CET 00:00:00 - 04/08/2010

مساحة رأي

بقلم: مينا نبيه فتحي
 عندما أتحدث عن حركة ضباط الجيش 1952، لن أتحدث بمنطق العداء رغم وفديتي، ولكن لإجراء تحليل لمعرفة أي مرض يصيب أي مجتمع كمثل أي مرض يصيب الإنسان؛ فإننا أردنا أن نعدد جرائم هؤلاء لا نستطيع أن نغفل نظافة يد "جمال عبد الناصر"، ونزاهته المالية، وأن اختلافنا مع هؤلاء -حسب رأينا المتواضع- هو لسياسات أمرضت المجتمع المصري الذي نرجو له الشفاء على يد أبناءنا المخلصين والشرفاء.

 أولاً: عندما قام المؤرخ العسكري "جمال حماد" بكتابة البيان الأول للثورة -حسب ما ذُكر- وقام بعرضه على الرئيس "محمد نجيب"، أضاف بين سطرين من سطور البيان "في ظل الدستور"؛ أي الالتزام بالقانون، وهو ما قام ضباط بتحطيمه بعد عزل الرئيس "محمد نجيب".

 ثانيـًا: ما زلت أكرر أن مجموعة ما يسمي بـ"الضباط الأحرار" لم تضم أي مسيحي مؤثر في صنع القرار؛ لأنها كانت إسلامية الهوى، وأن صراعها مع الإخوان المسلمين هو صراع على غنيمة وصلت تحت أيديهم، غير عدد قليل عُزلوا تبعـًا (محمد نجيب– يوسف صديق– خالد محيى الدين) الذين طالبوا بعودة الجيش إلى السكنات وترك السياسة لرجالهم، أو مَن يريد ترك الجيش والتعامل على أسس سياسية وحزبية سليمة باعتبار أن الحكم للشعب.

 ثالثـًا: اعتمدت تلك الحركة على "علي ماهر" -اليد اليمنى للملك- في الكثير من الأمور الإدارية التي نفّس فيها من أحقاده الدفينة لحزب الوفد، رغم أن الوفد أيد الثورة بعودة "النحاس" و"فؤاد سراج الدين" من الخارج لتأييدها، كما اعتمدت الحركة على "عبد الرازق السنهوري" الذي يكّن ذات العداء وهو بداية لما عُرف بترزية القوانين، وها هو مستمر للآن.

 رابعـًا: إلغاء نزاهة الانتخابات وبداية لما يُعرف بـ"النتائج المبالغ فيها" بمنع ترشيح الكثيرين وإلغاء الأحزاب وعدم نجاح انتخاب الأقباط؛ لأنهم لن ينجحوا إلا في ظل مناخ صحي.

 خامسـًا: إن أزمة الحريات لا ينكرها كل مريدي "عبد الناصر" بحجة دعم قوى الشعب العامل، ولا يعلو صوت فوق صوت المعركة، وشعارات أخرى خلقت واقعـًا مظلمـًا بعد أن تأكد الجميع حكومة وشعبـًا أن ليس هناك أي نوع من الضغط الشعبي للتعبير أو التغيير والإصلاح؛ فاصبح الفساد والمحسوبية والنفاق هو دستور الحياه اليومية، إلا من بعض الشكاوى التي تصل للرئيس "جمال"؛ فيتم التحقيق فيها إذا ما أفلتت من الحواجز الإدارية؛ فتم ضرب المناعة الشعبية وهو ما نعاني منه الآن من سياسة الحزب الواحد.

 سادسـًا: وأترك التعليق للقاريء والمستمع العاقل، ولن أقوم بأي تعليق على حذف اسم مصر من اسم مصر الرسمي وتحويلها إلى (ج.ع.م) أي الجمهورية العربية المتحدة، في سابقة لم يعهدها أي حكم متحضر.

 سابعـًا: ولا تعليق أيضًا على ما وصلت المحسوبية والفساد إلى رفع رتبة الرائد "عبد الحكيم عامر" إلى رتبة مشير والقائد العام للقوات المسلحة بعد إحالة القيادات العسكرية إلى التقاعد؛ ليفقد الجيش خبراته التراكمية للأجيال العسكرية السابقة مما فسر هزيمة 1967 تفسيرًا شاملاً.

 ثامنـًا: لا أحد يستطيع أن يغفل دور الإعلام في أي دوله ليكون واجبه الأخلاقي والمهني هو النقد للتصويب لأي قرار، أما في مصر عندما يقوم بعض الإعلامين الشرفاء من نقد بعض السياسات؛ يتم تحويلهم من صحفيين في مؤسسة "أخبار اليوم" إلي موظفين إداريين في مؤسسة "عمر أفندي"، ولا تعليق وخاصة بعد إلغاء الأحزاب وصحفها ولم تصبح هناك إلا بعض الصحف الحكومية التي تسبح بحمد السيد الرئيس.

 تاسعـًا: ما حدث بانفصال السودان عن مصر نتحدث باختصار عن الأسباب التي أدت إلى هذا الانفصال:
 أولاً: ترضية للولايات المتحدة الأمريكية التي أدت إلى هذا الانفصال؛ لأنها تريد التعامل مع كيانات صغيرة في مقابل عدم عودة الإنجليز لمصر، وهو ما هو مذكور في الوثائق العسكرية الأمريكية وكتاب (لعبة الأمم) لـ"ماينز كوبلند" أحد رجال المخابرات الأمريكية.
 ثانيـًا: أن السودان في هذا الوقت تعتمد بشكل كلي على الملكيات الكبيرة، وقد نمى إلى علم أشقاء الجنوب أنه سوف يجري تحديد الملكيات الزراعية، وهو متفق عليه أيضًا من الولايات المتحدة في إطار الإتفاق على ضرب التيار الشيوعي بتوزيع الأراضي على الفئات الأكثر فقرًا، باعتبار أن الفقر هو الأرض الخصبة للنمو الشيوعي؛ إلى أن انتهى شهر العسل بين الولايات المتحدة و"عبد الناصر" بمحاولة الضغط عليه لإدخاله حلف بغداد وعدم تمويل السد العالي.

 رغم ذلك كله لا أستطيع إلا أن أحيّي الـ 44% التي لم تنسى الكفاح المشترك والحرص على وحدة وادي النيل، كما أن أشقاء الجنوب يعشقون الديمقراطية، وهي ما وضحت إنحسارها في مصر في بين فترة 1954: 1956 حتى تاريخ الاستفتاء.

 والجدير بالذكر أن زعيم الأمة بالانتخاب "مصطفي النحاس" قال مقولته الشهيرة المستمدة من ثورة 1919 الشعبية "تُقطع يدي ولا أوّقع انفصال السودان".

وعندما أراد الرد على المماطلة الإنجليزية في مباحثات الاستقلال "النحاس– مكماهون"، قام بإلغاء معاهدتي 1936 ومعاهدة الحكم الثنائي المصري البريطاني للسودان 1899 في قولته الشهيرة: "من أجلكم وقعت معاهدة 1936، ومن أجلكم أيضًا أطالبكم اليوم بإلغائها"؛ فكان الإلغاء بأغلبية البرلمان، وهذا هو الفرق بين من يعلي حق الشعب في إتخاذ القرار وبين مَن يقول آسفـًا: "لقد علمتكم الكرامة"، كأن مصر حضارة الـ 7 آلاف عام لم تتعلم الكرامة إلا على يد هذا الضابط.

 عاشرًا: لا أحد يستطيع إنكار أن القضاء هو الحصن الواقي من أية تدخلات للهوى، باعتباره هو الحامي لحق المواطن من أية إعتداءات من أي جائر أو مستبد؛ فحدث ما يعرف (بمذبحة القضاه 1968) بعزل 127 قاضيًا من خيرة قضاة مصر؛ أمثال "ممتاز نصار"– "صالح الرفاعي"– "علي عبد الرحيم"- ممدوح البلتاجي" وزير الإعلام ثم الشباب فيما بعد، وكان ذلك للأسباب الأتية:-
1-    مقالات لـ"علي صبري" يهاجم فيها القضاء في جريدة "الجمهورية" من 1965، وذلك لإفراجهم المتكرر عن المعتقلين الذين تم اعتقالهم دون إجراء محاكمة.
2-    فوز قائمة "ممتاز نصار" في انتخابات نادي القضاه ضد مرشحي الحكومة في تلك الانتخابات، التي لم تستطع الحكومة إخضاعها للتزوير كالانتخابات الأخرى.
3-    حرص قضاة مصر الشرفاء على استقلال القضاء والهيئة القضائية الموقرة برفض الإنضمام إلى الاتحاد الاشتراكي العربي، كأي هيئة حكومية تابعة.
4-    أخيرًا.. البيان الذي قدمه رجال القضاء كمطلب للرئيس "جمال عبد الناصر" لأفكار للعبور من هزيمة 1967، وكان هذا الرأي الذي أوجب عزلهم؛ وأكرر (127 قاضيًا)، وهو الحرص على عدم انتهاك الحريات، وأن يكون الكل سواسية أمام القانون..

 الحادي عشر: سيطرة أهل الثقة على مقاليد الأمور في مصر في أغلب الأماكن الحساسة، وخاصة إدارة القطاع العام والهيئات المختلفة والمرافق الحيوية التي كان لها الأثر الأكبر في رفع مستوى الفساد، وسوء الإدارة لتلك الهيئات، ولكي أكون منصفـًا فإن هناك ثلاثة أشخاص يجب الثناء عليهم رغم وصولهم لمناصبهم كأهل للثقة، ولكنهم أثبتوا كفاءة كبيرة وهم: "زكريا محيي الدين" الذي كان له فضل كبير في تأسيس جهاز المخابرات العامة المصرية ووصولها إلى ما وصلت إليه الآن، والسيد "محمد فايق" وزير الإرشاد القومي، والذي قام بدعم الروابط المصرية مع العديد من الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، بالإضافة إلى القائد الفذ "عبد المنعم رياض" الذي كان في مقدوره التخفيف من هزيمة 1967 لولا تراخي القيادات السورية والأردنية في تحريك طائرات مصرية بطيارين مصريين لديهم لضرب المطارات الإسرائيلية قبل عودة الطائرات الإسرائيلية المغيرة؛ فيفقد الجيش الإسرائيلي الجزء الأكبر من سلاحه الجوي.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق