CET 00:00:00 - 10/08/2010

مساحة رأي

 بقلم:نصر القوصى
 فى الجزء الأول من الأسس العلمية لتطوير المدن التراثية أوضحنا
 رؤى  علماء التراث حول تطوير  المدن التراثية   والذى أكدوا فيه  ضرورة  المحافظة على الطابع الخاص بهذه المدن  وفى  الجزء الثانى 
 نؤكد  تعارض   هذه الرؤية مع ما يحدث  فى أشهر مدينة  تراثية وآثرية فى العالم  
وها هى الأقصر يتبدل أمر تطويرها الى مسائل أخرى أكثرها غامض ومثير للشكوك وكأن المدينة قد أصبحت ذبيحة مسقولة  الدماء وأضحت لحومها نهشا رخيصا للجميع

ولنطرح قضايا الأقصر دونما  أفتراء على ما تحقق لها من مظاهر التطوير  يقف على رأس هذه الموضوعات ما تم أتخاذه  من قرارات نزع لأكثر من ألف فدان من أجود أراضى  الأقصر الزراعية  وهى التى  نعتبر الأقتراب  من شبر واحد منها مسألة  حياة أو موت  فالجميع فى الأجهزة التنفيذية  والتشريعية  قد أتفقت  كلمتهم على عدم الأقتراب  من نزع أراضى زراعية لأى غرض من أغراض التنمية  ولكن الأمر فى الأقصر مختلف

فالذى لا شك فيه أن وضع البواخر السياحية على شاطىء نيل الأقصر قد أصبح أمرا مقلقل حيث  تراصت  البواخر السياحية  لتخلق حالة من الأضطرابات بالأضافة  الى الأضرار بالبيئة  لما تلفظه هذه البواخر من جوفها فى أعماق النيل من مخالفات تضر بصحة الأنسان وتقضى على الثروة السمكية علاوة على أخطار الحرائق والتى تعجز أجهزة الأطفاء والدفاع  المدنى عن مواجهتها

وأصبح الأمر يستوجب دراسة أنشاء مرسى جديد تنتقل اليه هذه الوحدات النهرية ولكن بدلا من البحث عن الموقع المناسب بادر المسئولون الى الحل السريع والذى  يحقق أهدافا خاصة قبل الأهداف العامة  وبادروا بأصدار قرار ينزع ملكية 500 فدان أرض زراعية بساحل قرية المريس  وما يترتب  عليه من تدمير 300 منزل يقطنها أبناء القرية  وهم يؤكدون  أن أرضهم مثل عرضهم  فبدلا من  البحث عن موقع لا يسبب خسائر أستسهل مسئولى الأقصر ولكن هذا الأمر  واجهه أهالى  القرية  بقوة   وعندما فقدوا الأمل فى الأستماع الى شكواهم رفعوا قضية أمام القضاء الأدارى بقنا مطالبين  بالغاء قرار نزع أملاكهم وقد نجحوا فى ذلك

ويتكرر أمر نزع الأراضى  فى موقع آخر شرق السكه الحديد بالأقصر حيث صدر قرار نزع 580 فدان أرض زراعية بأحواض الخمسين والحدود  بهدف أنشاء منازل  لأهالى الكرنك حيث تقرر أخلائهم من نجوعهم لتحقيق بانوراما  المتحف المفتوح لمعبد  الكرنك والحقيقة  تشير  الى أن الأمر أذا أصبح  لازما لتهجير  أهالى  الكرنك  فأن دراسة  هامة لهيئة الأنماء العمرانى  التابعة للأمم  المتحدة  والتى  تواجدت بالأقصر خلال الفترة الماضية  أشارت الى أن مستقبل  الأسكان  الجديد للمدينة يكمن فى الظهير الصحراوى  الشرقى وهو الموقع المناسب لأنشاء الأقصر الجديد فلماذا يتنكر المسئولون لهذا المخطط العالمى  وهم  الذين  يلوحون بعناصره ليل ونهار ويؤكدون حرصهم البالغ على الأهتداء  بعناصر  برامجه فبدلا من الأتجاه الى الظهير  الصحراوى الشرقى  والذى يخلو من أى مشاكل لتنفيذ  برامج الأعمار فيه  نرى العجب فى الأصرار على نزع أراضى زراعية  وهى التى تمثل  قضية أمن قومى فى مجال  الزراعة  علاوة على زراعة  واقع سكنى  جديد على هذه  المساحة  الزراعية  شرق الأقصر سيحدث  أنفجارا سكانيا  لضيق  المساحة  الكلية  بالمنطقة بالأضافة  الى ضعف المرافق فى مجال الصرف الصحى ومياه الشرب والكهرباء  مما سيترتب  عليه  مجموعه  من المشكلات  قد يصعب  فى القريب المنظور  مواجهتها أو أيجاد الحلول المناسبة  لها ويومها سنبكى على اللبن المسكوب

أما الموضوع الآخر الذى  بلغت شرارات نيرانه عنان السماء فقصر ثقافة الأقصر  يحتل موقعا فريدا  على النيل وبلغ مساحته  حوالى 4 ألاف  متر وتعتبر هذه المنشأة الثقافية  قلعة من قلاع الفكر والثقافة  فى جنوب  مصر  وتشمل  عناصره الرئيسية  مكتبة عامة تبلغ  محتوياتها أكثر من 70  ألف مجلد  ومرجع  ومؤلف  وقاعة مسرح شتوى  مدعمه بأحدث  المعدات  الفنية  وطاقته 1500 مقعد ومسرح صيفى مضافا  اليه  سينما  تعرض  أروع وأحدث  الأنتاج  المحلى والعالمى ومرسم فنى يتردد  عليه الفنانون من داخل وخارج الجمهورية  بالأضافة  الى مكتبة طفل حديثة  وتزداد شهرة  قصر ثقافة  الأقصر بفرقة الفنون  الشعبية  ذات  التاريخ  باعتبارها من أقدم الفرق العاملة  فى مجال الفنون الشعبية  ليس على مستوى الجمهورية  فقط بل أحتلت  هذه الفرقة  بروعة عروضها مساحة  عالمية  بفضل ما تقدمه على  مسارح الدول  المختلفة  ويعمل بقصر  ثقافة الأقصر حوالى 300 موظف وفنى وعامل فما الذى  حدث بسرعة غريبة وبقرار مفأجىء  يتقرر أزالة  هذا القصر الرائع  والذى شارك فى أنشائه عباقرة العلوم الهندسية تحت دعوى أن مساحة أرض خصصة للأستثمار وكلها أهداف يجب أن تاخذ  أولوية  مطلقة  ولتتراجع قضايا الثقافة  والفن والتنوير  الى الخطوط الخلفية ويزيد الأمر غرابة أن قرار الأزالة  قد شمل هدم المرحلة الثالثة  من مرافق قصر ثقافة  الأقصر  والذى قاربت شركة المقاولون  العرب على تشطيبه  ويبلغ حجم ما أنفق عليه حوالى  15 مليون جنية  وهو مدعم بكافة المرافق الثقافية  الحديثة  وقاعات الترجمة الفورية  وورش العمل الثقافية  والفنية  والمبنى  مكيف مركزيا

 فمن هذا المسئول الذى سمح بذلك  ولصالح من تدمر هذه الثروة  العقارية  والتى  يتجاوز حجم قيمتها أكثر من 100 مليون جنية

أليس فى هذا أهدار للمال العام فى أبشع صوره  وأشكاله ولمواجهة  حالة الغليان يزف الدكتور سمير فرج  محافظ الأقصر بشرى لمواطن الأقصر  وهو صدور قرار السيدر رئيس الوزراء بأعتماد مبلغ  18 مليون  جنية لأنشاء قصر ثقافة بديل  على مساحة 4 ألاف متر  وهو الأمر الذى يصعب على الرواد سهولة الأنتقال أليه

 وعندما تم طرح أمكانية الأنتظار بتأجيل هدم القصر لحين الأنتهاء من أنشاء القصر  الجديد عندها كانت المفأجاة  وأنكشفت  أبعاد المؤامرة  وهو أن صاحب الأستثمار الوافد والذى ربما تكون قد ألت أليه ملكية  الأرض لا يتحمل فترة الأنتظار

 ثم كانت الداهية الآخرى فبدعوى تنفيذ برنامج المتحف المفتوح تقرر توسيع مدخل ساحة معبد الكرنك حتى تتمكن رؤية السائح من أستيعاب  البانوراما والتى  ستفضى الى معبد سيد الآلهة وكانت المفأجاة  أنه تقرر الأستيلاء  على أستاد مركز شباب الكرنك  المجاور  لساحة  المعبد  وضرورة ضم ملعب كرة االقدم  بمدرجاته الى مساحة  الفناء  الجديد للمعبد  وأستنجد الشباب فى حينه  بكافة المسئولين  ولكن هيهات لقد أستعمت أذا ناديت  حيا   وكانت المفأجاة الأولى أن أستاد الأقصر الرياضى  يجرى  على أرضه حاليا أقامة  مبنى خرسانى بارتفاع  ثلاثة  طوابق أيضا  بيهدف أقامة مطعم وبازارات وملاهى  ومرافق سياحية  لأنها  كلها تتمحور  حول أهداف  خطة  ( الماستر بلان )  فلماذا كان هدم أدارة مبنى الصوت والضوء وأستاد الأقصر الرياضى  وعمارات سكنية تحمل محافظة الأقصر تعويض ملاكها ألم يتم كل ذلك بحجة توسيع مساحة  فناء معبد الكرنك من الناحية الشرقية فكيف أنقلبت  الآية الآن لتنهض فى مواجهة  المعبد  كتلة  أسمنتية  حجبت الرؤية التى كانت مستهدفة  أن البازارات ثم البازارات هى الهدف لأنه  يقف وراء تمويلها حيتان تبتلع المحيطات

 وليت الأمر وقف عند هذا الحد فقد أمتد سرطان التدمير ليقضى على البقية الباقية  من مبانى مركز شباب الكرنك  وتتمثل  فى مسجد المركز نزل  الشباب المكون من أربع طوابق وبلغت  تكاليف أنشائه 4 مليون جنية  مركز كمبيوتر وحاسب آلى لتدريب أبناء  المنطقة صالة أفراح لعموم البسطاء  نظير أجر زهيد  مبنى أدارى  يعمل  به أكثر  من 150 موظف وملعب ثلاثى  الغرض   كل هذا تقرر أزالته  بين يوم  وليلة  وبصورة  مريبة ومفاجئة  وعندما  أستوضح  أعضاء مجلس أدارة المركز محافظ الأقصر عن المكان المناسب  لنقل  عهدة المركز أليه  تبين أنه قد خصصت مساحة  أسفل  مدرجات نادى  المدينة المنورة  لهذا الغرض والمستهجن هو أن ينتقل شباب منطقة الكرنك الى  الأقصر شمال المدينة ليمارسوا أنشطتهم أسفل مدرجات نادى المدينة المنورة والذى  يقع فى الطرف الجنوبى من المدينة

كل هذا تدو ر أحداثة المؤسفة  والمحزنه على أرض الأقصر فالأرض تنزع ملكيتها بقرار من رئيس الوزراء وقصر ثقافة  الأقصر تم هدمه  وأزالة  مرافقه بموافقة   وزير  الثقافة  وهدم وأزالة  قلاع الشباب بصدور  قرار من دكتور صفى  خربوش  والمهندس  حسن صقر

ويظل محافظ الأقصر   متربعا على عرش السيادة فيها  بعدما   آصم أذنيه عن سماع أى شكاوى أو آهات حول هذه الموضوعات  تنكر الأخرى لها أيضا نائبا  الدائرة حيث لا يعيرون شأن الأقصر أى أهتمام   أما المفأجاة الأخرى ما  قام  به الدكتور سمير فرج  محافظ الأقصر   بزرع  ما يقرب من 200 فرع شجرة على رؤوس  الطرق فى جوانب المدينة

وجميعنا   نتندر لهذا   التصرف  الغريب والذى يحاول  فيه الدكتور سمير فرج الضحك  به  على عقولنا  فأين كان هذا الأيمان بالبيئة  وحقوقها  يوم أمتدت يد الهدم وا لتدمر لأروع حديقتين بالأقصر الأولى حديقة ميدان العارف بالله سيدى أبوالحجاج والتى تبلغ  مساحتها حوالى  10 أفدنة وهى التى كانت ملاذا للأقصريين  يلتمسون الظل تحت أشجارها اليانعه ويحتمى الوافدون  للزياره باركانها من لفح الظهيرة والثانية  حديقة  الخالدين والتى كانت تبلغ مساحتها خمسة أفدنة وتنهض بداخلها أشجار الزينة ذات الشهرة التاريخية  وهى  التى تهاوت  رموزها الخضراء  تحت معاول  الأبادة  بحث  عن  شواهد آثرية  لطريق الكباش  المزعوم  وأصبحت حديقة  الخالدين خرابة تتسل اليها الحيوانات الضالة  ويأوى اليها الشواذ وأصحاب  الكيف والمخمورين  مستغلين ظلمتها وحفائرها ليمارسوا كل ما يحلو لهم من  فضائح

 فهل أستيقظ ضمير الدكتور سمير فرج فجأة  ليغرس الأشجار أنه بكاء على اللبن المسكوب

  والتاريخ لن يرحم كل من أمتدت يده الى الأقصر بالدمار والخراب وهذه  بداية الخراب القادم بأسم طريق الكباش

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق