CET 00:00:00 - 10/08/2010

مساحة رأي

بقلم : هيام فاروق
جاءتنى دعوة لحضور مؤتمر عنوانه ( إدعموا حق الأقباط فى الطلاق ) ، و فى نفس الوقت قرأت فى جريدة اليوم السابع كلمة مختصرة لجناب القمص / صليب متى ساويرس .. يحذر فيها من حضور هذا المؤتمر نظرا لأنه يحوى مجموعة أشخاص معادين للكنيسة و يحوى أفكارا مخالفة للعقيدة . ولا أعلم كيف صرح قدسه بهذا قبل إنعقاد المؤتمر و سماع محتواه . ما علينا .

الحق يقال ما كنت أنوى لحضور هذا المؤتمر نظرا لقناعتى الشخصية بطاعة نص الكتاب المقدس فى عدم إيجاز الطلاق .. و لكن بعد التفكير قادنى فكرى إلى أن حضور مثل هذا المؤتمر قد يتيح أمامى فرصة الخوض فى معاناة و مشاعر هذه الفئة من أصحاب القضايا و خصوصا أنها فئة ليست بقليلة و إن كان تصريح نيافة الحبر الجليل الأنبا بولا بأن عددهم لا يتجاوز الـ 4000 متقاضى ، إلا إنى أرى أن هؤلاء الـ4000 يتبعونهم أطفالا و زوجات أو أزواج و بهذا يصبح عددهم أضعافا مضاعفة إن صح التعبير .
إذن فلماذا لم نسمعهم ؟ لماذا نتركهم هكذا خصوصا و أن القائمين على تنسيق هذا المؤتمر متمسكين بالكنيسة و الوجود فيها و يملاؤن الدنيا صراخا و أنينا رغم أن السُبل واسعة و الطرق الأخرى متاحة للتخلص من كل معاناتهم بلا صراخ و لا ضجيج .. و أعيد و أكرر هم متمسكون بالكنيسة بكل قواهم فكيف نطلق عليهم معادون للكنيسة !!!!!! .. أما من جهة أنهم يحملون أفكارا مخالفة للعقيدة .. فلنا الحق أن نسمع هذه الأفكار و لهم الحق أن يتكلموا فهم أصحاب قضية لا يُستهان بها  .. ليست قضية كنيسة و زواج كنسى فقط بل هى قضية مجتمع و أسرة يجب الحفاظ عليها على إعتبار أنها نواة المجتمع .. و خصوصا أننا نملك العديد من الآباء المحنكين فى الخدمة و أيضا العديد من كبار مستشارينا النفسيين و الحقوقيين .. و فى نفس الوقت على حد تعبير نيافة الأنبا بولا أنهم فئة محدودة العدد رغم أنى أرى الآلاف و الآلاف على سلم الأسقفية يوميا أمام المجلس الإكليريكى و لكن طالما هكذا إذن فالمعادلة محسومة .

كان المؤتمر يحوى أشخاصا قانونيين و حقوقيين و مستشارين نفسيين و جناب القس / رفعت فكرى لتوضيح الجانب الروحى . و تم تفنيد بنود اللائحة المقدمة من الكنيسة لقانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين و أوضح أحد المحامين أن بعض بنود اللائحة مخالفة للدستور و ليست فى مصلحة المتقاضى القبطى .
أما من الناحية النفسية فقد أوضح أحد الأخصائيين النفسيين أننا فى مجتمع يدعى الإهتمام بالطفل و صحته النفسية و الجسدية و العلمية فكيف لمجتمع مثل هذا ينشأ فيه الطفل فى أسرة مشحونة بخلافات و مخالفات لفظية قد تلوث سمعه و تلوث مستقبله بالكامل بتصرفات مشينة من تبعات ما يشاهده و ما يلقاه من جو مكدر دائما بين أم و أب لا يدركان مسئوليتهما و رعايتهما لأبناء يجب أن يشبوا أسوياء فى مجتمع يحتاج إلى تصحيح مسار و تنوير و تطوير .

ثم تكلم جناب القس / رفعت فكرى عن قدسية الزواج ، و أوضح سيادته رفضه الشخصى لفكرة الطلاق على الإطلاق ، و يجب أن يتعلم الطرفان التسامح و المغفرة و التعايش و التكيف مع الآخر لإكتمال الجو الأسرى المنشود . كما أشار إلى الآية القائلة ( من جمعه الله لا يفرقه إنسان ) موضحا أنه ليس كل جمع بين طرفين فى الزواج ننسبه إلى الله .. فربما جمعتهما خطية ، أو ظروف معينة أجبرتهما على الإرتباط عنوة .

و فى النهاية أوضح سيادته إلى ضرورة وسطية الفكر بحيث يتم الزواج مدنيا تحت مباركة الكنيسة و صلواتها للعروسين فى ظل قناعتهما لإحتياجهما لطلب البركة و تدخل الرب كطرف أول و أساسى فى الإرتباط  .

إنتهى المؤتمر و عدت متألمة و متأملة فى مصير هؤلاء .. و خضت فى تفكير عميق أرجو أن تشاركونى و لا بأس من تصحيح الفكر إذا كان خاطئا .. فأنا دائما أقف عند نص الكتاب المقدس و أقول سمعا و طاعة ، و أقدس النص الكتابى تقديسا كاملا .. و لكن عند التفاسير فأنا لست مجبرة لإعتناق مدرسة معينة من التفسيرات إلا ما يدركه عقلى ، كما أن التفسير ليس ملزما لى بتقديسه أيا كان المفسر مع إحترامى للجميع .
فكرت فى الآية القائلة ( إن من طلق إمرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى ، و من يتزوج بمطلقة يزنى ) .. و نص الآية صريح أنه لا طلاق إلا فى حالة زنا أحد الطرفين .
ثم تطرقت لآية أخرى نصها ( من نظر إلى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه ) .. إذن النظرة و الشهوة فى نظر الكتاب المقدس هى زنا . ألا يحل للغالبية العظمى الطلاق هنا ؟ يكفى الإعتراف من أحد الطرفين أو كلاهما بأنه نظر و إشتهى و يحق له أن يطلب الطلاق من الكنيسة بناء على منطوق الآية . فهل هذا يعقل ؟ و إن كان هكذا أفلا نطبق هذه و لا نطبق تلك ؟
 ثم أمسكت بالكتاب المقدس لأستخرج منه أى موقف يدل على إتمام مراسم زواج داخل الكنيسة أو بين جماعة المؤمنين فلم لأجد .. بداية من البشائر و حتى سفر الرؤيا . و لم يُذكر موقف واحد فى الكتاب المقدس قام فيه السيد المسيح بعمل إكليل و إتمام طقس معين للعروسين و لا تم هذا أيضا فى سرد أحداث الآباء الرسل و لكن هذا لا ينفى أننى أقدس سر الزيجة المقام فى كنيستى أو أى كنيسة أخرى . فكلها طقوس مباركة لطلب البركة و حلول الروح القدس لبركة العروسين و جعل الإثنين واحدا  .

إذن فما الحل ؟
هل الزواج المدنى هو الحل ؟ أنا شخصيا أرى أنه نقمة و ليس نعمة .. لماذا ؟ لسبب بسيط  ألا و هو إحتواءه على بنود لا تمت بصلة لأمن و سلام الزوجين أو الأطفال .. فمثلا يحلل الطلاق لبند ( إستحالة العشرة و إستحكام النفور ) و هنا أتعجب !!!! إستحالة العشرة يكثر فيها الكلام عن دخول طرف ثالث فى حياة أحد الطرفين فيبدأ هذا الطرف فى خلق مشكلات و إبتداع نفور من أى نوع .. أو أن تشكو زوجة من بخل شديد للزوج أو عصبية زائدة أو أن يشكو زوج من نكدية الزوجة ، أو إهمالها أو عدم نظافتها .... إلخ .. و يصبح طلب الطلاق هنا سداح مداح مفتوح لأتفه الأسباب كما نرى فى مجتمعنا الآن .. ناهيك عن تبعات هذا الطلاق من تشريد أطفال و ظاهرة أطفال الشوارع  ..
أرى أنها مشكلة شديدة التعقيد و تحتاج إلى وقفة سريعة و مؤازرة عالية من الكنيسة  دون ضجر و لا ملل .  و كفانا سماع أقوال من يقول : ( اللى عاجبه أهلا وسهلا و اللى مش عاجبه فالطريق واسع أمامه ) .

يا كنيستى .. ويا آباء كنيستى أناشدكم بالإهتمام بهذه القضايا كل قضية على حدة .. فهؤلاء لا يريدون حلولا بعيدة عن الكنيسة .. بل هم أبناء الكنيسة و لتعتبروهم ما تعتبرونه .. معادين أم مشاكسين أم مهاجمين أم أصحاب قضية جارحة .. أيا كان إعتباركم لهم فهم أبنائكم .. و الكنيسة أمهم .. فأى أم لا تسعى إلى ضم أبنائها ؟ أى أم لا تحنو على أبناءها ؟ أى أم تغلق باب بيتها فى وجه أبناءها  ؟
و أخيرا أتضرع قائلة : يا ملك السلام إعطنا سلامك .. قرر لنا سلامك .. و إغفر لنا خطايانا .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت عدد التعليقات: ٣٣ تعليق

الكاتب

هيام فـــاروق

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

وجهـة نظر

وبعدهالكوا؟

ضربنى و بكى .. و سبقنى و إشتكى

الـدُفعـة المنكـوبة

القطيع الضال

جديد الموقع