CET 00:00:00 - 26/07/2010

مساحة رأي

بقلم: هيام فاروق
 تعددت الإجتهادات والمقالات والآراء حول موضوع قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين، وما نتج حوله من تسميات تعطى كلها معانى واحدة لمصطلحات متعددة من بطلان، وطلاق، وإنفصال...إلخ

ولكنى رأيت أنه لابد من التطرق لجذور المشكلات الزوجية، وخصوصًا بعد أن تعددت أسبابها وكثرت مع هذا الجيل، فى حين كانت معظم البيوت المسيحية  تعيش فى استقرار تام.. أما الآن بيوتنا تمتلىء من الصور المسيحية، والكتب المسيحية، وليس المسيح نفسه بموجود داخل هذه  البيوت..
ولا أستطيع أن أنسى أبدًا كلمة أبى لى يوم زواجى حينما قال لى: "حبيبتى..الجميع يهنئك ويتمنى لكِ ولعريسك السعادة..أما أنا فأتمنى لكما القداسة والوجود الدائم فى محضر الرب"  وقد أصر أن يهدينى بروازًا رائعًا جميلاً مكتوب عليه "أما أنا وبيتى فنعبد الرب".. فأين هذا الكلام الآن؟
 
جلست أفنّد الشكاوى التى سمعتها من الأزواج والزوجات على مدى الفترة السابقة، وسأعرضها بإختصار شديد..فقد تعددت الشكاوى للزوجات من زوج متجهم، قاسى، بخيل، لا يهتم بها، ولا ينصت إليها، دائم الصمت، معترض ومنتقد دائمًا، غير مقبل عليها ولا مشتاق إليها.. دائم الإستهانة بها، وكثير التهكم عليها حتى أمام أبنائها...إلخ.
 
أما الزوج فشكواه الدائمة: أنها دائمًا تقابله منكوشة الشعر، مرتدية ملابس غير لائقة، غير بشوشة، كثيرة الطلبات بمناسبة ومن غير مناسبة بحجة إحتياجات البيت التى لا تتوقف، كثيرة الكلام عن الجارة والشغالة وشقاوة الأولاد ومشكلاتهم، وتأدية المجاملات التى يمكن أن تفعلها دون اللجوء إليه فى كل صغيرة و كبيرة، دائمة الشكوى من الإرهاق والتعب..وفى بعض الحالات تكون الزوجة أنيقة، ومهندمة ، إلا أنها غضوبة  ونكدية ، ورغاية، وتتدخل فى شئونه الخاصة بالعمل، ومحققة معه فى كل صغيرة وكبيرة.. و..و.. إلخ... ولكل هذه الأسباب، هو منصرف عنها دائمًا، ومتجنبها، وقليل الوجود فى بيته أحيانًا.
 
و من هنا تتعدد الأسباب إلى أن تتفاقم وتتحول من مجموعة مشكلات تافهة إلى مشكلة كبيرة تستحيل معها العشرة، ويبدأ الأبناء أيضًا يشتكون من جو مكدر فى الأسرة، ودائم المشاحنات بين الأب والأم، فمنهم من يلجأ إذا كان طفلا أو طفلة إلى حالات من الصمت المرضى، أو التوهان وعدم التركيز؛ وبالتالى التعثر فى الدراسة، ويعانى من حوله من عنفه الزائد أحيانًا..

ومنهم إذا كان مراهقا أو مراهقة، من يلجأ إلى البحث عن علاقة عاطفية فى الخارج، ليس لها ضوابط أو إرشادات من أحد، فيقع لبراثن عادات إجتماعية سيئة.

ومنهم من يلجأ إلى التدخين وإدمان المخدرات، وقد تلجأ الفتاة إلى شاب غير أمين عليها؛ فيعبث ببرائتها ويستغلها أسوأ إستغلال، وبالتالى ينشأ جيل فاشل علميًا ، ونفسيًا ، وروحيًا... وهكذا نرى تدمير أسر بأكملها.
 
تعالوا نبحث فى الأسباب على سبيل المثال لا الحصر:
- ضعف الإعداد الجيد للزواج، وفهم مسئولياته ومتطلباته وحتمية وجود الإختلافات الشخصية والإجتماعية، وتفهم أن الإختلاف نعمة وليس نقمة.
 ـ ضعف الحب وهذا نتيجة ضعف العلاقة بالرب
 ـ اللامبالاة وعدم الإهتمام وعدم الإنصات كل منهما للآخر، فلماذا يترك الشريك شريكه يتحدث دون النظر إليه، والتجاوب معه، حتى ولو كان الحديث تافهًا؟
ـ الصراع على السلطة.. صدقونى الزواج الذى يراه الله صالحًا خالى من هذا الصراع..لأن الإنجيل صريح (الرجل رأس المرأة)، وبالتالى الجسد تلقائيًا خاضع للرأس.  
ـ الزوجة الثرثارة والكثيرة الشكوى..المهم أنها أتقنت دور الأم،  ومديرة المنزل، ولكنها فشلت فشلاً ذريعًا فى دورها كأنثى وزوجة للأسف ـ ومن هنا تنشأ مشكلة، وقد أراها 90% من سبب المشكلات- إن لم يكن السبب الرئيسى- ألا وهو التوافق الجسدى بين الزوجين، مما يجعل كل طرف يقف للآخر على أقل غلطة، والتى لا يجوز معالجتها بخفة أو طيش. 

فلو كان آدم فى حاجة فقط إلى ونيس ليسليه لكانت الحيوانات كلها كافية لذلك، ولو كان فى حاجة إلى صديق لخلق الله له رجلاً آخر، ولو كان فى حاجة إلى إتحاد روحى لكان الله أقرب له ، ولكن الله يعرف تمامًا أن الرجل فى حاجة إلى من يوفر له أكثر من السلوى، أو المرح، أو العشرة الروحية..إن هدف الله من الجنس لم يكن أبدًا مشوهًا أو ناقصًا، ولو أدرك الإنسان هذا فإنه يستطيع أن يضبط نفسه وجسده بالإنتماء إلى جسد شريكه للتعبير عن الحب والألفة، وبالرغم من أنها لذة وقتية ومؤقتة؛ إلا أنها تُبقى بعدها الإتحاد الداخلى الذى يربط الإثنين معًا..علاقة ترتكز على حب الشخص كله وليس جسده فقط.
 ولذلك فهذه العلاقة يراها البعض سلاح ذو حدين، يمكن أن تكون وسيلة تدعم الحب وتعمّق الإتحاد، ويمكن أن تكون هدمًا يدعم الأنانية ويهدم الحب..
وهنا تحضرنى قصة قصيرة، فقد اشتهر أحد الممثلين بأداء الأدوار الرومانسية..وفى احدى المقابلات سُئِل: ما الذى يصير الرجل عاشقًا عظيمًا؟ فأجاب: أنا أعتبر العاشق العظيم هو الزوج الذى يستطيع أن يكتفى بإمرأة واحدة طوال حياته، وليس العاشق العظيم هو من يتنقل من واحدة إلى ثانية إلى ثالثة، فمثل هذا التنقل فى مستطاع أى حيوانــ وهنا نعرف معنى الإنسان.
 
وليعلم كل زوج أن زوجته تسلم جسدها له بعد أن تسلم روحها، وليس العكس.. ولتعلم كل امرأة أن اظهار براعتها كأنثى واجبة لزوجها.. ولا يجب إغفالها، ولا يجب أن تنصاع وراء تعليمات هدامة عن الإمتناع والنفور وعدم الرغبة بغرض التعفف والصيام، والقداسة؛ إلا إذا كانت على إتفاق مع الزوج كما قال الكتاب "لا يسلب أحدكم الآخر إلا أن يكون على موافقة إلى حين لكى تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا أيضًا معًا لكى لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم" ( 1كورنثوس5:7 ).

إن المتعة الجنسية فى الزواج هى أمر لازم، وطبيعى،   وضرورى،  ولا خطأ أبدًا به كما يظن البعض بسبب الأفكار والإتجاهات الخاطئة التى أدت إلى مآسى ندركها جميعنا الآن..
 
 إخوتى:
  تعالوا نغلق بيوتنا، ونفتح قلوبنا، ونرفع أعيننا إلى الرب الذى جمع ولا يريد أن يُفرق، لا يريد إلا القداسة داخل بيوتنا، وتكوين أسرة رائعة تليق بمجد إسمه.  تعالو نراجع أسلوبنا فى تنشئة أبنائنا لعلنا نستطيع أن نعود إلى بيوت آبائنا فى استقرارها ودفئها.

تعالوا نساهم فى إنقاذ البيوت من التفكك والشقاء، وما أكثر هذه البيوت.
تعالوا ننقذ ما تبقى، ونضمد جروح طرفين ليس أمامهما سوى الرجوع، ولكن ليكن الرجوع بنفس صافية وبداية جديدة.

وإن كنت لا أؤيد التدخل بين الطرفين، ولكن ربما للضرورة فى زمن عزّت فيه الرعاية من الآباء، ربما لكثرة المشكلات، ولكثرة عدد الرعية. 
 
استعنت فى هذا المقال ببعض المراجع لأبونا "مرقس عزيز" تحياتى للجميع.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ٣٤ تعليق