CET 00:00:00 - 04/08/2010

مساحة رأي

بقلم: أنطوني ولسن
بدأت في كتابة هذا المقال عن الأحتفال بيوم 23 يوليو / تموز كل عام كذ كرى لقيام ما سمي بداية بحركة الضباط الأحرارعام 1952  ثم تغير الأسم الى ثورة ، لكن البعض فضل أن يطلق عليها إنقلاب . مهما إختلفت التسميات لكن أجمع الكثير من أبناء مصر على شيء واحد وهو كان يجب على من تحركوا من الضباط أن يعودوا الى ثكناتهم بعد إرساء قواعد الحكم الديمقراطي ومساعدة الأحزاب على إستلام المسؤلية مع الإبقاء على الملك أحمد فؤاد إ بن الملك فاروق ملكا بعد أن تنازل له والده عن الملك ،  لحين وصوله الى سن الرشد لإدارة البلاد .

ضاع ذلك الصوت وسط التحرك السريع للأمور من طرد للملك فاروق وأسرته . بعدها حدث أن أعلن مجلس قيادة الثورة إنهاء الملكية في مصر وإعلان الجمهورية المصرية وتولي اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية كأول رئيس بعد أن إلتهى الشعب في شعارات القيادة التي وافقت مشاعر أبناء مصر المتطلعين الى الحرية والإستقلال . لذا عندما حدث أول إنقلاب الذي أطاح باللواء نجيب والذي لم يبق في الحكم ما يقرب من عام فقط وتولى ناصرالرئاسة وأصبح هو الثورة ، والثورة هو . ومع ذلك عشنا بالأمل فكانت أحلامنا ورد ية وأيامنا مشرقة وعملنا بكل همة من أجل مستقبل مصر.

لا أريد أن أطيل لكن تلك الأحلام تحولت الى كوابيس ، والأيام المشرقة ، تحولت الى أيام ملبدة بالغيوم والأمطار والأعاصير . وكانت الهزيمة وفقدنا الأمل .
مات عبدالناصر ، وتولى السادات الحكم وتتذكرون ما كتبت عندما ذهب السادات الى مجلس الأمة وإنحنى أمام التمثال النصفي لعبد الناصر وما تنبأت به من أنه محطم التمثال ، طبيعي كان المقصود هو أنه سيعمل عكس ناصر تماما . وهذا ما حدث . أفرج عن الجماعات الأسلامية المتشد دة ، أقول جماعات بينما ناصر إعتقل جماعة  الأخوان ، أي جماعة واحدة . لكن داخل المعتقلات والسجون إنتشر الفكر الأسلامي المتشدد وتعددت الجماعات وإن صبت كل منها جل همها في تولي الحكم والعمل على إعادة الخلافة الأسلامية وإتساعها لتشمل العالم كله .وكانت نهايته على أيديهم .

كذلك السادات بدأ عصره بالإنفتاح عكس ناصرالذي أراد تطبيق الأشتراكية فأمم القطاعات الخاصة وإستولى على أراضي الأقطاعيين وأوجد القطاع العام ليدير شئون البلاد وطبيعي المدراء هم أهل الصفوة والثقة دون الأهتمام بالمقدرة العملية لإدارة شئون هذا القطاع الكبير من الأعمال .
إرتمى ناصر في أحضان روسيا الشيوعية ، وإرتمى السادات في أحضان أميركا الرأسمالية .

دفع ناصر حياته ثمنا باهظا لأحلام حلم بها وحده ولنفسه وإن كانت الأحلام الواهمه تخيل مصر والعالم العربي خاضع له ، فغير إسم مصر وجعلها " الجمهورية العربية المتحدة " . وهذا أكبر دليل على أحلامه التي كان يحلم بها وحده دون إشراك الشعب معه .من حق الأنسان أن يحلم ، لكن إن كان مسؤلا عن بيت وأسرة يجب أن تكون أحلامه لهم قبل أن تكون له ، فما بالنا برئيس دولة كتب عنها التاريخ أنها مهد الحضارة وأم الدنيا .

أعاد السادات إسم مصر وتمسك بالعربية ليرضي العرب ويؤكد لهم أنه عربي على الرغم من إتفاقه مع إسرائيل وعقد صلح معها ، وأنه رئيس مسلم لبلد مسلم . فأصبحت مصر تعرف بـ جمهورية مصر العربية .
هكذا نرى ما حدث لمصر والشعب المصري في عهدين لرئيسين توليا سدة الحكم أحدهما " ناصر " أخذ ته أحلامه بعيدا عن مصرفكانت الهزيمة ، والآخر " السادات "  أراد أن " يكحلها فعماها " كما يقول المثل المصري .
تولى الرئيس مبارك سدة الحكم بعد إغتيال السادات . ذلك الأغتيال الذي لم يعرف أحد حتى هذه اللحظة كيف تم بتلك البساطة التى تم بها . كذلك كيف لا يصاب أحد من كبار رجال الدولة الحاضرين الأحتفال والذي كان نائب رئيس الجمهورية عن يمين السادات ووزير الحربية عن يساره ؟؟!! ويقتل الأنبا صموئيل بنفس الطلقات الصادرة من نفس السلاح وبنفس الأيدى التى إغتالت السادات ؟!

الرئيس مبارك يعتبر رجلا عسكريا وتولى مناصب عسكرية كثيرة مشرفة لسلاح الطيران المصري . بل أنه قاد سرب الطائرات المقاتلة التي حمت رؤوس الجنود وقت العبور الى الضفة الشرقية لقناة السويس ودك خط بارليف .
عاصر الرئيس مبارك كلا من ناصر والسادات مما يعطيه الخبرة الكافية لإدارة شئون البلاد العسكرية منها والمدنية .

لم يدخل في حرب عكس خلفيه ، ناصر الذي كان في شغل شاغل في تكوين ولم شمل الأمة العربية والإسلامية تاركا البلاد في أيدي أهل الصفوة والثقة والذي دخل حربا مع اليمن ضد السعود ية مما أضاف السعود ية كأحد ألد أعداءه . مما يجعل إحتمالية تأثير السعود ية على تشجيع إسرائيل عن طريق أميركا " الحليف الدائم للسعودية " في شد رجل ناصر الى حرب لم يكن مؤهلا لها فكانت هزيمة67 . وعاصر السادات الذي كان أكثر حكمة فلم يعادي السعود ية التي ساند ته بالمال لشراء السلاح اللازم للحرب وإسترجاع الأرض المصرية التي إستولت عليها إسرائيل عام 67 . وواصل  مبارك المفاوضات مع إسرائيل بعد توليه سدة الحكم لإسترجاع منتجع طابة دون حرب أخري .

واجه الرئيس مبارك الأخوان المسلمين والأمسلاميين المتشددين بطريقة مختلفة أيضا عن ناصر والسادات فاستخدم لعبة القط والفأروحاول قمع المتشد د ين بهذه الطريقة لكنه لم يلتفت الى التأثير المباشر من الأخوان على الشارع المصري الذي أصبح للأخوان اليد العليا عليه في كثير من الأحيان وظهر ذلك جليا في إنتخابات مجلس الشعب عام 2005 مما وضع الأخوان في وضع المعارضة الوحيدة في المجلس على الرغم من أنها جماعة محظورة مما حدى بالحزب الوطني نفسه بالدخول في سباق مع الجماعة المحظورة في تبني أفكارهم والمزايدة عليهم .

علاقة الرئيس مبارك بأميركا أيضا لم يبتعد مثل ناصر ، ولم يرتم كلية مثل السادات وإن ظن البعض أن العلاقات ستأخذ منحى آخر بعد زيارة الرئيس أوباما للقاهرة وخطابه الشهير في جامعة القاهرة . إلا أن وضع مصر في عهده " الرئيس مبارك " لم يعد كما كان في السابق ، ومع ذلك مازالت التدريبات العسكرية والمناورات تأخذ مجراها الطبيعي ، كذلك المعونة الأمريكية لمصرلم تتأثر كثيرا .

بالنسبة لعلاقة الرئيس مبارك مع إسرائيل إختلفت عن عبد الناصر الذي كان دائما يؤكد على أنه سيلقي بها في البحر . وإختلفت مع السادات الذي سارع بالذهاب الى تل أبيب وعقد معاهدة معها ، وإنما إكتفى بعلاقات لا هي بالحميمة ولا هي بالسيئة . بل يعتبر الرئيس مبارك الرئيس الوحيد الذي يخصص وقتا أطول للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ولن أكون مغاليا لو قلت أكثر من الوقت الذي يعطيه لمصر والشعب المصري . وقانون الطواريء خير شاهد على ذلك ، على الرغم من أن السبب الذي قيل عن مد العمل به عامين آخرين هو الأمن والمخدرات . ونتعجب قوانين الطواريء للحفاظ على الأمن من .. من !!

هل من الأخوان والجماعات المتشددة ؟ إنه يتم القبض عليهم وإيداعهم المعتقلات في أي وقت يرى الأمن ذلك .. أما المخدرات فلم تتأثر تجارة المخدرات بوجود قانون الطواريء بل إزدادت تجارتها وتعاطيها وتظهر ذلك الإحصائيات التي تظهر كم ينفق الشعب المصري من مليارات الجنيهات على المخدرات وياليتهم ينفقونها على زراعة " البطيخ " الذي أثبت فائد ته التي تعادل الفياجرا والمخدرات . لكن يبدو أن الأبقاء عليه " قانون الطواريء " إنما لحماية الأمن من الشعب الذي فاض به الكيل فأصبح قانون الطواريء السيف المسلط على رقابهم .
أما بالنسبة الى الحياة السياسية فحدث ولا حرج بالنسبة للحكام الثلاثة . لم يعط أي منهم للحياة السياسية الفرصة الواجبة للنهوض والمشاركة في تسير أمور الوطن . ناصر قضي عليها " الأحزاب " وطبق نظام الحزب الواحد ، السادات إستمر في نظام الحزب الواحد الذي يترأسه هو ، ثم سمح للأحزاب العودة مرة أخرى .. لكنها عادت ضعيفة هزيلة مثل جسد الأنسان الخارج بعد حبسه في غرفة ضيقة مظلمة فخرج ضعيف لا يقوي لا على الحركة ولا على العمل والتفاعل مع المجتمع .. فهناك دائما حزب الحاكم صاحب السلطة المستمدة ليس من الدستور ولا من القوانين ، وإنما من رئيس الجمهورية مباشرة . وإستمر هذا مع تولى الرئيس مبارك سدة الحكم . وإنتخابات 2005 كان إشراك رؤساء الأحزاب في الأنتخابات الرئاسية يدعو الى السخرية والتهكم ، وقد فعل كل من حزب التجمع وحزب الوفد خيرا بعدم الأشتراك في تلك المهزلة .ونتمنى للأنتخابات القادمة أن يغير الشعب رأيه ويرى في الأنتخابات الخطوة الصحيحة الواجب إتخاذها إذا كان الشعب حقا يريد الديمقراطية والحرية ولا ينخدع مما يقال عنهما " الديمقراطية والحرية " لأنهما الرئة الحقيقية والوحيدة التي عن طريقها يتنفس الشعب وبستطيع المطالبة بكل ما يعجز عن مطالبته الأن .

أختم بالكلام عن الديمقراطية الزائفة التي يتشدقون بها في مصر .
الحرية لا تعني فقط السماح للصحف أن تكتب وتنشر ، والإذاعات أن تتحدث وتستضيف وتسأل ، والتلفزيون أن يبث برامج جريئة ويناقش مشاكل الناس بحرية كاملة ولا مكان لمقص الرقيب ، وكذلك السينما والأفلام والتلفزيون والمسلسلات أيضا لا وجود لمقص الرقيب إلا إذا تدخل أحد رجال الدين معترضا .
الحقيقة المؤلمة حرية التعبير دون الأخذ بها في الأعتبار أستخفاف بعقول جميع الشعب المثقف منه وغير المثقف . لأنه ما الفائدة من عرض مشاكل المجتمع دون تحرك للحكومة للعمل على حلها أو إيجاد الحلول اللازمة . عندنا كتاب قصة ورواية وسيناريو من أعظم كتاب العالم في عرض وتحليل مشاكل المجتمع المصري ، وعلى سبيل المثال لا الحصر .. المرحوم أسامة أنورعكاشة  ، ونطلب من الله أن يطيل في عمر الأستاذ وحيد حامد طبيب الجروح المصرية وواضع مشرطة على موضع الألم والمرض دون مواربة تاركا للجراح تولي إجراء الجراحة اللازمة لإستئصال المرض .. فهل إنتبه الى ما يقدمه أحد ؟ بالطبع لا .. تحت بند ها نحن نطبق الديفراطية والحرية ولسان حالهم يقول القافلة تسير و... فقط سأشير إلى فيلم واحد " طيور الظلام " الذي حدد مشكلة مصر في الحكم عن طريق الصراع بين الإخوان الذين يسيطرون على كل شيء في الشارع المصري بل وفي الإدارة المصرية وأخطرها القضاء عندما إكتشف عادل إمام المحامي أن القاضي الذي سينظر قضية الأداب التي سيترافع فيها من الأخوان فجري الى زميله الذي تبع التنظيم ليترافع بدلا منه وبالفعل حكم القاضي بالبراءة . كذلك إتخاذ لعادل إمام طريق السلطة وإنضمامه للحزب مما أعطاه الفرصة للرشوة والأعمال غير المشروعة . وضحكت على مشهد تلقي العزاء في والده فيأتيه أحد المواطنين معزيا وهامسا في أذنه مخبرا بأن والده قد أخذ منه مبلغا من المال فما كان منه أن رد عليه " ماتروح تاخدهم منه " . وكانت النهاية وبكل حق رائعة عندما إلتقى الفساد " عادل إمام الممثل للحكومة " و " رياض الخولى الممثل للأخوان " في ساحة السجن وسدد كلاهما ضربة قوية للكرة التي طارت وحطمت الزجاج ...

ومن له أذنان للسمع فليسمع وفم للكلام فليتكلم وقلم في اليد فاليكتب ، وميكرفون في إذاعة فاليذيع ، وشاشة تلفزيون فاليقدم ما يشاء من برامج .. فلا حياة لمن تنادي ... الفوضى عمت مصر والفساد أصبح هو نمط الحياة والدين تحول الى العباءة التي يحتمي بها الفساد ، وتخبط الشعب بين فتاوى الشيوخ ومظاهرات كل من يريد التظاهر مطالبا بحق أو منفذا لمطالب أعداء مصر سواء من الخارج أو الداخل ، وأصبح الشعب المصري يلهث وراء سراب المال غير عابيء بكرامته المهم أن يغتني . والحكومة تتفرج ولسان حالها يقول أنا عبد المأمور ، والمأمور بيدور على مأمور ..
والأن هل أنا على حق لعدم إحتفالي بيوم 23 يوليو / تموز كعيد قومي لمصر بغض النظر عن تسمية الحدث الذي نحتفل به .. حركة .. ثورة .. إنقلاب ..؟؟؟!!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق