CET 00:00:00 - 05/08/2010

مساحة رأي

بقلم : نبيل المقدس
تعجبت جدا عندما عرفت أن أنثي النسر دائما هي التي تسعي في اختيار ذكرها بطريقة غريبة و لكنها في نفس الوقت فيها حكمة , بحيث تنتقي الزوج الذي يناسبها , ويحبها , ويحميها . المعروف أن النسر يحلق دائما في طبقات الجو العليا ويحب ان يكون لوحده في منطقة حدودها 5 كيلومتر من جميع الجهات . ولا يجرأ أي نسر يدخل في منطقة نسر آخر . لكن عندما يشاهدون انثي تدخل إحدي المناطق , فهذا يعني أنها دعوة , لكل ذكر لم يكن لديه انثي  أن يدخل المنطقة لكي يكون من ضمن النسور التي سوف تختار الأنثي واحد منهم . ولعلمكم ان النثر يبقي له انثي واحدة طيلة سنين حياته والتي تصل إلي أكثر من مائة سنة، فعندما يبلغ الستين سنة الأولي من عمره، ويبدو عليه الضعف والشيخوخة حتى يكاد يدنو من النهاية، نراه يجلس علي أعلي نقطة من الجبال بريشه العتيق المتنافر، خائراً ضعيفاً، ويصبح منقاره مُشققاً كبير الحجم يفتحه بصعوبة بالغة ليتناول طعامه. وبعد فترة ينهض فجأة من هذه الحالة ليطير ويضرب منقاره القديم بكل قوة في الصخر مرات كثيرة حتى يتكسر ويسقط ، فيظهر تحته منقار صغير جديد حاد. ثم يبدأ يحك جسده في الصخور ليتخلص من الريش القديم، فيتجرح وتسيل منه الدماء، لكن يبدأ الريش الجديد ينمو. نعم لقد بدا النسر ضئيل الحجم عن ذي قبل إلا أن شبابه قد تجدد تماماً وعادة يعيش بعد ذلك حوالي خمسين سنة.. وبالرغم ان الذكر أو أنثاه يسترد شبابه أو تسترد هي شبابها مرة أخري قبل الآخر إلا انهما يبقيا مخلصين لبعضهما البعض  حتي ولو احدهما مات , يظل الاخر علي عهده حتي يموت . (الرب... الذي يُشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك ) مزمور 103 : 5 .

نأتي في كيفية إختيار انثي النسر لذكرها ... تقول المراجع في علوم الطيور والحيوانات الجارحة أن الأنثي تُحلق في الأجواء المنخفضة وهي تحمل جزع شجرة ثقيل , ثم تلقيه من الجو ... تتسارع الذكور وتحاول أن تطير لكي تلتقط هذا الجزع ... والذكر الذي يستطيع الإمساك به قبل وصوله إلي الآرض يكون لها زوجا . أما إذا لم يتمكن اي منهم إلتقاطها , تُعيد هذه المحاولة مرة أخري لكن بحمل أخف من السابق وعلي مسافة أعلي من المرة الأولي ... وتكرر هذا العمل تكرارا في حالة عدم استطاعة اي منهم إلتقاط هذا الجزع مع تخفيف وزن الجزع وتعلية مستوي طيرانها . حتي يستطيع إحدي الذكور إلتقاط هذا الجزع الخفيف قبل وصوله إلي الأرض . وهنا نجد أن أنثي النسر تختار عن يقين ذكرها الذي تثق في حسن أدائه في حمايتها , وعطائه , وصبره , والسعي وراء إتمام أهدافها النبيلة , وتظل بعد ذلك تجاوره في الطيران , ولا تفارقه , حتي مماتهما .

كما ان الذكر والأنثي يبدءان في عمل العش قبل ان تضع الأنثي البيض , وذلك بتجميع الجزوع التي تحتوي علي أشواك , ويفرش هذه الجزوع أولا بين صخور الجبال العالية , ثم يرص الأوراق الناعمة علي هذه الجزوع ... ثم يبدا التناوب مع أنثاه في جلب الأكل , وهو لا يفارق العش أبدا حتي يكبر افراخه ثم يبدا في ازالة الأوراق , فتبدا الأفراخ تتألم من شدة آثار الشوك حتي تاخذ بعضها وتحاول الهروب من هذه الأشواك فتجد نفسها تهوي من حافة الجبال , مما تجعل غريزة الطيران تتوالد في نفسها , وتبدا في الطيران قبل وصولها إلي الأرض . كل هذا نجد ان الذكر والانثي يتبعانه بكل فرح وسرور .

 الرب أعطي النسور فطرة كيفية إختيار الآخر , واعطاهم ايضا فطرة الزوج او الزوجة الواحدة , وأهداهم فطرة التعاون والعمل مع بعضهما البعض , وزودهم بفطرة كيفية تربية وتدريب ابنائهم . كل هذه الفطرة  وهم بدون  عقل , وهذا هو الفرق بيننا وبين الحيوانات ... فنحن بالإضافة إلي الفطرة التي اعطاها الله لنا نمتلك العقل الذي به نستطيع أن نطور هذه الفطرة إلي الأحسن ... لكننا منذ الخليقة طوعنا عقولنا وفصلناها عن الفطرة , فقمنا بإبتداع المصالح الأرضية في إختيار الزوج لزوجته أو العكس , إبتدعنا  الإنفصال بين الرجل والمراة بدلا من أن يكونا جسدا واحدا ... إختلقنا تعدد الزوجات تحت تبرير عدد الأناث أكثر من عدد الذكور ... إبتدعنا الكره وعدم التحمل عندما يتالم احد الطريفين , ونجد النسور تتحمل شيخوخته وهو يتحمل شيخوختها لحين ما يتجددا مرة اخري . ابدعنا حق الزواج الثاني في حالة وفاة أحدي الطرفين بحجة منع الفتنة . اخترعنا كتاب اسمه كتاب طلاق , وكأنها لتبرئتها من اي اقوال كاذبة عليها.

تريثوا ياشباب في إختيار الطرف الاخر ... إجعلوا من إختياركم هو من عند الله , وذلك عن طريق الصلاة والصوم أولا وبإستمرار. تأكد أو تأكدي أن الطرف الآخر مناسب لك في العمر وفي مستوي المعيشة والفكر والتعليم والثقافة . لا تتوهم أن الإعجاب من النظرة الأولي هو معيار نهائي للإختيار . نحن لا نريد أن تتكرر مآساة الكثيرين الذين مروا و يمرون في حالات التعسر في المعيشة , لا نريد ان نري حالات هروب زوجات أو تخلي ازواج عن مسئوليات بيوتهم لمجرد ان احدهما بخيل او له طباع شاذة أو نتيجة الملل والزهق من صعوبة المعيشة . الحياة المسيحية تعطي للرجل والمرأة حق التمهل والتريث قبل اتمام الزواج .

اخيرا لا تختاري او تختار كل من هو متطرف في جميع نواحي الحياة وخصوصا الدينية.... بل إسعي أو إسعين وراء الشخص الذي يكون مملوءا روحيا بحياة رب المجد . فالحياة الدينية ليست هي حياة الصرامة والقيد وراء الحرف ... أما الحياة الروحية فهي انطلاقة بحرية إلي أجواء الطبقة العليا مثل النسور ... عالم الحب ... عالم العطاء ... عالم التجديد ...  عالم القرب بين الإنسان وخالقه  ... عالم البعد عن الخطيئة  ... عالم القداسة والطهارة ... عالم الحب بين الجنسين إلي مــــــــدي الدهـــــــــور .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢٣ صوت عدد التعليقات: ٢٩ تعليق