر. الأول، كان البرنامج الذي وضعته اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار، والثاني هو برنامج الحزب الوطني الديمقراطي.
البرنامج الأول، وكما دونه اللواء محسن حسين الحبيب، أحد أعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار، وسكرتيرها، وهو قومي عروبي التوجه، والذي ناصب قاسم ألد العداء منذ الأسابيع الأولى للثورة، يذكر في كتاب له  عن الثورة وقد حدد البرنامج بعشرين هدفاً.

وقد أجرى حسن العلوي شبه اختبار مدرسي لعبد الكريم قاسم في كتابه (عبدالكريم قاسم رؤية بعد العشرين) توصل إلى أن قاسم قد نفذ 17 من 20 هدفاً من البرنامج الذي ذكره اللواء محسن حسين الحبيب، وبذلك يكون قاسم قد نفذ 85% من برنامج الضباط الأحرار، وهذه درجة امتياز.
أما البرنامج الثاني الذي تبناه عبدالكريم قاسم فهو برنامج الحزب الوطني الديمقراطي، وحسب شهادة الباحث حنا بطاطو الذي يؤكد أن قاسم كان متأثراً بأفكار الحزب المذكور وقد أناط مسئولية كتابة أغلب القوانين التي أصدرتها حكومة الثورة بأعضاء قيادة الحزب بما فيه الدستور المؤقت. ونتيجة لهذا التعاون، كما يشهد بطاطو، حصل إزدهار في الاقتصاد والصناعة لم يشهد العراق له مثلاً في تاريخه.

كما اختار قاسم خيرة الرجالات العراقية خبرة وإخلاصاً من زعماء الحركة الوطنية في الوزارة الأولى لحكومة الثورة لتنفيذ مشاريعها التنموية.

شعبية قاسم
المعروف عن عبد الكريم قاسم أنه نال أوسع شعبية أكثر من أي زعيم سياسي في تاريخ العراق الحديث. والسر في ذلك هو بساطته ونزاهته وإخلاصه وحبه للشعب، وخاصة للطبقات الفقيرة، فقد بنى لهم عشرات الألوف من الدور السكنية وعمل على رفع مستواهم المعيشي وكان يلتقي بهم بتكرار. وهو أول عراقي من عامة الشعب يصل إلى رئاسة الحكومة، فهو الذي كان يعتز بكونه ابن نجار. ونتيجة لذلك فقد كسب قلوب وعقول الناس، فهو بالنسبة لجماهير الشعب يعد بحق بطلهم الأسطوري. وفي مثل هذه الحالات، وفي مرحلة تاريخية معينة كالتي كان يعيشها العراق آنذاك، لا يكتفي الإنسان بالصفات البشرية المعروفة على البطل، بل لا بد وأن تتدخل الأسطورة في الواقع، لإضفاء صفات أسطورية عليه فوق مستوى البشر. والتاريخ مليء بالأمثلة.

ولم تخذله الجماهير المحبة له، فقد خرجت بمئات الألوف في بغداد والمحافظات الجنوبية لنصرته يوم إنقلاب 8 شباط 1963، إلى حد أنه عندما سمع قاسم بالانقلاب وهو في بيته، وأراد الذهاب إلى وزارة الدفاع عن طريق شارع الجمهورية لم يستطع لأن الشارع كان مكتظاً بالجماهير التي تهتف (ماكو زعيم إلا كريم). وقد شاهدت بعيني ذلك اليوم وأنا قادم من البصرة إلى بغداد بالقطار في طريقي إلى الموصل للالتحاق بكلية الطب بعد انتهاء عطلة نصف السنة، حيث كنت في السنة الأولى من دراستي فيها، وبعد أن غادرت القطار توجهت إلى ساحة التحرير، فوجدتها، وكذلك شارع الرشيد، عبارة عن بحر بشري متلاطم، والجماهير حاملة صور الزعيم وهي تردد نفس الهتاف (ماكو زعيم إلا كريم). ويقال أن طاهر يحيى أراد أن يشق طريقه ليلتحق برفاقه الإنقلابيين قرب وزارة الدفاع، فشق طريقه بصعوبة وسط الجماهير وهو يردد معهم (ماكو زعيم إلا كريم).

وتحت عنوان (الرعب في خدمة الثورة -إنقلاب 8 شباط-) يذكر طالب شبيب في مذكراته: "وفي المدخل الرئيسي للمعسكر (الرشيد) قام أنور عبد القادر الحديثي بعمل مرعب، لا أعرف ماذا ستكون نتائجه علينا، لكنه أثر كثيراً على معنويات الجنود والضباط داخل المعسكر. فقد تجمهر أمام بوابة معسكر الرشيد الرئيسية حشد من الجنود وضباط الصف وبعض الضباط والمدنيين يهتفون "ماكو زعيم إلا كريم" و"عاشت الجمهورية العراقية الخالدة"، وآنذاك نادى أنور الحديثي على أحد الهاتفين وطلب منه إعادة هتافه، ولما أعاده، أطلق عليه أنور من مسدسه الذي صوبه نحو رأس الجندي مباشرة فسقط على الفور ميثاً. وفرغت الساحة من كل المتظاهرين، بسبب ما سببته العملية من رعب وذعر."

وفيما يتعلق بالسخرية من شعبية قاسم، يقول قاسم الجنابي (مرافق الزعيم) وهو شاهد عيان خلال حوار الإذاعة، فيقول أن وجه عبد الستار عبد اللطيف كلامه إلى عبد الكريم قاسم قائلاً: "إنك مسيطر والشعب معك، ولكن دبابة واحدة أسقطتك". ويعلق الدكتور علي كريم سعيد بحق قائلاً : "كان ذلك بمثابة رسالة رعب لشعب أدَّعوا أنهم ثاروا من أجله. فجاءت تلك، رسالة استفزاز همجية لا تنتمي إلى حضارة إنسانية عمرها ستة آلاف عام. وكأنها رسالة تقول: إن الحكومة الجديدة قاسية. كما إنها تعني بأن الثوار أذعنوا لفكرة: إن لهم الدبابة ولخصومهم التعاطف الشعبي. كذلك كان المشهد التلفزيوني في إهانة جثة الزعيم. كان ذلك المشهد التلفزيوني أسوأ اللقطات المسجلة في تاريخ العراق المعاصر، فلم يكن العراقيون حتى يُمَيَّزوا بهذه المعاملة عن غيره. بل ربما كان صراعاَ لعب فيه قاسم دور أكثر المتصارعين وداعة وتسامحاً وأقلهم همجية وأدلجة وتشريعاَ للقتل، فقد سن عملياً قاعدة: "عفا الله عما سلف". وكان فيها أقرب إلى عقلية العراقيين البسطاء قبل عصبية الأيديولوجيا الواردة..."

هل كان قاسم دكتاتوراً ؟
الدكتاتورية ظاهرة لها صفات معينة. وهذه الصفات تمتد من الحاكم الدكتاتور في قمة السلطة إلى أوطأ الطبقات في الدولة، فتجدها في الشارع وفي الدائرة وفي المعمل وفي الصحافة والإعلام وفي كل مكان. في النظام الدكتاتوري هناك جواسيس ورجال الأمن منتشرين في كل زاوية من زوايا المجتمع يحصون على الناس أنفاسهم. والناس في حالة هلع خوفا أن تبدر منهم بادرة يحاسبون عليها. هذه الصفات لم تكن موجودة في عهد قاسم حسب اعتراف خصومه قبل محبيه. فالصحافة كانت تتمتع بالتعددية ولم تكن مؤممة. يقول حسن العلوي: "أقيمت مناقب نبوية على أرواح الطبقجلي ورفاقه، ساهم فيها قارئ المقام يوسف عمر، وقارئ القرآن عبدالستار الطيار، وكان كل منهما يقرأ قصائد معادية للوضع القائم آنذاك، وتنصب المايكروفونات في الأماكن العالية، دون أن يتعرض لها أحد من أفراد الشرطة والأمن والإنضباط العسكري، لكونها أماكن دينية ولم يتعرض لها عبد الكريم قاسم طبلة فترة حكمه مع إنها كانت مراكز نشاط معارض لحكمه.. وبرز إسم يوسف عمر ليس مطرباً بل محرضاً من أهم المحرضين ضد ذلك الحكم. وكانت حفلاته الغنائية العادية تنقل بالإذاعة والتلفزيون بشكل مستمر."

وعندما كانت تخرج مظاهرات معادية له تهتف (يا بغداد ثوري ثوري، خلي قاسم يلحك نوري) وكان قاسم يبعث بالجنود بعد تجريدهم من السلاح، لا لضرب المتظاهرين ضده، بل لحمايتهم من مظاهرة أخرى يقوم بها اليساريون ولمنع التصادم بينهما. كان خصومه يقدمون نكات لاذعة ضده وضد المهداوي علناً وعلى المسارح دون أن يتعرضوا إلى أية مساءلة. واعترف سجناء سياسيون من البعثيين أن السجن كان أشبه بالفندق، تتوفر لهم الفرص لنشر أفكار حزبهم وتنظيم الآخرين. وبهذا الخصوص يشهد الأستاذ معاذ عبدالرحيم، وكان عضواً في حزب البعث وأحد المعتقلين فيقول: "إن الإعتقال أيام عبدالكريم قاسم كان بالنسبة لنا.. أشبه بالفندق، لا تعذيب ولا تنكيل فالعناية جيدة، ومواجهة الأهل مستمرة، وما يصلنا من الأهل من طعام وملابس متيسر، بل أن الموسرين من المعتقلين يطلب من أهله أن يزودونه بأكلة (الباجة) وبالدولمة وغيرها من الأكلات العراقية المشهورة، وكنت من أعضاء الحزب الذين لم يمنعهم الإعتقال من العمل لسكب الأنصار والمؤيدين للحزب.."

كان بيت عبدالكريم قاسم بدون حراسة مما أمكن حزب البعث دس المناشير في غرفة نومه بواسطة طفل من الجيران. ولما اكتشف ذلك لم يحاسب أحداً وهو يعرفهم، بل تحول إلى بيت آخر كما يشهد بذلك حسن العلوي. فيا ترى هل هذا الشخص دكتاتور.؟

لا تنطبق صفات الدكتاتور على قاسم، بل كان من أقرب السياسيين إلى الديمقراطية. فعندما أقدم حسين جميل وزير الإرشاد (الإعلام) على غلق صحيفة الحزب الشيوعي (إتحاد الشعب)، رفض ذلك القرار وأعاد نشرها، وعندها استقال الوزير احتجاجاً على ذلك. ومن الغريب أن يقدم رجل قانون وديمقراطي مثل حسين جميل بغلق صحيفة بسبب خلاف سياسي. فمن كان أقرب للديمقراطية، عبدالكريم قاسم العسكري، أم حسين جميل السياسي المدني وهو الشخص الثاني في الحزب الوطني الديمقراطي بعد زعيمه الجادرجي؟
كما وقال محمد حديد عن قاسم أنه كان أقرب أقرانه العسكريين إلى روح التسامح وفكرة الديمقراطية، فقد ظلت مناصب الدولة في عهده موزعة على الجميع وليس على تيار سياسي واحد.

وقاسم معروف عنه بالرحمة. فهو أول حاكم عراقي بشر بروح التسامح وشعاره المعروف (عفا الله عما سلف) وأبناء ذلك الجيل يتذكرون تصريحاته بعد خروجه من المستشفى الذي عولج به من إصاباته البالغة إثر إطلاق الرصاص عليه في شارع الرشيد من قبل الطغمة العفلقية من ضمنها صدام حسين، حيث عفا عنهم بعد أن حكمت عليهم المحكمة بالإعدام. هذا الموقف المتسامح يؤاخذه عليه اليساريون فيقول الشاعر كاظم السماوي في مذكراته بهذا الخصوص: "نهض عبد الكريم قاسم بعد محاولة اغتياله، وكان المؤمل أن يضرب بيد من حديد، ولكنها كانت من خشب" (كذا). نعم أراد قاسم أن يضرب مثلاً في روح التسامح في بلد تشبع شعبه بقيم الثأر والانتقام والعنف.

مصرع قاسم
كثير من الناس وخاصة من محبيه ومن قوى اليسار، يلومون قاسماً لرفضه تسليح الجماهير من أنصاره يوم 8 شباط 1963 لسحق الانقلاب. لقد رفض تسليح أنصاره لسبب معروف وهو منعاً لوقوع حرب أهلية، إذ كان يفضل استشهاده على إغراق البلاد في هذه الحرب. وكان مصمماً على القتال إلى الاستشهاد، ولكن عندما اتصل بعبدالسلام عارف يوم 9 شباط،، وكان يونس الطائي هو الذي يتفاوض بين الجانبين، مؤكداً له أنهم سيضمنون سلامته ومن معه من رفاقه الضباط الآخرين، وأن (بينهم خبز وملح-على حد تعبير عارف)، مصدقاً بوعود عارف حيث أن قاسم نفسه عفا عنه عندما حكمت عليه محكمة الشعب بالإعدام. لذلك صدق بوعودهم فأنهى القتال واستسلم حقناً للدماء. فلماذا نلوم قاسماً على ذلك، فاللوم على أولئك الذين نكثوا بعهودهم.
أما حول ما يسمى بالمحاكمة فيقول طالب شبيب: دار بيننا حديث غير منظم سادته حالة من التوتر، ولم يكن هناك أي شيء يمكن تسميته بمحاكمة. وكل كلام قيل أو يقال عن إنشاء هيئة حاكمتهم إنما هو نوع من "التسفيط" والتخيل (الخيال)‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! ومن الممكن أن يكون قد تدخل علينا رجال يحثون على موقف معين مثل خالد مكي الهاشمي، وكلهم يحثون على الإعدام أو الإسراع به".

وشاهد عيان آخر من الإنقلابيين وهو (عبدالستار الدوري) كان حاضراً، قال في برنامج (بين زمنين)  أنه عندما دخل عبد الكريم قاسم القاعة راح ينظر في وجوه الإنقلابيين واحداً واحداً يتأملهم باندهاش وكأنه غير مصدق أن هؤلاء ينقلبون عليه، ولما حان وقت إعدامه اعتدل في مكانه ووضع سدارته على رأسه وكأنه يتهيأ لأخذ صورة له والبنادق المصوبة نحوه كأنها كاميرات. هكذا كانت شجاعة قاسم وهو يواجه الموت. ثم نفذ حكم الإعدام به وبرفاقه الشهداء فاضل عباس المهداوي، وطه الشيخ أحمد وخليل كنعان. "ومع إنهمار ذخيرة الموت انطلق صوت قاسم هاتفاً بحياة الشعب" .

قوة قاسم في موته:
من المعروف أن الشهداء الأبرار هم أقوى في موتهم مما هم عليه في حياتهم. هكذا كان المسيح والحسين وغاندي وجيفارا وغيرهم. وبكل تأكيد كان قاسم المعروف بتسامحه، واستشهاد بهذه القسوة والوحشية من قبل رفاق الأمس قد جعله أقوى في موته مما كان عليه في حياته. هذه الحقيقة أدركها الشباطيون وأرعبتهم كثيراً منذ اللحظات الأولى من انقلابهم، وهذا هو السبب الذي جعلهم  يلقون جثته الممزقة بالرصاص في النهر خوفاً من أن يتخذ الشعب من القبر مزاراً أو رمزاً بعد أن يعود الوعي الغائب أوالمغيب قسراً. وفعلاً صار قاسم أسطورة في مخيال الجماهير الشعبية الفقيرة التي لم تصدق مصرعه وراحوا يتصورونه حتى في القمر.

وختاماً، من هو عبدالكريم قاسم؟
كان عبدالكريم قاسم يجسد في شخصه وبصورة مكثفة، الجوانب الإيجابية والمشرقة من القيم والأعراف والتقاليد العراقية الجميلة المحببة إلى العراقيين في الوطنية والقومية والإنسانية والنبل والشهامة والشجاعة والكرم والمروءة والتسامح والبساطة والعفو عند المقدرة، وحب الناس، وبالأخص الفقراء منهم، والثقة العالية بالنفس وبالشعب وبالناس المحيطين به والاعتماد عليهم. هذه الصفات النبيلة والقيم المثالية العالية التي آمن بها هي التي أحالت بينه وبين استخدام المكر الذي قد يلجأ إليه السياسي الداهية أحياناً لإيهام الخصوم والإيقاع بهم وإبقاء الموالين له متماسكين من حوله، والحفاظ على التوازنات ووحدة القوى الوطنية.
وقد وضعته الأقدار في قمة القيادة، وسلمته أعلى مسئولية لقيادة البلاد وهي تمر في مرحلة من أشد مراحل تاريخ العراق غلياناً وعربدة وهياجاً وانفجاراً. في تلك الانعطافة التاريخية الكبرى التي لا بد من حصول الانشقاقات العميقة والصراعات العنيفة بين مكونات الشعب وقواه السياسية التي لم يسلم منها أعظم رجالات التاريخ ومهما أوتوا من قدرة وكفاءة ودهاء. والظروف التي مر بها قاسم ومعاناته كانت فوق طاقة أي قائد آخر مهما كان حكيماً وداهية، أشبه بتلك التي مر بها الإمام على بن أبي طالب (ع) عند تسلمه الخلافة.

ويمكن القول أن عبدالكريم قاسم كان يمتلك في شخصه مواهب وطاقات كامنة وإمكانيات كبيرة كعسكري وسياسي ورجل دولة، لم تسمح له الظروف العاصفة بعد الثورة لإبرازها كاملة في السياسة والإدارة، لأنه رغم تلك الظروف العاصفة، استطاع الرجل أن يحقق الكثير للعراق ودون أن يكون عنده حزب أو مؤسسات استخباراتية نشطة لتحميه. وعليه أعتقد أن نهاية قاسم بتلك الطريقة اللئيمة لا تدل على ضعفه في شيء، بل كانت حتمية فرضتها ظروف المرحلة التاريخية التي جاءت بالثورة والقوى السياسية التي ساهمت بها، ولأن تلك القوى كانت وما تزال في مرحلة المراهقة السياسية، لم تدرك المخاطر المحيقة بها. ولذلك كان قاسم وكأي شهيد ملتزم بالأخلاق المثالية وصاحب مبادئ ورسالة إنسانية في التاريخ، برز وهو أقوى بعد مصرعه مما كان عليه في حياته. وسيبقى عبدالكريم قاسم، ابن الشعب العراقي البار رمزاً للوطنية العراقية والعدالة الاجتماعية، حياً في وجدان الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي.

المجد لثورة 14 تموز: لوحات وصور مهمة عن مرحلة 14 تموز مع نشيد وطني جميل أنقر هنا

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق