تزامن صدور العدد الأول من مجلة "مسلم نيوز" في جنيف مع بداية شهر رمضان المبارك. وترمي هذه المحاولة التي سهر على تجسيدها التاجر بوعلام بن سالم، لأن تكون وسيلة اندماج يعبر فيها مسلمو سويسرا الناطقة بالفرنسية عن انشغالاتهم وجسرا لشرح واقع المسلمين لباقي مكونات المجتمع السويسري.
فقد شهدت الساحة الإعلامية في جنيف قدوم مولود جديد يحمل اسم "مسلم نيوز"، وهي أول مجلة إسلامية توزع مجانا في سويسرا. وقد خصص العدد الأول الصادر لشهر رمضان المبارك والأحكام الدينية والعادات والتقاليد المرتبطة به .
عن الدوافع لإصدار مجلة تعنى بقضايا الجالية المسلمة في جنيف وفي المناطق المتحدثة بالفرنسية من سويسرا، يقول السيد بوعلام بن سالم صاحب المبادرة ومالك السوبرماركت الإسلامي "الزاد" في جنيف: "سواء الجالية الإسلامية أو غير الإسلامية بحاجة الى وجود وسيلة إعلامية تُسهم في الوصل بين المسلم وغير المسلم في سويسرا عن طريق جريدة شفافة وقادرة على نقل واقع الإسلام والمسلمين لكل من يتصفحها في جنيف خاصة وفي سويسرا الناطقة بالفرنسية بشكل عام".
وسيلة بيداغوجية وشفافة
يرى السيد بوعلام بن سالم في حديث خاص مع swissinfo.ch أن مسلمي سويسرا "ليست لديهم أية مرجعية في هذا البلد الذي نعيش فيه يمكن الإستعانة بها لفهم دينهم. ومن هذه الناحية نحن لدينا تأخر بحوالي 20 أو 30 سنة عن باقي الجاليات المسلمة في أوروبا مثل بريطانيا وفرنسا التي عرفت كيف تستغل وسائل الإعلام وتوصل أفكارها لخدمة الإسلام والمسلمين".
كما يُراد بجريدة أو مجلة "مسلم نيوز" أن تكون جسرا للتواصل بين مسلمي جنيف وسويسرا عموما وباقي مكونات المجتمع من غير المسلمين، وذلك "من خلال نشر مقالات مبسطة وسهلة الفهم عن الإسلام، وتعكس المبادئ الحقيقية للدين الإسلامي كما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"، مثلما يقول السيد بوعلام بن سالم.
أما عن الشفافية التي على هذه الجريدة الإلتزام بها فيؤكد السيد بوعلام أنها "لا تتبع لأي اتجاه فكري أو سياسي، وهي مفتوحة للجميع ونرحب بمساهمة كل من يرغب في نشر مقال بالجريدة أو من له افكار لتطويرها لخدمة الجالية الإسلامية وخاصة لتوضيح واقع الإسلام .. الإسلام الذي نعيشه كمسلمين في الغرب".
طمأنه مجتمع أصبح يتخوف من الإسلام
إضافة مجلة أو جريدة تحمل اسم "مسلم نيوز" في مجتمع عاش طوال السنة الماضية أزمة مع جاليته المسلمة بسبب مبادرة سياسيين من اليمين المتطرف دعت إلى حظر بناء مآذن جديدة في الكنفدرالية وحظيت بمصادقة أكثر من 57% من الناخبين، ألا يمكن أن يزيد من تأجيج هذا الإحساس المعادي والمتوجس؟
عن هذا التساؤل يجيب السيد بوعلام بن سالم "بالطبع أصبح اسم الإسلام في كل مكان اليوم يثير تخوفا ولكننا درسنا هذا الجانب. وما شجعنا على المضي قُدُما، هو أن بريطانيا التي هي دولة عظمى ولها ماضي استعماري تحتفل فيها الجالية المسلمة هذه السنة بالذكرى العشرين لتأسيس مجلة تحمل نفس الإسم تقريبا". ويضيف بأنه "حتى لو وجد البعض في الإسم شيئا من الإثارة فإن ذلك قد يدفعهم لمحاولة التعرف على المحتوى وهذا ما نهدف له من إثارة لغريزة (حب الإطلاع) عند الإنسان سواء من كانت لديه أفكار إيجابية عن الإسلام أو من له أفكار سلبية عنه".
ملف شهري عن الإسلام والمسلمين
إذا كان العدد الأول قد خصص ملفه لشهر رمضان المبارك فإن مجلة مسلم نيوز تعتزم الصدور في كل مرة بملف يتركز الإهتمام فيه إما على العبادات الإسلامية أو على مشاغل المسلمين في سويسرا. ويقول السيد بوعلام بن سالم "سنتطرق في العدد القادم على سبيل المثال لموضوع الحج ماضيا وحاضرا ومستقبلا من خلال ملف متكامل عن هذا الركن".
وإلى جانب ذلك يصر الساهرون على مجلة "مسلم نيوز"، على أن يكون في كل عدد، موضوع يتطرق بحيادية لقضايا الكنفدرالية السويسرية، ماضيها وحاضرها ومستقبلها. ويرى السيد بوعلام بن سالم أنه "يجب على المسلم السويسري أن يعرف التركيبة السياسية للبلد الذي يعيش فيه. فغالبية مسلمي سويسرا حتى ولو كانوا يتمتعون بحق التصويت فإن القسم الأكبر منهم يجهل تماما طريقة التداول على الحكم ونظام البرلمان بغرفتيه. والأهم من هذا وذاك أن يعرف المسلم ما له من حقوق كمسلم سويسري وما عليه من واجبات".
وإذا كان العدد الأول قد صدر باللغة الفرنسية فقط، فإن الساهرين على المجلة يطمحون في أن يتمكنوا من إصدار العدد القادم باللغات الفرنسية والعربية والإنجليزية. وأشار السيد بوعلام بن سالم إلى أنه "طالبنا قراء كل من اللغة العربية والانجليزية بأن تكون لهم صفحاتهم الخاصة. وهدفنا أن يكون الملف هو المترجم الى اللغات الثلاث على أن يكون القسم الكبر من محتويات المجلة باللغة الفرنسية لأننا نعيش في القسم المتحدث بالفرنسية" من الكنفدرالية.
ردود فعل إيجابية خاصة من غير المسلمين
مع أن عمر الجريدة لم يتجاوز الأسبوع الواحد، فإن وسائل الإعلام السويسرية الناطقة بالفرنسية خصصت لها مكانة بارزة من خلال نشر مقالات في الصحف وتقارير مصورة ومسموعة في بعض القنوات التلفزيونية والإذاعية.
وأكد السيد بوعلام بن سالم أن "ردود الفعل كانت أكثر من الجانب غير المسلم ، وأعتقد بأن إصدار المجلة أتى في الوقت المناسب فالطرفان (المسلم وغير المسلم) في حاجة الى جريدة تسمح بالتواصل" بينهما. وأورد السيد بوعلام مثالا على ذلك يتمثل في رد فعل أحد الصحفيين السويسريين الذي اطلع على ملف الصيام وصرح بأنها "المرة الأولى التي يطلع فيها بشكل مبسط وواضح عن شروط الصيام".
من أجل ذلك، يعتبر السيد بوعلام أن "هذا هو الهدف (من إصدار الجريدة) أي إطلاع غير المسلم على حقيقة الإسلام والمسلمين لأن الإحساس العنصري ينشأ عادة من قلة المعرفة بالآخر".
وفي نهاية هذا الحديث الذي خص به swissinfo.ch عبر السيد بوعلام بن سالم عن الأمل في أن تكون هذه الجريدة "وسيلة حسن الجوار" بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع السويسري. |