بقلم نسيم عبيد عوض
لا أحد يستطيع أن ينكر المجهود الجبار الذى قام به رجال الأمن المصريين فى إعادة زوجة الكاهن الى الكنيسة , لقد نزعوا فتيل النار قبل أن يشتعل , حاصروا البركان قبل أن ينفجر ويهلك مصر كلها , كان التصرف السريع من جهات الأمن له توقيتات لا أحد ينكرها , والحقيقة أنهم قللوا من مخاطر إنفجار بركان يغلى فى مصر كلها , ورجالات الأمن المصرى يعرفون هذا الملف جيدا , ويعلمون بان البركان غليانه الدينى هو ألأخطر والأكثر إلتهابا فى مصر, وهم أيضا يعرفون ولن ينسوا الخانكة و ملف الزاوية الحمراء الذى حدث فى الثماننينات , وبإنفجار قبطى برشاش نار , إشتعلت المنطقة بأكملها وراح ضحيتها مئات القتلى وأحرقت كنائس المنطقة , ولكنها كانت لعبة أمن النبوى إسماعيل وأنور السادات , وماأعقبه من ترديات الموقف فى مصر كلها منذ ذلك الحدث وحتى وقتنا هذا, والذى نعيشة الآن فى الشارع المصرى هو – بلا مبالغة – نتيجة مباشرة للتحول لرداء الأسلمة للدولة فى فترات عقب حرب 73 وحتى اوائل الثماننينات , وبإغتيال الرئيس المؤمن على منصته العسكرية كان على الدولة أن تصلح من حالة السلفية و التكفير والهجرة التى زرعتها الدوله الوهابية فى مصر على أيدى الملك فيصل والدكتور عبد الحليم محمود وفيما بعد الشيخ متولى الشعراوى , ولكن الأمر فات عليهم بقصد أو بدون قصد.
لكن هذا الأمر وهذا السناريو لا يصلح تكراره الآن لعدة أسباب منها :
1- عدد سكان مصر يقترب من التسعين مليون نسمة , محشورين فى مساحة محدودة يلتصق فيها المسيحى والمسلم فى قفص واحد و فى بيت وشارع وحى واحد , يأكلون من طبق واحد ويتنفسون من هواء فاسد واحد, لسنا نعيش كاللبنانيين كل فريق له منطقته التى يعيش فيها .
2- الحياة الإقتصادية للمجتمع المصرى فى أسوأ حالاتها , حتى وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من تسعين فى المائة , فثورة الجياع إحدى الإعتبارات امام الدولة التى تحاول المستحيل أن تسد أفواهم بتشدقات وتحايلات مرة بالكرة وأخبارها ومتابعتها , ومرة بمذبحة الخنازير , وأنفلونزا الطيور , وغيرها من إلإرهاصات تشغلهم قليلا عن المأساة التى يعيشون فيها , ولكن هيهات فجوع البطنون يفقد العقول.
3- ثورة الإتصالات كشفت كل المستور , وأصبح صوت بطن الجائع فى قرية او فى نجع فى أقصى أرض مصر يسمعه العالم كله فى وقت واحد وعلى مرأى من الكرة الأرضية , والدليل على ذلك ما يتحدث عنه العالم كله عن الحالة الصحية للرئيس المصرى ونحن فى مصر ننكرها, ونعيش فى وهم , كما حدث فى قضية السيدة من دير مواس كان العالم كله يعيش مع أسقف وكهنة وشعب ديرمواس أول بأول ويتابعون الحدث على الهواء مباشرة وكان أقباط مصر وكل العالم الخارجى واقفون على أقدامهم يتابعون ويتاهبون , ومع مختلف القصص والروايات التى وردت عن الموضوع , واصحابها ينسون ان المستور سينكشف والمخفى سيبان فى حينه , وسيخرج الكذبة يغطون وجوههم ببرقع الحياء , ويبررون كذبهم بكذبة أخرى وهكذا , لماذا لا نريد ان نفهم ان قول الحقيقة هو أكبر سند للدفاع عن المظلوم ومساندة العالم له .
4- فضائيات الستالايت -, وسرعة نشر الخبر والمعلومات على سطح الكرة الأرضية لبلايين الناس فى وقت واحد ولمختلف ديار المسكونة, أحدثت ثورة لا ينكرها أحد, وهاكذا وجد الشخص المسلم المحرم علية بلمس كتاب المسيحيين المقدس , يجئ اليه الإنجيل فى عقر داره, وتحضره البشارة بتعاليم السيد المسيح فى كل مكان وزمان ولا يستطيع ان يتهرب منها , وكذلك معرفة حقيقة الدين وخلفياته أيضا تحضرها له الفضائيات ويفاجئ انه كان يعيش حياته فى كذبة كبيرة ورثها عن أجداده الساميين, الذين اتوا اليه من جزيرة العرب الوهابيه., وهذه الثورة فى الإتصالات وما أحدثته من صدمات لثقافات عديدة تحدث تغييرا كبيرا ليس فى العالم الإسلامى فقط بل فى كل العالم أيضا,.ولا أحد يستطيع أن يعرف مداها أو يسبر أغوارها أو يقلل من نتائجها, وبالتأكيد أن وسائل الإعلام فى مصر وهى أول المستفيد من ثورة الإتصالات والفضائيات, وكلنا نقرأها ونشاهدها لها أخطر الأدوار فى تغذية البركان الدينى بكل وسائل الإشتعال , وتتلاعب بها الدولة من أجل اغراضها الشخصية كيفما شائت , و تبقى الحقيقة المؤكدة ان الاعلام المصرى يشعل فى البيت نارا وعلى مرأى من حكومة مصر.
5- أصبحنا نعيش فى دولة يحكمها رجل البوليس وأمن الدولة , تعيش بقانون طوارئ , يتلاعب الحاكم قى قيادتها حسبما شاء ومعه الحكم البوليسى وملفات الأمن لكل مواطن فى مصر, بلد لا يحترم حقوق الإنسان بل وليس فيه أى قوانين تحترم حقوق البشر , بلد لا تقنن الجرائم فيه طالما انها تتعلق بالدين الإسلامى , مع العلم بان ميادئ الشريعة الإسلامية وقوايننها لم تقنن فى القانون المصرى , وراجعوا قانون العقوبات وقانون الإجراءات , وكل قضاة مصر يطبقون الشريعة الإسلامية حسب الكلمة التى وردت فى الدستور فقط بدون تقنين أية قوانين, وهذا بالطبع مخالفة يعاقب عليها هؤلاء القضاة والمستشارين, هناك توجيهات دينية فقط ولكن ليس هناك قوانين مستندة على الشريعة الإسلامية, فالمجتمع كله يعيش على سطح مغلف بأكاذيب وأوهام , ولكن اللعبة السياسية وقاعدة الحكم الفردى هى التى تحكم كل أمور الحياة فى مصر.
نعود الى البركان الذى يغلى فى مصر الآن وهو خطف البنات والسيدات المسيحيات وخصوصا البنات القاصرات , ولعل إختفاء مريم وسامرة ( 13-15 سنة) وهو أحدث قضايا الخطف فى هذا الأسبوع مازالت ماثلة فى الأذهان ومازالت لم تحل قضيتها حتى الآن, البركان الذى يغلى ويهدد أمن مصر كلها بالإشتعال هو خطف البنات القاصرات أو خطف السيدات عن غير إرادتهم وتحويلهم للإسلام , هذا الماف يحوى المئات من حالات الخطف والأسلمة عن غير الإرادة وإستخدام أساليب العنف والجنس فى ذلك, وهو ملف معروض الآن على هيئات حقوق الإنسان فى كل مكان,
وأوراقه هى نفسها المغذية لنار البركان الذى يفور الغليان فيه , ونحن أمام قصة السيدة من دير مواس, فى ساعات قليلة تدفق الآلاف الى القاهرة الكل فى ثورة عارمة , البيوت تغلى والشعور يحترق من الظلم وأسلوب القرصنة , فالخطف أو الإغراء أو الإستخدام الجنسى فى أسلمة الأقباط هو الذى سيفجر البركان, ولذلك قلت فى بداية المقال ان أمن الدولة تصرف سريعا ونزع فتيل الإشتعال , لأنه وهذا شئ وارد كما حدث فى مذبحة الزاوية الحمراء , لوحدث وتهور اى من الشباب القبطى وأطلق الرصاص , ماذا كان سيحدث , أليس الإنسان تحكمة حواس خمسة وشعور قد يخرجه عن طوعه وفى غضبه يتصرف بجنون , وتكون النتيجة خراب ودمار ودماء تسيل فى شوارع مصر , والله وحدة هو العالم ماذا ستكون نهايتها, ورجال الدولة فى مصر عليهم أن يحموا مصر من هذا الخطر, وفى نفس الوقت حماية مصر مسئولية مشتركة مابين المسيحى والمسلم وكل طبقات وفئات المجتمع, ولذلك أول رد الفعل المطلوب من الدولة لسحب فتيل الإشتعال هو تقنين جرائم الخطف , وتشديد عقوبة خطف القاصرات , وجرائم الإغتصاب التى تستهدف الأسلمة , وعقوبة كل الأطراف التى ساعدت فى تلك الجرائم , هذا القانون يجب ان، يخرج للنور فورا , واما الجماعات المخصصة لأسلمة مسيحى مصر فرجال الأمن يعرفونهم جيدا ويعرفون مصادر تمويلهم وهذا ملف موجود بداية من أيام حسين الشافعى وعصابته, ويستطيعون تنفيذ قانون الطوارئ عليهم لأنهم تماما يوقدون نار البركان ولا يهمهم حياة مصر والمصريين , ونحن ننذرهم ان اى محاولة خطف قادمة لن يسكت الأقباط عليها وإذا كانوا قد خرجوا بالألوف اليوم فسيخرجون بالملاين غدا, وإذا كانوا قد حملوا لافتات تنديد قماشية بالأمس فلا تعلمون ماذا سيحملون مستقبلا. |