بقلم: خلف الحربي |
وماهي إلا غضبة مضرية... حتى هجمت الدول العربية هجمة رجل واحد على الـ'بلاك بيري' فإما أن تطل أجهزة الأمن برؤوسها على ممرات وشوارع هذه التقنية الجديدة، وإلا فالمنع وقطع الخدمة وإلغاء العقود، فنحن أناس لا توسط عندنا والتكنولوجيا تزعجنا وتقلقنا وتسبب لنا حكة في الظهر ومرارة في الحلق ما لم نتمكن من السيطرة عليها وزرع العيون بين أسلاكها الدقيقة! هل نخشى على أخلاق شبابنا 'الأبرياء' من تأثير المواقع الإباحية التي قد يدخلونها بالصدفة فتحمر وجناتهم خجلاً؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا نسمح إذن ببيع بطاقات القنوات المشفرة التي تقدم الفنون الإباحية بمختلف اللغات مع الحرص على كتابة دعوات الصداقة بلغة الضاد باعتبارنا أصدقاء صدوقين في مثل هذه المسائل؟! نعم... سينتصر العرب في معركة الـ'بي بي' الخالدة، فشركات الاتصالات ستخسر عقوداً بالمليارات (في السعودية وحدها 800 ألف مشترك في هذه الخدمة)، أما المستهلكون العرب، فإن آخر ما يعنيهم هو الحديث عن سرية الاتصال والتراسل الذي يعد بنداً أساسياً من حقوق الإنسان، فقد اعتادوا المراقبةَ منذ الطفولة وليس لديهم أي شيء يخفونه، وكلهم أمل أن توافق الشركة المنتجة على شروط الحكومات العربية كي يعودوا إلى إرسال النكات وقصائد الغزل، وهكذا ستجد الشركة المنتجة نفسها تدافع عن قضية لا يؤمن بها أحد، وأنها ستخسر أموالاً طائلة دون مبرر في الوقت الذي يمكن أن تحقق فيه أرباحاً إضافية من استحداث تقنية خاصة للمراقبة فتقرر أن 'تأخذنا على قد عقلنا'، وهذا ما نريده بالضبط! المشكلة الكبرى أن التقنية اليوم تتطور بسرعة عجيبة وتكنولوجيا الاتصالات لا تتوقف عن تحقيق قفزات هائلة لا يمكن تخيلها، ولن يكون غريباً أبداً لو ظهرت خلال السنوات المقبلة شبكات اتصال كونية كثيرة لا يمكن السيطرة عليها ولا يمكن تسخير ملايين الموظفين لمراقبتها، كما أن التنظيمات الإرهابية وشبكات التجسس لن تعدم الوسيلة في إنتاج وسائل اتصال وشفرات سرية للتواصل دون الحاجة إلى مثل هذه التقنيات المراقبة أمنياً، تماماً مثلما فعلت نادية الجندي في أحد أفلامها التجارية حين كانت تردد داخل تل أبيب الشفرة التي عجز خبراء الموساد الإسرائيلي عن كشفها: 'خالتي بتسلم عليك'! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |