بقلم: يحيى الوكيل تفضل السيد رئيس تركيا بمشاركة رئيس جمهورية مصر العربية حضور حفل تخرج طلاب الكلية الحربية المصرية، الدفعة 104، و قد صاحب ذلك بالطبع عزف النشيد الوطني التركي على أرض تلك الكلية لأول مرة، ربما من أيام الملكية. فهم رجل الشارع العادي لحضور رئيس دولة أجنبية لتخرج طلاب كلية عسكرية في دولة أخرى هو أن العلاقات بين هاتين الدولتين تتجاوز مرحلة التآخى إلى التحالف، والتحالف العسكري لا أقل؛ فهل هي عودة لحلف بغداد والذي قاومه "جمال عبد الناصر" –خريج نفس الكلية الحربية– ودفعنا في رفضه ثمنـًا سياسيـًاًباهظـًا؟ المشهد السياسي شرق مصر يبدو وكأنه من مسرح العبث، ولا أحد يفهم شيئـًا مما يدور فيه. اخترنا العداء مع إيران الشيعية بأوامر أمريكية وسعودية نفذها لهم "السادات"، ومع أحلاف إيران في جنوب لبنان فصار لنا أعداء في هذا البلد الجميل بلا لزوم اخترنا حالة من "الأخوة الباردة" مع سوريا بأوامر سعودية أيضًا، ولم نستوعب درس التاريخ أن الدفاع عن مصر لا يتحقق إلا بالدفاع عن سوريا، وأن الخطر زال عن مصر في كل مرة استطعنا دحره في الشام –من أيام "تحتمس" لـ "إبراهيم باشا"، وأن المرة الوحيدة التي فشلنا فيها في ذلك كانت في معركة "مرج دابق"، والتي انتهت بالاحتلال العثماني لمصر. حالتنا مع السعودية أيضًا ليست على خير ما يرام، ولن تكون أبدًا لأسباب كثيرة تبدأ منذ غزو "عمرو بن العاص"، و لا تنتهي بمعركة "الدرعية" التي دحر فيها "إبراهيم باشا" الوهابيين. الجالية المصرية هناك تعامل بشكل فيه غطرسة –كأقل تعبير مهذب أستطيع استعماله؛ حتى لاعبي الكرة اشتكوا من "الاستغلال"، وربما قصدوا "الاستعباد". وعلى جوانب أخرى.. فالاستثمار السعودي في مصر مرتبط دائمًا ليس بالتنمية بل بالامتلاك، وكأنهم يريدون إعادة غزو البلاد بحد الدولار عوضًا عن حد السيف. بيننا و بين اسرائيل حقـًا حالة من اللا سلم واللا حرب، ومَن لا يصدق فليعد إلى عناوين الصحف الأيام الماضية ويقرأ عن محاولة طرد السفير الاسرائيلي من مطعم في المعادي؛ كدلالة تفوق كل مثيلاتها على المشاعر العدوانية التي يغذيها إعلام فاسد وشيوخ أكثر فسادًا تحقيقـًا لمصالح فئات معينة على حساب عذاب الشعب المصري. لا داعي للكتابة عن فلسطين، فبعد ما يقرب من شهرين من فتح معبر رفح، ما زال النباح يتصاعد حول "حصار غزة"، وما زلنا نقرأ عن أنفاق تُحفر ومنها ما يسمح بتهريب سيارات –تصوروا! لم يتبق لنا إلا تركيا إذن؟ في الحقيقة يبدو أن الإجابة هي نعم، فهذه علاقة مصلحة وقتية لكل طرف منها ما يفيده. تركيا تستعمل مصر للضغط على الاتحاد الأوروبي بالتهديد بالركون إلى "المحور" الإسلامي، وعداء إسرائيل لو لم تنضم بشكل كامل للاتحاد الأوروبي، ومصر تستعمل تركيا للنكاية في سوريا وتصعير الخد للسعودية وتهديد العراق، ولا بأس من إخراج لسانها بشكل مستتر لإسرائيل. قبل أن نقرأ و نسمع الإسلاميين ومَن في حكمهم يطلبون إعادة الخلافة العثمانية، أرجو أن يقتصر التقرب بين مصر وتركيا على الحصول على ياميش رمضان بأسعار رخيصة تسمح بشرائها. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٩ تعليق |