CET 08:45:49 - 04/08/2010

مقالات مختارة

بقلم: رولا خرسا

هناك إعلان لأحد العطور كان دوماً يستوقفنى وكنت أردده لأولادى حتى ملوا منى.. شعار الإعلان كان يقول «جدد ولا تقلد» ولست أدرى إن كان هبة من الله أم طبعا وهو بالتالى هبة أو جين مختلف ولكننى دوماً أؤمن أن فى الاختلاف جمالا.. الكارثة أننا نعيش فى مجتمع يؤمن بنظرية سوق الجملة... ننظر إلى ما يفعله الآخرون ونقلدهم.. الأولاد ندفعهم إلى كرة القدم على اعتبار أنها الرياضة الشعبية، ولو كان الولد يحب الرسم أو الموسيقى لا نشجعه إذ ما الذى سوف يصبحه فى يوم من الأيام؟

نردد عبارات من نوعية «شوف زمايلك بيعملوا إيه واعمل زيهم» أو نقول للبنت «كل البنات بتحب ده» ولو لم تحبه فهى مختلفة «يبقى خير اللهم اجعله خير؟» «حتبقى عنادية وتمشى براسها طب وبعدين؟» ونفس الأمر ينطبق على المجتمع نريد أن نصبح أطباء ومهندسين لأن الجميع يريدون ذلك، ترتدى البنات باديهات عشان كل البنات تفعل هذا وأنا هنا لا أخلط بين الموضة والتقليد.. بل أفهم الفرق جيداً والفرق ببساطة فى الواقع.. إن فتح فى شارع محل كشرى ومشى سوقه بدلا من أن يفتح بالقرب منه محل شاورمة بدلاً، من أن يفتح قربه محل حلويات أو مطعم فول وطعمية تراهم يفتحون محل كشرى آخر.. لماذا؟ عادى.. المحل الأول مشى.. نقلده. ونفس الوضع ينطبق على كل ما فى حياتنا.. لو نجح فيلم كوميدى تنهمر علينا موجة أفلام كوميدية.

. لو فتحت قناة موسيقى تنهمر علينا قنوات الموسيقى وكلها تشبه بعضها البعض.. لو نجح برنامج تجد عشرين برنامجا تشبهه إلى آخر القائمة.. نحن شعوب تخاف أن تبدع، تشترى فورمات جاهزة وتطبقها والحجة نلعب فى المضمون والفورمات تنطبق على تفاصيل حياتنا اليومية. أصحابى راحوا القطامية أو أكتوبر لازم أشترى فيلا هناك.. أصحابى بيروحوا دبى أو لبنان؟ أنا كمان لازم أروح وكأننى لو لم أشتر أو لم أسافر سوف أتهم بما لا أستطيع احتماله.. وأنا هنا أيضا أفرق بين أننا شعوب استهلاكية وهذا أمر لا أنفيه، بل أؤكده بشدة وبين التقليد..
 أصحابى يبقون فى مارينا لغاية الصبح حيقولوا علىَّ إيه لو تركتهم؟ وكأنها عيبة لا سمح الله.. ونحن نضعف ونرضخ من منطق ألا يقال عنا إننا نختلف عن الآخرين.. ومن يشاهد اليوم الصحف المليئة بإعلانات المسلسلات والبرامج متزاحمة قرب بعضها البعض التى تقوم بها كل القنوات.. قنوات الدولة أو القنوات الخاصة- يفهم ما أقول.. سياسة سوق الجملة.. بضاعة ترص أمام المشاهد وعليه ان يختار على طريقة السلطة أمامك خيار وخس وجزر وطماطم اختر ما شئت أو جميعهم على بعض، مع أن الاختلاف يعنى أن تعلن كل مسلسل أو برنامج على حدة حتى لو كلف أكثر ففيها شياكة وفيها منطق البوتيك واشرح واسترح.. البوتيك تدخله فلا تجد إلا من كل ثوب قطعة..

 أما الهايبرات ومحال الجملة فترص البضاعة جنب بعضها والزبون يدخل ويأخذ بالجملة والفرق كبير جداً.. وإذا ما عدنا إلى العلاقات الإنسانية لوجدنا نفس الأمر صحيح لا نملك القدرة على تقبل الآخر، فلو كنت من الذين يمشون برأسهم ويعتبرون أنفسهم مختلفين لوجدت من يقول «حرام أصله مش زينا مش بينسجم معانا» مع أن الحقيقة معكوسة، نحن الذين لا نتقبله ولا نحاول فهمه لمجرد أنه مختلف بل قد يصل الأمر فى البعض إلى حد اللوم والتقريع والكلام اللاسع من نوعية «أنت لا تنسجم... أصل فلان مش عاجبه»..
 أو ببساطة يكون الاختيار الأسهل هو الابتعاد عن نفس الوضع مع أولادنا، لا نقبلهم كما هم.. بل نريدهم بشروطنا... ولو اختلف أحدهم نلومه طوال الوقت ونقارنه بأصدقائه وإخوته.. للأسف نحن شعوب الهايبر لا البوتيك وإذا ما فكرتم لوجدتم ما أقوله يطبق على كل ما يحيطنا.. الأسباب؟ لست أدرى علماء الاجتماع أدرى المهم أننى لا أمل من ترديد الشعار «لا تقلد بل جدد» واختلف، باختصار كن أنت واعط كل شخص حقه فى أن يكون هو.

rola_kharsa@hotmail.com
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع