بقلم: هاني دانيال
يبدو أن فترة الاحتقان الديني في المجتمع ستظل موجودة طالما تتمسك الدولة بانسحابها من المجتمع وعدم تطبيق القانون والحفاظ على هيبته، وهو ما يجعل البعض يتهمها بمحاباة الأقباط كلما حاولت تمرير أمر معين وهناك على الطرف الآخر هجوم شديد من الأقباط للحكومة بسبب تراخيها عن تطبيق القانون وتحقيق العدالة والمساواة في المجتمع وأصبح هناك حالة من الشد والجذب في مرحلة خطيرة يمر بها المجتمع والمنطقة بل والعالم وأصبح كل ما يحدث في العالم له تأثير كبير على المجتمع المصري.
ربما تقول عزيزي القارئ ماذا تقصد مما سبق؟
أقول لك بأن أي متصفح للمواقع الإلكترونية المختلفة سيشهد حالة الاحتقان التي نتحدث عنها عبر نوعية الأخبار المنشورة أو التعليقات، فهناك موقع يقول بأن الحكومة تعد قانون للأحوال الشخصية للأقباط مجاملة لهم قبل زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة وهناك موقع آخر يؤكد أن تخصيص مساحات للأقباط وخاصة أقباط المهجر هدفه جذبهم نحو الاستثمار في مصر والاستفادة منهم في الدعم المالي، وهناك موقع ثالث يربط بين حضور جمال مبارك للقداسات المسيحية ومجاملة الأقباط بسبب حرصه على الفوز بالناخبين الأقباط في حال ترشيحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهناك موقع آخر يؤكد أن كل الحوادث الطائفية التي يشهدها المجتمع سببها أقباط المهجر الذين يتعاونون مع جهات أجنبية لإحراج الحكومة المصرية!
على الجانب الآخر هناك من دافع كثيراً عن حزب الله رغم الاتهامات التي قدمتها النيابة المصرية للمتهمين وعلى الرغم من أن هذه القضية تخص الأمن القومي المصري إلا أن محترفي خلط الأوراق يرون أن الحكومة المصرية مخطئة في الكشف عن هذه القضية وأنه كان من المفروض أن تصمت الحكومة المصرية عن هذه القضية وتغض البصر عنها، خاصة وأن هذه الخلية كانت تعمل لصالح الإخوة في فلسطين وغيرها من التصريحات والمقالات والأخبار العديدة التي يمكن أن يرصدها أي متابع للصحف والمواقع الالكترونية.
الغريب في الأمر أنه لم يعد يفرق أحد بين قضايا محلية وبين قضايا إقليمية وأصبح الدين هو الرابط وليس الجغرافيا أو الحدود السياسية بين الدول ويدفع الثمن المواطن البسيط الذي يقع أسير للإعلام الهدّام وخضوعه للجماعات المحظورة التي تقدم له مساعدات مالية وعينية لتعويض انسحاب الدولة عن رعاية أبنائها.
والأغرب في هذا الموضوع هو محاولة ربط أي محاولة لإصلاح المجتمع من الداخل على أنه اختراق من الخارج في حين أي تدخل من حماس أو حزب الله أو إيران يعد في إطار الدفاع عن الإسلام والمسلمين!! وأن أي هجوم من الحكومة على هذه المحاولات يعد في إطار تراجع الدور المصري الإقليمي أو إن مصر تخشى الانكسار أمام دولة مثل قطر أو إيران، أو أن مصر انكشفت أمام حزب الله المقاوم والذي يفعل ما لم تستطيع أن تقوم به الحكومة المصرية بسبب اتفاقية كامب ديفيد.
وبالطبع القنوات الفضائية تتعامل مع مثل هذه القضايا لشغل ساعات البث لديها وأصبح هناك حالة من الاحتقان في المجتمع والمواطن العادي الذي لم يكن ينشغل بالسياسة ويخشى التحدث فيها نجده حصل على حبوب الشجاعة وأصبح يجد لذة في الهجوم على جاره القبطي في أي مشاحنة بسيطة في ظل وجود خلفية تاريخية تؤكد له عدم المساس به خاصة وأنه يمكن أن يقدم أي تبرير ولو ضعيف للقيام بذلك وأن الموضع غالباً ما سينتهي بجلسة صلح عرفية نظراً لانشغال الحكومة بأمور أخرى.
كما أصبحت هناك حالة من رفض الآخر سواء كان أقباط، بهائيين، أصحاب ديانات أخرى غير الإسلام، أي رأي ضد التشدد والتطرف فالكل في سلة واحدة والنتيجة واحدة طالما تم تغييب القانون وعدم تطبيقه رغم ما يترتب على ذلك من انتقاص لسيادة الدولة!
المهم أن الفترة المقبلة ستشهد العديد من الأمور السلبية طالما ظلت الحكومة على ضعفها الحالي وعدم الشجاعة في مواجهة أي خروج على القانون وسيظل المواطنين يشعرون بضعف الدولة وعدم قدرتها على التدخل، وهذا ربما ما ساعد على انتشار الحركات الاحتجاجية ومحاولات الاعتداء على رجال الشرطة رغم أن المجتمع كان يربط بين كلمة الحكومة والأمن بينما الآن الكل سواسية، فالأمن مشغول بملاحقة السياسيين والمعارضين على حساب الأمن الجنائي والحكومة مشغولة بتبييض وجهها أمام المجتمع الخارجي وترك مواطنيها يعانون من مشكلات عديدة. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|