بقلم: صفوت سمعان يسى
ما ستشهده الساحة المصرية خلال الفترة القادمة من حراك سياسي وزخم انتخابي في نهاية عام 2010، ما هو إلا مخططات مدروسة ومرسومة بعناية لنقل السلطة في عام 2011 للوريث، ولكن في شكل انتخابي وقانوني وغطاء من الشرعية.
فأمين الحزب "عز" ينتقي من مرشحي الحزب الوطني ومن خارجه أفضل العناصر، وتُرسل له التقارير عن المرشحين من الجهات الأمنية، وكذلك من أعضاء الحزب الوطني عن شعبية المرشح وعدد الأصوات ومركزه وسط عشيرته، بحيث يمكن الدفع بأفضل المؤهلين لحصد الأصوات، بحيث مَن يسقط من الكشف ويريد أن يرشح نفسه مستقلاً تكون الفرص أمامه للنجاح ضعيفة.
أما الأحزاب؛ مثل الوفد.. ستحاول أن تحصد المركز الثاني في عدد الكراسي بديلاً عن حصة الإخوان الذين سوف تقفل عليهم الانتخابات أمنيـًا، ولذلك ليس من المستغرب زيارة رئيس حزب الوفد للإخوان لكسب أصواتهم ولضم مرشحيهم تحت عباءة الوفد، وهو كمَن يضع ثعبانـًا في حضنه ليدفئه، ولكن الباقي تعرفونه.
فمخططو الحكم يسعدون بذلك التعاون لثلاثة أسباب؛ أولها وضع الإخوان تحت راية الوفد قد يسهل التحكم فيهم؛ فهم تحت راية حزب شرعي واضح المعالم ليس به تنظيمات سرية، وثانيها هو سهوله دق إسفين بين الوفد والإخوان، وخصوصًا أن الأخير هو خبير في الانقلابات وحب السلطة، وكما يقول المثل المصري: "زي الفريك لا يحب شريك"، وهو نمر إذا امتطيته معتقدًا أنك روضته افترسك، وبذلك يضعف الحزب وقد ينهار، وثالثها السعي لكسب صوت الإخوان هو دائمًا ما يتناسب عكسيـًا مع الصوت القبطي، بما يدفع الأصوات نحو الوطني؛ كلا الحزبين أحلاهما مرٌ، وخصوصًا لم نرى رئيس الوفد يزور أي تكتل قبطي؛ سواء ديني أو اجتماعي... فهل هو إخواني في صورة وفدي!!
أما عجب العجاب فهو تصريح رئيس حزب الوفد بأنه لو كسب معركة الرئاسة (حلم صعب المنال) سيلغي إتفاقية "كامب دافيد"!!
وهو تصريح في غاية الخطورة، حتى لو كان يقصد به دغدغة أصوات المتطرفين وكسب الإخوان.. فهل طرح لنا هذا الجهبذ ماذا بعد إلغائها؟ هل نعمل إتفاقية مثل إتفاقية "حزب الله" اللبنانية؟؟ مناطق لبنانية منزوعة دوليـًا محرمة على اللبنانيين!!
أليست هذه رسالة للعالم كله بأن نظام الحكم الحالي الشمولي أفضل من أي نظام قادم بالانتخاب، وخصوصًا في الذاكرة الدولية تجربة حماس.
أما تجربة "البرداعي" فهي كالحلم ونسمة الربيع أتت سريعـًا وذهبت سريعـًا، وأيقظت الأمل والحلم في التغيير لدى كافة الشعب المصري، ولكنه تغيير قد يكون في الأجيال القادمة إذا بقي شيىء من الدولة المصرية من الجمهورية الملكية الوراثية، ولم تنحدر إلى مصاف الدول الأكثر فقرًا وتخلفـًا!!
ولكن أين دور الأقباط من كل هذا الذي يحدث؟؟ لا دور!!!
فأولاً: لا يوجد زعماء سياسيين أقباط، وقِصر كل تمثيل للأقباط سياسيـًا في شخص البابا.
ثانيـًا: ترك الشعب القبطي الساحة السياسة خالية بعدم الاهتمام بالعملية الانتخابية، وكأنه شأن غير خاص بهم؛ فهم أدمنوا العمل كمفعول بهم لا كفاعلين.
ثالثـًا: إنهاكهم وشغلهم طوال العام بقضايا فرعية؛ مثل خطف البنات وزوجات الكهنة، وكذلك عدم بناء الكنائس والقتل والفتن الطائفية، وبقضايا رئيسية مثل حكم المحكمة بالزواج الثاني وقانون الأحوال الشخصية، بحيث لا يتبقى وقت للتفكير في السياسة ومَن ننتخب ومَن نرشحه!!
وتحضرني هنا قصة الكتكوت الذي يرقص على الصفيح، فهو لا يرقص وإنما الصفيح ساخن فلا يستطيع وضع أرجله عليه، وهذا ما نراه من خلال المظاهرات والغضب في الكاتدرائية في كل مشكلة وحادثة، وهذا ما تريده الدولة من تسخين الصفيح لكي يتراقص الأقباط وهم يعتقدون أنهم يتحدون ويجبرون الدولة على تنفيذ مطالبهم!!
فقد فجرّوا مشاعر غضبهم وكبتهم وانشغلوا والدولة استراحت منهم بتلبية مطالب هي في الأصل مطالب شرعية، وما كانت تحتاج إلى تظاهرات.
فهل بعد هذا يتبقى للأقباط وقت لديهم للدخول والمشاركة السياسية في المرحلة القادمة؟؟ أتمنى أن يصحوا ويشاركوا؛ فمرحلة الفطام انتهت منذ زمن كبير. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|