CET 15:41:12 - 07/08/2010

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي- لوس أنجلوس
 ليس لي مصلحة شخصية في كتابة هذا المقال، لم أرتكب خطأ أحاول الدفاع عنه ولا أحس بذنب أسعى لتبريره؛ فأنا شخصيـًا لم أبدِ برأي -سواء كان شفويـًا أو مكتوبـًا- في قصة السيدة "كامليا شحاتة"، يخالف ما ظهر منها حتى الآن ويلزمني بالإعتذار، ولكني في هذا المقال أبدي رأيـًا موضوعيـًا عامـًا.

 وليس غرض هذا المقال الإيحاء بأنني راضٍ بما يشاع من تطورات قصة اختفاء السيدة "كاميليا"، وفي تصوري أن هذه الشائعات -إن صدقت- قد تصيب القضية القبطية بنكسة على المدى الطويل، ولذلك أتمنى أن لا تتوانى الرئاسة الكنسية عن مصارحة الرأي العام بحقيقة ما حدث، وأن لا تترك الجماهير فريسة للشائعات المتناقضة التي تجد لها مرتعـًا خصبـًا في ظل مناخ التعتيم، فيجب التحقيق الدقيق في الموضوع كله، ومع التحقيق يجب المجازاة الكنسية العادلة والحازمة للأطراف الذين يثبت تورطهم.

ويجب أن تُتخذ كل الإجراءات التي تضمن عدم تكرار أي أخطاء أُرتكبت عمدًا أو أي تصرفات نتجت عن سوء في التقدير؛ فالأمر يتعلق بمصداقيتنا، التي هي عنصر هام لإقناع الناس بصدق قضيتنا، والثقة بما نقوله بالنسبة لمئات الحالات الأخرى الحقيقية التي تحمل كل منها قصة مآساة إنسانية أليمة.

 وكانت السيدة "كامليا شحاتة" -زوجة القس "تدّاوس سمعان"- قد تغيبت عن منزلها، وحدث اعتقاد أنها قد أُختطفت، وذهبت الجماهير الغاضبة إلى القاهرة للقيام بمظاهرة يطالبون فيها الدولة بالبحث عن السيدة الغائبة وإرجاعها إلى أسرتها، وبعد خمسة أيام من اختفائها أعلن الأمن أنه تم العثور عليها وأُعيدت إلى أهلها.

 بعد ذلك أشاعت بعض وسائل الإعلام المصرية أن السيدة "كامليا" تركت منزلها بإرادتها الحرة وليس نتيجة اختطاف، ونتيجة لذلك ابتدأنا نرى الكثير من المتربصين يوجهون للمسيحيين اللوم على التسرع باتهام الأمن بالتقاعس أو الظن بتورط بعض المسلمين في عملية الخطف، وبالتالي ذهب بعضهم إلى اعتبار أن هذا دليل على كذب كل مزاعم المسيحيين عن خطف الفتيات القبطيات بصفة عامة.

 ووجد أحد المحامين المعروف بتعصبه؛ وهو "نبيه الوحش" فرصته في استغلال الموقف ليعبر عن حقده الأسود؛ فأرسل إنذارًا على يد محضر لقداسة البابا يطالبه بالاعتذار للدولة وللمسلمين عن اتهام خطف السيدة "كامليا"، وينذره بأنه إن لم يستجب لمطالبه خلال أسبوع، فسوف يضطر إلى الالتجاء للقضاء، ويبدو أن الرجل مدمن توجيه إنذارات لقداسة البابا.

فما زال عالقـًا بالذهن إنذاره على يد محضر لقداسة البابا لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية الخاص بإلزام الكنيسة بزواج المطلقين، وهو الحكم الذي لغته المحكة الدستورية العليا، وما زلنا نذكر للرجل مواقفه التي تفتقر الى الأخلاق والذوق العام عندما رفع الحذاء على المستشار "نجيب جبرائيل" في قاعة المحكمة وفي حضور القاضي، وبالمناسبة.. لم ير سيادته الخشبة في عينه قبل أن يرى القذى في عيون الآخرين ويعتذر عن هذا الفعل المشين.

 وأنا أقول للسيد "الوحش" -ولكل وحش يطالب بنفس هذا المطلب: آسف.. طلبكم مرفوض مرفوض مرفوض لأسباب كثيرة، لا يتسع المجال لسردها كلها، ولكن أورد هنا بعضها:

١- قصة السيدة "كامليا" هي حالة واحدة قائمة بذاتها من مئات الحالات الأخرى، وهي ليست قضية كل المسيحيين ضد كل المسلمين، ولذلك مطالبة قداسة البابا أن يعتذر لكل المسلمين باسم كل المسيحيين عن كل الحالات لا معنى له، كما أن قصة السيدة "كامليا" لم تتضح ولم تحسم بشكل قاطع، والحقائق بشأنها ما تزال غامضة إلا من بعض الشائعات والتخمينات.

٢- على افتراض أن الطرف المتهم بالخطف ثبت أنه كان بريئـًا في هذه المرة، ولكنه سبق تورطه من قبل، وهو لا يمكنه الإدعاء بأنه ملاك هبط من السماء أو قديس يتمشى على الأرض أو ولي من أولياء الله الصالحين قد أسيىء إلى سمعته، وهو وإن كان بريئـًا في حادثة واحدة؛ فهذا لا يغيّر من حقيقة ضلوعه في الكثير من الحوادث في الماضي، واستمراره في نفس السلوك في الحاضر، ولا يوجد ما يبشر أنه سوف يتوقف عن نفس السلوك في المستقبل؛ إنه مخطط مُحكم ومُستمر يُنفذ تحت سمع وبصر أجهزة الأمن وربما بمباركتها.

٣- اعتقاد الجماهير أن السيدة "كاميليا" قد أُختطفت كان يتمشى مع العقل والمنطق السليم؛ بحسب المعطيات المتوافرة في ذلك الوقت، فلو أن بيتـًا قد سُرق مائة مرة وفي كل مرة كان يثبت إدانة شخص بالذات، ثم يُسرق ذلك البيت للمرة الواحد بعد المائة؛ فإذا لم يتجه التفكير بالاشتباه إلى مَن سرق البيت في المائة مرة على أنه هو الذي سرقه في المرة الأخيرة؛ فإنه يكون هناك خلل في التفكير.

٤- في ضوء حقيقة أن هناك محاولات سابقة للإيقاع بزوجات الكهنة رغبة في تحطيم الروح المعنوية للأقباط وتحقيرهم وإذلالهم بخطف أمهاتهم الروحية؛ فإنه من المنطق أن يتجه الفكر إلى افتراض أن غياب زوجة الكاهن في هذه المرة هي حالة خطف، وحالة السيدة "وفاء قسطنطين" خير مثال على استهداف زوجات الكهنة.

٥- وفي ضوء معرفة أن هناك زميل مسلم للسيدة "كامليا" كان يطاردها ويحاول التأثير عليها، وسبق أن شكت السيدة "كاميليا" من مضايقاته، وقبيل اختفائها سجل تليفونها المحمول استقبال بعض المكالمات منه، يؤكد بأن الاحتمال الأكبر هو محاولة خطفها.

 ولذلك أقول لكل مَن يطالب المسيحيين بالاعتذار أن يأتي إلينا أولاً بأيدٍ نظيفة ونية صادقة راغبة في علاج هذه القضية، وسيجدنا مستعدون أن نسمع منه.

 أرجعوا مئات الفتيات -وبعضهن قصّر- إلى أسرهن، وتوقفوا عن هذه السياسة في المستقبل، وبعدها يحق لكم المطالبة بالاعتذار.

 وفيما عدا ذلك فلا أظن أن الأقباط يدينون لكم بالاعتذار؛ الاعتذار يُقدم من الطرف المذنب للطرف البرئ اعترافـًا بالذنب، والأقباط لم يذنبوا في حق أحد، على العكس.. فقد كانوا دائمـًا الضحية بينما الجاني مستمر في مخططه.
 فهل يحق للجاني أن يطالب الضحية بالاعتذار؟

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٥ صوت عدد التعليقات: ١٦ تعليق