بقلم: جرجس وهيب
يتبادل الحزب الوطنى وأحزاب المعارضة فى "مصر" النقد والإتهامات من خلال عدد كبير من وسائل الإعلام، فأحزاب المعارضة تتهم الحزب الوطنى بأنه أفسد الحياة السياسية بـ"مصر"، وقلّص من وجود أحزاب المعارضة فى الشارع المصرى عن طريق التضيق على أعضاء الأحزاب، وبث الفتنة والإنقسامات داخل أحزاب المعارضة، والإستحواذ على وسائل الإعلام الحكومية.
بينما يتهم الحزب الوطنى أحزاب المعارضة بأنها لا تنظر إلا إلى نصف الكوب الفارغ، وإنها أحزاب صحف فقط، ويجهل أغلب المصريين، بل قطاع كبير جدًا من المصريين، أسماء رؤساء أحزاب المعارضة، وإن أغلب أحزاب المعارضة، والتى تنتقد عدم تداول السلطة داخل الحزب الوطنى، هى نفسها ضد تداول السلطة.
فحزب الوفد ظهر خلاف حاد بين رئيس الحزب الأسبق الدكتور "نعمان جمعة" وبين الرئيس السابق "محمود أباظة" أثناء فترة الإنتخابات قبل الماضية، وتداولت القضية لسنوات طويلة دخل أروقة المحاكم، ورفض الدكتور "نعمان جمعة" الإعتراف بنتيجة الإنتحابات، بل استخدم كلا الطرفين البلطجية للإستيلاء على مقر الحزب وفرض سياسية الأمر الواقع.
وهناك صراع داخل حزب الغد على رئاسة الحزب، بين جبهة "أيمن نور" وجبهة "موسى مصطفى موسى"، ومن له حق اختيار مرشحى الحزب بالإنتخابات القادمة.
كما طفت على الساحة صراعات أخرى على رئاسة الحزب الدستورى، وباقى الأحزاب أحزاب لا يسمع عنها أحد.
إذن السؤال الذى يطرح نفسه: هل حقًا هناك حياة سياسية وأحزاب سياسية فى "مصر"؟ أم أنها ديكور سياسى أمام العالم الخارجى؟
فمن رأيي الشخصى أن الحياة الحزبية ماتت مع ثورة 23 يوليو عام 1952، بالفعل لا توجد أحزاب سياسية فى "مصر"، وإنما هى على سبيل التباهى أمام العالم بأننا لدينا عدد كبير من الأحزاب، فأحزاب المعارضة، والحزب الوطنى أسوأ من بعضهما..
فالحزب الوطنى أفسد بالفعل الحياة السياسية، ورسّخ أنطباع لدى العامة بأن أنصار الحزب الوطتى هما دائمًا الفائزين، مما أدى إلى هروب أعضاء أحزاب المعارضة إلى الحزب الوطنى، وجعل أحزاب المعارضة تبحث بالحلاوة على مرشحين لها فى إنتخابات مجلس الشعب القادمة، فى حين يتكالب المئات على الحزب الوطنى.
وأحزاب المعارضة أُنهكت من كثرة الصراعات الداخلية، ولم يعد لها وجود فى الشارع المصرى، ولو وصلت للسلطة لن تفعل جديد بوضعها الحالى.
وأنا شخصيًا وصلت إلى إنطباع أن المشكلة ليست فى الحزب الوطنى وحده، أو فى أحزاب المعارضة، فالمصريون مصابون بداء التكويش على السلطة ورفض التغير، بكل قطاعات المجتمع وليس بالأحزاب فقط.
فكثير من الناس تأخذ المناصب السياسية، سواء داخل الحزب الوطتى أو أحزاب المعارضة كنوع من المنظرة والديكور الإجتماعى، دون محاولة لتفعيل أدوراهم.
فأغلب لاعبى الكرة على سبيل المثال، وعلى الرغم من المكاسب المالية الرهيبة التى يحصلون عليها، ومع ذلك يتجه بعضهم للتمثيل وعمل إعلانات، كما اتجه بعض المطربين إلى التمثيل، بل أن الفنان "تامر حسنى" يقوم بالغناء والتمثيل والتلحين والتأليف داخل أفلامه، نابغة وبيفهم فى كل حاجة. كما يتجه بعض الممثلين إلى الغناء وتقديم برامج بالقنوات الفضائية..
فالمشكلة ليست فى الحزب الوطنى أو أحزاب المعارضة، المشكلة فى التنشئة الإجتماعية القائمة على الطمع والتكويش على كل شئ، فلابد من إدخال عدد من التعديلات داخل مقررات التربية والتعليم؛ للإرتقاء بسلوكيات الأطفال الذين هم أمل المستقبل..
أما الأجيال الحالية محتاجة معجزة من أجل تغير سلوكياتها، وعصر المعجزات انتهى، ولكِ الله يا مصر!! |