بقلم: أنطوني ولسن
ثانيا: في أستراليا - 1
ذكريات.. العمر اللي فات، هي محطة استراحة فكرية، أنزل فيها من قطار الحاضر محاولا الاسترخاء والتجوال في شوارع وحدائق حياتي. اثناء تجوالي أحكي للقارئ حكاية من هنا او من هناك.. اربطها بحكاية اخرى او حكايات. وان اقتضي الأمر العودة الى قطار الحاضر..
سأفعل ذلك لاستمرارية التفاعل مع الحاضر الذي سيصبح يوما.. ذكريات.. العمر اللي فات.
دعونا الآن نكمل الحكاية..
قبل ان ابدأ ذكرياتي في أستراليا.. أو ان أعود إلى ذكرياتي في مصر فقد تذكرت لقاءات هامة قمت بها في زيارتي الأخيرة في مصر عام 1991.
لا شك انني في زيارتي تلك اصابني الإحباط وامتزج بالحزن على ما آلت إليه احوال مصر بعد عشرين عام من الهجرة، بدلا من التقدم والرفاهية للشعب المصري.. وجدت تخلفا وعناءاً لغالبية ابناء مصر المطحونين، وتغيرا مؤلما للشارع المصري والشخصية المصرية.. ومع ذلك وجدت نفسي مشدودا إلى أهل الفن في مصر وخاصة أنني كنت في جريدة «البيرق» محررا للشؤون المصرية والفن.. بل كنت أقدم برنامجا اذاعياً يحمل اسم «مع أهل الفن في المهجر» ويبث عبر اذاعة «صوت البيرق» والذي يشرف عليه رئيس تحرير جريدة «البيرق». ولا انسى وجود الزعيم عادل إمام معنا في سيدني وتقديمه مسريحة «الواد سيد الشغال» وطبيعي كنت اقوم بتغطية زيارته طوال الفترة التي شرفنا بها هو وفريق عمله..
كل هذا جعلني اجري اتصالات مع بعض من الفنانين والفنانات الذين شاهدت أعمالهم المسرحية التي كانت تعرض في ذلك الوقت.
شاهدت مسرحية العالمه باشا للفنانة القديرة سهير البابلي.. التقيت بها واتفقنا على إجراء لقاء معها.. كانت الفنانة سهير البابلي تأتي إلى المسرح اثناء عرض المسرحية وقبل ظهورها على خشبة المسرح بحوالى 25 دقيقة فقط.. تمر على المكتب وتطمئن على سير العمل، ثم تصعد الى غرفتها لتقوم بعمل «المكياج» لنفسها.. وكنت انتظرها في المكتب وأصعد معها وأبدأ في التسجيل والتصوير وهي مستمرة في عمل «المكياج» والإجابة.. في اول يوم فوجئت بها تطلب مني بعد فترة من التسجيل التوقف والعودة في اليوم الثاني.. توجهت الى كواليس المسرح وتبعتها.. دخلت إلى خشبة المسرح في اللحظة التي ستبدأ بهاتقديم دورها.. دقة غير عادية في تحديد وقت الظهور. لذا اخذني اللقاء عشرة ايام وانا كل يوم اذهب الى المسرح لإلتقاط الدقائق وتسجيل اللقاء الممتع الفني الغني.. وقد أتاح لي ذلك فرصة العودة بالذاكرة إلى تلك الأيام التي كنا نقدم فيها مسرحياتنا على خشبة المسرح في الخمسينات. وقد سمحت لي بالتصوير للمسرحية مما حدى بالفنان الراحل الفنان ابو بكر عزت ان يتجه وهو على خشبة المسرح الى من كان يقوم بالتصوير ويقول له.. وإنت كمان ممنوع.. واتذكر جيدا سرعة الفنانة القديرة سهير البابلي بالتوجه إليه وبطريقة فنية أخبرته انها سمحت لنا بذلك.
اللقاء الثاني كان مع الفنان القدير الاستاذ محمد صبحي.. إلتقيت به بعد الإنتهاء من مشاهدة مسرحيته "وجهة نظر" التي كانت تعرض في ذلك الوقت. تعارفنا واتفقنا على اجراء اللقاء معه في مكتبه. شخصية قوية.. فنان أصيل.. يجيب على الاسئلة بكل صراحة ووضوح.. تمنيت لو قام بزيارة لنا في سدني مع فرقته لتقديم احدى مسرحياته كما فعل الفنان القدير عادل إمام. لكن يبدو ان تجربة عادل امام في سدني لم تكن مشجعة للفنانين في مصر.
لقاء آخر تم مع الفنان هادي الجبار.. رأيته في الحسين.. تعرفت عليه.. تحدثت معه واتفقنا على اللقاء في نادي عين شمس.. وايضا كان لقاء ممتع وصريح.
بقي لقاء أخير مع الفنان لطفي لبيب.. طلب مني ناحوم شقيق زوجتي وزميل الدراسة ان التقي به فهو يعتبر تلميذه بالنسبة للمسرح والدراسة.. تم اللقاء وكان ثائراً غاضباً خاصة ان المناخ العام في مصر لم يكن صحيا من الناحية الدينية.. فقد اصبح التعصب واضحا في كل مناحي الحياة.. وصب جام غضبه.. ونقلته في لقاء جريء.
اكتفيت بتلك اللقاءات الفنية لضيق الوقت وضرورة الذهاب مع العائلة الى الأماكن السياحية والأثرية مثل اسوان ومعبد أبو سمبل والأقصر والاسكندرية.. وكنت أتمنى الذهاب الى قنا.. لكن المزاج لم يكن مشجعاً.
ومع ذلك تم الاتصال بسعادة السفير الاستاذ عادل صادق الذي كان يشغل منصب القنصل العام في سدني، وكنت قد اتفقت معه على ذلك اللقاء ونحن نودعه بعد إنتهاء مدة خدمته في أستراليا.
تم اللقاء في النادي السياسي بعد تناول طعام الغداء الذي أصرعليه سيادته.
كل تلك اللقاءات تم نشرها في جريدة «البيرق» اللبنانية التي كانت تصدر في أستراليا وكنت محرراً للشؤون المصرية والفن بها. وقد أرسلت نسخامن تلك اللقاءات مع احد المصريين في سدني اخبرني انه ذاهب لزيارة الأهل.
صدقوني لا اعرف ان كانت نسخ اللقاءات وصلت إلى من أجريت معهم تلك اللقاءات ام لا..
وبهذا نأتي إلى ختام الذكريات في مصر لنستكمل الذكريات في أستراليا.
بعد أن انتهينا من إجراءات الجمارك اصطحبطنا المضيفة الأرضية إلى الخارج حيث التقينا بالأخ الحبيب نبيل شاكر الذي قدمتنا له بأسمه بيتر نابل وهنا وضح كل شيء، الذي أرسل «التلغراف» هو الأخ نبيل شاكر الذي غير اسمه الى بيتر نبل.
توجهنا من المطار إلى بيته العامر. كانت السيدة الكريمة زوجته قد أعدت لنا طعام الفطور وتركت لزوجتي رسالة ترحب بنا ومعتذرة عن عدم تواجدها بسبب عملها.. أخبرتها ايضا في الرسالة ان تتصرف في المنزل وتعتبره منزلها.
ما ان استرحنا قليلاً حتى بدأ الأخ نبيل شاكر بإعطائي صورة عن الأوضاع في أستراليا طالبا مني ضرورة إيجاد عمل لي اولا ثم بعد ذلك كل شيء سهل.
توجهنا حوالى الساعة 11 صباحاً إلى مصنع سيارات جنرال موتورز. ملأت الطلب باللغة الانجليزية موضحا به كل شيء يتعلق بي وبمؤهلاتي وعملي.
نظر الموظف الى الطلب ثم توجه إلي قائلا باللغة العربية:
- ما كان يجب عليك ان تكتب كل هذا. انت تطلب وظيفة عامل.. ومع كل البيانات التي كتبتها.. اعتقد ان طلبك سيرفض.
- يا سيدي.. تركنا بلادنا من اجل الكذب والنفاق والرياء.. فهل تريدني ان افعل هنا ما لم افعله من قبل هناك؟!
- لا يا بني.. أريدك ان تجد عملا من أجل اولادك الثلاثة وخاصة انك تبحث عن اي عمل دون النظر إلى مؤهلاتك او عملك. على العموم هذه نصيحتي اليك، ان رفض طلبك هنا وذهبت إلى أي مكان آخر لطلب عمل مشابه ارجوك الا تجعلهم يعرفون انك رجل جامعي ولا تخاطبهم باللغة الانجليزية، تظاهر بالجهل.
شكرته على نصيحته.. وتوجهت إلى مكان ملحق بالمكتب حيث وجدت مقعدا جلست مسترخيا فقد كنت اضع فوق كتفي جاكت جلد مبطن بالفرو اشتريته من بيروت ظانا ان أستراليا سيكون الجو بها في ذلك الوقت باردا.. لكن كان على العكس دافئا مشمسا مع إرهاق السفر فاسترخيت في جلستي.. مر رجلان نظرا الي، التفت كل منهما إلى الآخر وقال احدهم باللهجة اللبنانية ما معناه انني لا اصلح للعمل. كدت ان انهض معاتبا.. لكني فضلت السكوت والانتظار.
عد فترة ذهبت لأستفسر عن الطلب فأخبرني الرجل الطيب بانه رفض.. شكرته وقبل ان امشي نظر إلي واعاد علي مؤكدا ما سبق ونصحني به.
توجهنا بعد ذلك الى مصنع للزجاج في نفس المنطقة.. تركت الحديث للأخ نبيل ولم اتدخل إلا عندما سمعت الرجل يتحدث عن العمل بالليل Night Shift ووجدت نفسي أجيب وبسرعة وباللغة الانجليزية رافضا العمل بالليل مما جعل الرجل يتعجب.. نظر إلي محدقاً ثم اشار الي بيده طالباً مني ان ادخل الى مكتب الـ Boss وأعود بعد ذلك لرؤيته.. كان من الطبيعي ان يقوم الأخ نبيل بالترجمة.
في الداخل نظر إلي الـ Boss ، وتفحصني من قمة رأسي حتى اخمص قدمي، ثم أشار الى أن اعود إلى الموظف وأقول له OK. كان ذلك يوم الأربعاء الخامس والعشرين من اغسطس/آب 1971 حوالى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، اي بعد حوالى 5 ساعات من هبوط الطائرة التي اقلتنا من بيروت في مطار سدني، واربع ساعات من خروجنا إلى المدينة بعد الانتهاء من الاجراءات الجمركية الطويلة المملة.
التحقت بالعمل في مصنع الزجاج في نفس يوم وصولنا.. لكن بدأت العمل بالفعل يوم الأثنين 30 أغسطس/آب 1971. قضينا الثلاثة ايام الأولى في حي ستراثفيلد. ويبدو ان السكان كانوا قد وضعوا اولادي تحت المجهر، يرصدون تحركاتهم وينصتون إلى اصواتهم. ونحمد الله انه لم تصدر منهم ما يسبب للجيران أي قلق او ضيق وثبت ذلك بتهنئتهم لزوجتي على تربيتها لأولادها الذين على الرغم من انهم بنتان وولد، إلا انهم كانوا في غاية الأدب وفي منتهى الهدوء.
انتقلنا يوم السبت 28 أغسطس/آب 1971 إلى حي ماركفيل في منزل يقع في 45Pite St في حي ماركفيل. صاحب المنزل رجل يوناني اسمه جورج وزوجته سيا وابنهما كون يسكن وعائلته في المبنى الخلفي للمنزل. وسكنا نحن في المنزل نفسه المطل على الشارع. المنزل مكون من غرفتين وصالة وحمام. اتذكر ان ايجار المنزل مفروشا في الاسبوع 26 دولاراً. كان صاحب المنزل جدورج يعطي لكل واحد من اولادي دولارين كمصروف لهم.. بل كانت زوجته تقوم بتوصيلهم إلى المدرسة.. والزوج كان يساعد زوجتي في البحث عن عمل.. بل اكثر من هذا اصر على مشاركته المنزل عندما يشتري منزلا اخرا بمحل تجاري ونعيش جمعيا في بيت واحد ونعمل في عمل واحد.. شعور لم اجده بين من هم المفروض فيهم انهم اخوة واخوات في الغربة، ومع ذلك رفضت العرض فانا والعمل التجاري لا توافق بيننا لتفضيلي الوظيفة، حتى لو كانت وظيفة عامل في مصنع للزجاج. بل اتذكر ان اخوة سيا عرضوا علي ان اعمل معهم بعد انتهاء عملي في المصنع في بيع وشراء المنازل.. فأنا كما قالوا لي اتحدث الانجليزية واستطيع التحدث مع الناس سواء من يبيعون او يشترون. وايضاً اعتذرت لان هجرتي لم تكن للعمل الحر كما سأوضح بعد ذلك في ذكرياتي في أستراليا.
كان علي ان اذهب الى العمل مستقلا القطار من محطة دالويش هيل واهبط عند محطة رادفرن لاستقل «الباص» الى حي واترلوو حيث يوجد المصنع.
في صباح يوم الاثنين 30 أغسطس/آب 1971 خرجت من المنزل واتجهت ناحية اليسار في شارع بايل وسرت حتى التقي بشارع واردل فاتجهت الى اليسار.. سرت في الشارع حتى عبرت ماركفيل روود وواصلت السير الى محطة القطار وكما وصفوا لي الطريق فعلت ووصلت الى المصنع بخير وسلام واستلمت اول عمل لي في سدني/أستراليا عاملا بمخازن كراون جلاس فاكتوري .. المخزن الذي عملت به كان كبيراً جداً.. وكانت البضاعة فوق رفوف يصل ارتفاعها إلى ما يقرب الـ 5 امتار، وكل انواع الزجاج موضوعة بأرقام مما ساعدني على معرفة محتويات المخزن وفي خلال 3 ايام من التدريب كنت قد عرفت اماكن الزجاج المختلفة الموجودة بالمخزن عن ظهر قلب.
اعود الى عودتي في اول يوم عمل لي. طريق العودة سهل مثل الذهاب. وصلت الىمحطة قطار دالويتش هيل، خرجت من المحطة وكما تقول الأغنية (وضاع من قدمي الطريق).. لم اعرف إلى اي اتجاه اتجه. هل إلى اليسار ام الى اليمين؟ اتجهت ناحية اليمين وسرت عدة امتار. لكن شيئاً في داخلي يؤكد انني اسير في الطريق الخطأ. رجعت إلى حيث بدأت السير. عبرت الطريق وسرت ايضا قليلا ناحية اليمين.. لكني عدت ادراجي، امام مدخل المحطة وقفت حائرا.. اشعلت سيجارة واخذت ادخنها في استرخاءتام وهدوء دون عصبية الخوف من الضياع مقتنعا بصدق تحرك قدماي الى الاتجاه الصحيح. بالفعل بعد تدخين السيجارة هممت بالسير متجها ناحية اليسار.. استمريت في السير الى ان وصلت الى دير ومدرسة على الجانب الآخر من الطريق.. تأكدت انني اسير في الاتجاه الصحيح، فقد عبرت امامهما عندما توجهت في الصباح الى محطة قطار داليويتش هيل.
كان جل همي في المصنع ان اثبت لنفسي قبل اي انسان آخر انني ساستطيع العمل في المصنع. بل سأستمر في العمل في المصنع في نفس الوقت سأبحث عن عمل كمدرس. لأن ذلك كان من اكبر احلامي منذ فكرت في الهجرة إلى أستراليا، لأن هذه المهنة مهنة رسولية، ووجدت في استراليا الأمل الذي لم استطع تحقيقه بصفة كاملة كمتفرغ للتدريس في مصر، الذي كنت اقوم به كمدرس خصوصي بعد انتهاء العمل اليومي بوزارة الداخلية.
اعود إلى اول ما شد انتباهي في سدني ونحن في طريقنا إلى بيت الأخ نبيل، كان سير المرور على جهة اليسار، وايضا عجلة قيادة السيارة جهة اليمين.. تماما عكس مصر ولبنان وطبيعي بلاد كثيرة اخرى.. وايضا مما لا شك فيه لا بد ان انجلترا وبعض الدول التي تتبع الكومنولث لها نفس النظام الذي تسير عليه أستراليا. وقد سبب لناهذا النظام الكثير من المتاعب خاصة عند عبور الطريق، لأننا تعودنا على النظر جهة الشمال ثم اليمين. ولأول مرة ايضا شاهدنا «الباصات» ذات الطابقين.
زد على ذلك نظام المنازل، إنه مختلف اختلافاً كلياً عن نظام المنازل في مصر، سواء في المدن او الريف المصري. في المدن نظام العمارات ذات الطوابق.. يختلف ارتفاع الطابق عن الآخر وعدد الطوابق وعدد الشقق المكون منها كل طابق. وللمنازل في مصر مهما اختلف عدد طوابق المنزل إلا ان قمة المنزل تكون مسطحة لذا اطلق عليها (السطوح) ويستخدم السطوح اما لتربية الدواجن والطيور، وإما لاضافة غرف لبواب العمار او الفقير.
اما في أستراليا كما قالت زوجتي عنها رأت منظر سدني من الطائرة .. انا حلمت بكل المناظر دي.. الخضرة والمنازل الصغيرة الحلوة.. وبالفعل كان منظر المنازل يدعو إلى الاعجاب ويدل على رفاهية، لأنه من الواضح يسكن كل منزل عائلة واحدة، ولكل منزل حديقة امامه واخرى اكبر حجما خلفه ، ولا سطوح فوق المنازل لأنها في ذلك الوقت عام 1971، كانت مكونة من طابق واحد. اما العمارات فكانت وما زالت مكونة من عدة طوابق وتختلف بالطبع في عدد «الشقق» في كل طابق، لكن أيضا في آخرها (العمارات) نجد القرميد الخاص والمبني بطريقة تسمح للمطر بالانزلاق في المصارف الخاصة لذلك.
استمر العمل في المصنع في هدوء وأثبت وجودي بجدية وهمة نشاط ولا اخفى عليكم انه كانت تمر علي فترات كان الدمع يقفز من جفوني وانا ادفع بالـ Skate امامي، لأنني لم اقبل سحبها لأن الحيوان هو الذي يسحب
(يجر)، وأنا انسان آدمي عليّ ان ادفع قدري ونصيبي في الحياة بنفسي.
وإلى لقاء آخر.. مع ذكريات.. العمر اللي فات، في أستراليا. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|