أجلت محكمة جنايات الأسكندرية، الثلاثاء، النظر في قضية وفاة الشاب، خالد محمد سعيد، الذي يشتبه أنه توفي إثر تعرضه للضرب والتعذيب في يونيو/حزيران ، في قضية أثارت جدلاً واسعاً، إلى 25 سبتمبر/أيلول.
وقال علي قاسم، وهو خال الشاب سعيد لـCNN، إن أفراد العائلة كانوا يحرصون على حضور الجلسات منذ بدايتها، ولكنهم واجهوا بعض المتاعب الثلاثاء بسبب كثافة الانتشار الأمني خارج قاعات المحكمة.
وذكر قاسم أن عائلات المتهمين تمكنت من الدخول بكثافة إلى القاعة، بينما لم يسمح إلا بدخول أقرب المقربين للضحية، وهم خاله وإخوته ووالدته.
ولكن قاسم أعرب لـCNN عن ارتياحه بشكل عام حيال مسار المحاكمة والدعم الذي تحظى العائلة به وإصرار الإدعاء العام على السير بالقضية قائلاً: "نشعر بالرضا حيال عمل القاضي والمدعي العام، وأعلم أن هذا اليوم يفترض أن يكون يوماً حزيناً، ولكنني مسرور، وبصرف النظر عن نتيجة الدعوى، لأن الشعب المصري يدعمنا."
ونقل موقع "أخبار مصر"، أن المحاكمة ارجئت لمناقشة شهود الإثبات والنفي، مع استمرار حبس الشرطيين المتهمين.
أوردت صحيفة "المصري اليوم" عن دفاع الضحية إنه سيطالب المحكمة بتعديل قيد ووصف الاتهام من التعدى بالضرب، إلى ضرب أفضى إلى موت.
وكانت أجهزة الأمن المصري قد استعدت بـ١٣ سيارة أمن مركزى لتأمين المحاكمة، التي توقع أن تشهد حضوراً مكثفاً من جانب وسائل الإعلام، وأقارب سعيد ومؤيديه، وتحسبا لحضور أعداد كبيرة من الشباب، ومنع التجمهر أمام المحكمة، كما قررت إدارة المرور توفير طريق بديل لشارع الكورنيش الذى تقع به المحكمة.
وتوافد عدد من الشباب المؤيدين للقضية إلى الإسكندرية من محافظات مختلفة، وطبعوا نحو ٣ آلاف صورة لخالد، تمهيداً لتوزيعها على الحاضرين، طبقاً لما أوردت الصحيفة.
وكان من المقرر أن تبدأ محكمة جنايات الإسكندرية، الثلاثاء، أولى جلسات محاكمة أمين الشرطة، محمود صلاح محمود، ورقيب الشرطة، عوض إسماعيل سليمان، من أفراد قوة شرطة قسم سيدي جابر بالإسكندرية المتهمين في قضية وفاة سعيد، الذي ترجع التقارير الرسمية وفاته اختناقاً جراء ابتلاعه لفافة من مخدر "البانغو."
وكان النائب العام المصري، عبد المجيد محمود، قد أمر، في مطلع الشهر الجاري، بإحالة رجلي الأمن للمحاكمة بعد أن وجهت لهما تهم القبض على سعيد، 28 عاما ، بدون وجه حق وتعذيبه بدنيا واستعمال القسوة.
واستدعت القضية ردود فعل دولية، وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، السلطات المصرية بالتحقيق مع ونسب الاتهامات على وجه السرعة إلى رجلي الشرطة اللذان كانا في ثياب مدنية وقاما بضرب خالد سعيد، مما أفضى لوفاته، على حد قول قال عدد من الشهود.
وقالت المنظمة في بيان بيونيو/حزيران إنه يتعين على السلطات التحقيق مع رؤساء رجلي الشرطة هذين وكذلك وكيل النيابة المحلي الذي أخفق تحقيقه الأولي في جمع الأدلة على النحو الواجب كما أخفق في الاستماع الشهود.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الشهادات والصور الفوتوغرافية لوجه خالد سعيد المُشوّه تعتبر أدلة قوية بأن رجال شرطة في ثياب مدنية ضربوه بكل قسوة وفي مكان عام."
ومن جانبها، دعت منظمة العفو الدولية، أمنستي، إلى "إجراء تحقيق فوري وكامل ومستقل في حادثة القتل الوحشي للشاب المصري."
وقالت في بيان نشر على موقعها الإلكتروني في 14 يونيو/حزيران الماضي: "إن الصور المروعة تمثل دليلاً مفجعاً على الانتهاكات التي تُرتكب في مصر، والتي تتناقض بشكل صارخ مع صورة التي يرسمها المسؤولون المصريون اليوم لبلادهم، ويقدمونها إلى الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومع الاعتراف المتردد ببعض الأخطاء الصغرى."
وكان رؤساء البعثات الدبلوماسية لدول الاتحاد الأوروبي في مصر، قد أصدروا، الشهر الماضي، بياناً عبروا فيه عن "قلقهم إزاء ظروف وفاة خالد سعيد، بعد التقارير المتضاربة، عن هذه الواقعة، وتناقض أقوال الشهود، وبيانات أسرة سعيد، ومنظمات حقوق الإنسان، مع النتيجة التي انتهى إليها التشريح الثاني للجثة."
وبالعودة إلى القضية، أثبتت التحقيقات الرسمية، وفق ما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن رجلي الأمن ألقيا القبض على سعيد أثناء جلوسه في مقهى انترنت، وكان بحوزته لفافة لمخدر "البانغو"، فقام بابتلاعها ليتعرض لـ"اسفكسيا الاختناق" ويلفظ أنفاسه، كما تبين أنهما قاما بالاعتداء عليه بالضرب، واستعملا القسوة معه، أثناء اقتياده للقسم.
وفي ختام تحقيقات النيابة، ذكر بيان صدر عن مكتب النائب العام أن وقائع قضية مقتل المواطن السكندري تعود إلى 7 يونيو/ حزيران الماضي، وأثناء سيره بالطريق العام حاملاً لفافة بلاستيكية، حاول الشرطيان المتهمان محمود صلاح محمود وعوض إسماعيل سليمان استيقافه، فدلف المجني عليه إلى أحد مقاهي الانترنت، محاولاً الهرب منهما.
وتابع البيان أن الشرطيين تتبعا المجني عليه وتمكنا من القبض عليه، وشل مقاومته، وتقييد حركته، بدون وجه حق، وحاولا انتزاع اللفافة المشار إليها من يده عنوة، فتمكن من مغافلتهما وابتلاعها، وإثر ذلك تعديا عليه بالضرب، ودفعا رأسه ليرتطم بجدار من الرخام في المقهى المذكور، ثم اقتاداه إلى مدخل أحد العقارات المجاورة حيث واصلا التعدي عليه بالضرب في مواضع متفرقة من جسده، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقريري الطب الشرعي.
وقال البيان إن التحقيقات انتهت أخذاً بما ورد في أقوال الشهود، وما ثبت من تقريري الطب الشرعي، وأقوال كبير الأطباء الشرعيين، إلى استبعاد جريمتي "القتل العمد"، و"الضرب المفضي إلى الموت"، عن واقعة وفاة المواطن خالد سعيد، لانقطاع "رابطة السببية" بين وفاته التي حدثت بـ"اسفكسيا الخنق"، نتيجة ابتلاعه اللفافة البلاستيكية قبل وفاته إرادياً، وأنه لا دخل للإصابات بالوفاة.
وأضاف النائب العام أن قيام المتهمين بالقبض على المجني عليه "القتيل"، وتقييد حركته لكونه مطلوباً لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر ضده بالحبس لمدة شهر مع الشغل في إحدى القضايا عن تهمة ضرب، يشكل "جريمة القبض بدون وجه حق" على المجني عليه، في غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين، واستعمال القسوة معه بتعذيبه بدنياً بإحداث الإصابات المشاهدة بالجثة.
وأوضح البيان أن الأحكام الغيابية تقتضى إعلان المحكوم ضده بالحكم، وفوات مواعيد الطعن عليه من تاريخ إتمام الإعلان، حتى يصبح الحكم نهائياً واجب التنفيذ، وقد ثبت من التحقيقات أن الحكم الغيابي الصادر ضد المواطن خالد سعيد، لم يكن قد تم إعلانه، مما لا يجوز معه القبض عليه.
وكان كبير الأطباء الشرعيين، الدكتور السباعي أحمد السباعي، قد ذكر في وقت سابق أن الصورة الخاصة بالمجني عليه، التي نشرتها بعض وسائل الإعلام، قد تم التقاطها بعد الانتهاء من التشريح الأول لجثته، ويؤكد هذا النظر ما يظهر في تلك الصور من وجود الخياطة الخاصة بالتشريح في وجه وعنق المتوفى، بحسب قوله. |